عزيز غالي وتصريحات مثيرة للجدل: دعم للأطروحات الانفصالية تحت غطاء حقوق الإنسان
بوشعيب البازي
أثار عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، موجة جدل واسعة بعد تصريحاته الأخيرة التي تعارض خيار الحكم الذاتي في الصحراء المغربية وتدعم ما يسميه “تقرير المصير”. هذه المواقف التي تنسجم مع أطروحات خصوم الوحدة الترابية، بما في ذلك النظام الجزائري وجبهة البوليساريو الانفصالية، دفعت العديد من الفاعلين الحقوقيين والسياسيين إلى التساؤل حول الخلفيات الحقيقية لهذه التصريحات.
ما يثير القلق في تصريحات غالي هو استخدامه لخطاب حقوق الإنسان كغطاء لتبرير مواقف تخدم مصالح جهات خارجية، خاصة النظام العسكري الجزائري، الذي لا يخفى دعمه لجبهة البوليساريو. إعادة الترويج لمزاعم “تقرير المصير” تعيد إنتاج نفس الخطاب القديم الذي ثبت فشله أمام مبادرات واقعية مثل مقترح الحكم الذاتي الذي قدمته المملكة المغربية، والذي لقي إشادة واسعة من المجتمع الدولي كحل سياسي ودائم للنزاع.
غالي لم يتوقف عند هذا الحد، بل ذهب إلى حد الدفاع عن المتورطين في أحداث أكديم إزيك، التي شهدت اعتداءات دموية على أفراد من القوات العمومية، مدعيًا أن “الأمن المغربي استفزهم”، متجاهلًا تمامًا الأدلة الدامغة التي تثبت تورطهم في جرائم وحشية’.
في تصريحات اعتبرها العديد مستفزة، ألقى عزيز غالي باللوم على المغرب في توتر العلاقات مع الجزائر، زاعمًا أن مطالبة المملكة بحقها المشروع في الصحراء هي السبب وراء الأزمة. هذا الطرح يتجاهل السياق التاريخي والدولي للنزاع، ويغض الطرف عن تدخلات الجزائر المستمرة في القضية ودعمها المادي والسياسي لجبهة البوليساريو.
تصريحات غالي المتكررة التي تتماهى مع الأطروحات الانفصالية أثارت استياءً واسعًا في الأوساط الحقوقية والسياسية. مطالب عديدة تعالت بضرورة مساءلة غالي والجمعية التي يرأسها حول خلفيات هذا الخطاب الذي يتناقض مع الدور الحقيقي للجمعيات الحقوقية. هذه الأخيرة، بدلًا من أن تكون صوتًا للدفاع عن حقوق الإنسان في إطار الوحدة الوطنية، أصبحت منصة لترويج مزاعم تخدم خصوم البلاد.
تصرفات غالي تطرح تساؤلات عن مدى استقلالية الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وحول احتمال وجود ارتباطات خارجية تؤثر على مواقفها. فالوطنية ليست خيارًا بل التزامًا، وأي جمعية أو شخصية حقوقية تتجاوز هذا الالتزام تفقد مصداقيتها أمام الرأي العام.
قضية الصحراء المغربية ليست ملفًا سياسيًا قابلًا للمساومة، بل هي قضية وطنية تمثل أحد ثوابت الدولة المغربية. المبادرة المغربية للحكم الذاتي حظيت بإجماع دولي ودعم متزايد كحل وحيد للنزاع، في مقابل رفض المجتمع الدولي لأطروحات الانفصال التي تتبناها الجزائر والبوليساريو.
تصريحات غالي لا تنفصل عن محاولاته السابقة لتبني نفس الخطاب الانفصالي، ليس فقط فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، بل حتى في دعمه للانفصاليين الريفيين في مناسبات دولية، مثل تجمعات عقدت في بروكسل. هذه المواقف المتكررة تضعه في موقف متناقض مع الدور المنتظر من الجمعيات الحقوقية، التي يفترض أن تعمل على الدفاع عن القضايا الوطنية وتعزيز قيم الوحدة والسلام.
في ظل هذه التصريحات المثيرة للجدل، تعالت أصوات حقوقية وسياسية تطالب بمساءلة عزيز غالي والجمعية التي يرأسها حول دوافع وأهداف هذا الخطاب. فالجمعيات الحقوقية لها دور أساسي في الدفاع عن حقوق الإنسان دون الانخراط في أجندات سياسية أو التماهي مع مواقف تهدد سيادة الوطن ووحدته.
هذه التصريحات ليست مجرد تعبير عن رأي شخصي، بل تحمل في طياتها خطرًا على الوحدة الترابية للمملكة، خاصة عندما تتماهى مع أطروحات أعداء الوطن. كما أنها تثير الشكوك حول استقلالية الجمعية التي يرأسها غالي ومدى ارتباطها بأجندات خارجية تسعى إلى تقويض الاستقرار الوطني.
من الضروري في هذا السياق أن تظل الجمعيات الحقوقية وفية لمبادئها الأساسية، التي تتمثل في الدفاع عن الحقوق والحريات دون المساس بالقضايا الوطنية. قضية الصحراء المغربية ليست مجرد ملف سياسي، بل هي قضية سيادية ترتبط بالهوية الوطنية ووحدة التراب المغربي.
تصريحات عزيز غالي تطرح تحديات كبيرة أمام المجتمع المدني المغربي، الذي يحتاج إلى تعزيز دوره في الدفاع عن المصالح الوطنية ومواجهة محاولات التشويش التي تستهدف البلاد.
على الجمعيات الحقوقية أن تكون واضحة في مواقفها، وأن تعمل على تعزيز الوحدة الوطنية بدلًا من الانخراط في خطاب يخدم أجندات مشبوهة. سيادة المملكة المغربية ووحدتها الترابية ليست قابلة للنقاش أو التلاعب، وهي مسؤولية جماعية تتطلب اليقظة والتعبئة المستمرة للدفاع عنها.
تصريحات عزيز غالي ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة من التحركات التي تستهدف المغرب، لكنها لن تؤثر على الإجماع الوطني حول قضية الصحراء المغربية، الذي يظل صامدًا في وجه كل محاولات التشويش.