لطالما كانت العلاقة بين المواطن المغربي والمسؤولين في الحكومة والبرلمان مشوبة بعدم الثقة. يكثر الحديث عن “الوعود الكاذبة”، تلك الوعود التي يطلقها المرشحون خلال الحملات الانتخابية، واعدين بتحسين أوضاع المواطنين وتوفير خدمات صحية وتعليمية تليق بالجميع. لكن بمجرد وصولهم إلى المناصب، تنقلب الأمور رأسًا على عقب، ويغرق المسؤولون في دوامة من الامتيازات الشخصية، متجاهلين تطلعات الشعب الذي أوصلهم إلى السلطة.
يعيش المغاربة حلقة متكررة من الخذلان مع كل دورة انتخابية. يُطل المسؤولون في الحملات الانتخابية محملين بخطابات تمتلئ بالوعود الطموحة لتحسين البنية التحتية، إصلاح التعليم والصحة، ومحاربة الفساد. لكن بمجرد انتهاء الانتخابات، تُنسى هذه الوعود. يتبدل خطاب المسؤولين من لغة التعاطف مع المواطن إلى التذرع بالصعوبات الاقتصادية أو “التحديات العالمية”، متناسين أنهم وعدوا بحلول عملية، وليس أعذارًا.
في المغرب، يعاني المواطنون من نقص حاد في الخدمات الصحية والتعليمية. المستشفيات تعاني من نقص في المعدات والأطر الطبية، مما يجعل الحصول على علاج مناسب حقًا بعيد المنال. أما التعليم، فقد تحول إلى قطاع مثقل بالمشاكل، حيث تزداد الفجوة بين التعليم العمومي والخاص، ويظل أطفال الفقراء محرومين من جودة التعليم التي يحظى بها أبناء الأغنياء.
النتيجة هي شعب يشعر بالإقصاء في وطنه، بينما تُستغل خيرات البلاد في خدمة قلة من النخب السياسية والاقتصادية. يعيش الكثير من المسؤولين في رفاهية بفضل الامتيازات التي يحصلون عليها، من رواتب مرتفعة وتعويضات سخية، بينما يعاني المواطن البسيط لتأمين قوت يومه.
المفارقة الكبرى هي أن المسؤولين لا يتذكرون المواطنين إلا مع اقتراب الانتخابات. في هذه الفترة، يزورون الأسواق، يجلسون بين البسطاء، ويتحدثون عن “مشاكل الشعب”. لكن، بمجرد انتهاء الحملات الانتخابية، يعود هؤلاء المسؤولون إلى مكاتبهم الفاخرة، تاركين الشعب يواجه مشاكله بنفسه.
يتجلى الفرق الشاسع بين حياة المسؤولين والشعب في نمط العيش. المسؤولون يعيشون في رفاهية، يتنقلون بسيارات فارهة، ويستفيدون من ريع المناصب. في المقابل، يعاني المواطن المغربي من البطالة، غلاء الأسعار، وغياب الخدمات الأساسية. هذه الفجوة بين الطبقتين تعمق الإحساس بالظلم وتؤجج الغضب الشعبي.
يتساءل الكثيرون عن دور الملك في مواجهة هذا الوضع. رغم أن الملك محمد السادس يطلق مبادرات تنموية كبرى مثل “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” ومشاريع أخرى تهدف إلى تحسين مستوى العيش، إلا أن التنفيذ الفعلي لهذه المشاريع يتعطل غالبًا بسبب الفساد وسوء التسيير من طرف المسؤولين.
إن استمرار هذا الوضع يثير تساؤلات كبيرة حول مستقبل المغرب. ما لم يتم اتخاذ خطوات جادة لمحاسبة المسؤولين الفاسدين وتحقيق العدالة الاجتماعية، سيبقى الشعب المغربي يعاني من التهميش والحرمان. المطلوب هو إرادة سياسية حقيقية للإصلاح، تبدأ بمساءلة المسؤولين ومراقبة أعمالهم، وإشراك المواطنين في صنع القرار.
الشعب المغربي يستحق العيش بكرامة، وليس مجرد وعود تُنسى بعد الانتخابات.