طوى البرلمان الأوروبي صفحة المجموعة البرلمانية المشتركة التي تطلق على نفسها “مجموعة الصحراء الغربية”، في قرار يمثل ضربة موجعة لجبهة بوليساريو الانفصالية وداعمتها الجزائر بفقدانهما أحد أهم أذرعهما في المؤسسة التشريعية الأوروبية، فيما يشير هذا الإجراء إلى أن الاتحاد الأوروبي بدأ عمليا في إرسال إشارات واضحة على تمسكه بشراكته الإستراتيجية مع المغرب وصونها من أي تحرك للوبيات المعادية لمصالح المملكة.
ومنذ انطلاق الدورة البرلمانية الحالية للمؤسسة التشريعية الأوروبية فشلت الجزائر وبوليساريو في الدفع باتجاه إعادة تأسيس المجموعة التي عملت خلال الأعوام الأخيرة على ترويج الادعاءات والأكاذيب بهدف الإضرار بمصالح المملكة، بينما نجحت الدبلوماسية المغربية في إحباط كافة مخططاتها.
واتهمت الجبهة الانفصالية حزب العمال الاشتراكي الإسباني الذي يتزعمه رئيس الوزراء بيدرو سانشيز بتجميد هذه المجموعة وهو ما لا يمت للواقع بصلة، إذ كشفت وسائل إعلام أيبيرية أن “تشكيلها يستوجب موافقة ثلاث مجموعات من أعضاء البرلمان الأوروبي”، موضحة أن “نواب حزبي الخضر واليسار صوتوا لصالحها، في حين سحبت الكتلة الاجتماعية الديمقراطية دعمها”، ما أدى إلى إنهاء وجودها داخل البرلمان الأوروبي.
ولطالما أثارت هذه المجموعة جدلا داخل الأوساط الأوروبية بسبب دعمها للطروحات الانفصالية، فيما نبهت العديد من الشخصيات والأحزاب من مغبة التشويش على العلاقات المتنامية بين التكتل والمملكة.
وقال ممثل جبهة البوليساريو لدى الاتحاد الأوروبي عمر منصور إن مجموعة دعم البوليساريو “موجودة في البرلمان الأوربي منذ أكثر من 20 عاما”، لافتا إلى أن “المجموعة الاشتراكية بسبب عضوية أغلبية أعضائها في الحزب الاشتراكي الإسباني لم تدعم إنشاء هذه المجموعة”.
وينسف هذا القرار الأوهام التي نسجتها الجبهة الانفصالية على قرار محكمة العدل الأوروبية ببطلان اتفاقيتي الزراعة والصيد بين الرباط والتكتل وسعيها إلى استغلاله للفت الأنظار إليها في وقت تواجه فيه عزلة تتفاقم يوما بعد مع انفضاض أغلب داعميها من حولها واعتبارها كيانا غير شرعي.
ويقيم هذا التطور الدليل على أن الاتحاد الأوروبي بدأ عمليا في إثبات تمسكه بشراكته الإستراتيجية مع المملكة، ما يشير إلى أنه التقط الرسالة التي وجهها المغرب منذ نحو أسبوعين على لسان وزير خارجيته ناصر بوريطة الذي أكد أن بلاده تنتظر أفعالا لا أقولا تترجم حرصه على استمرار هذه الشراكة.
وجدد المغرب تمسكه بثوابته الوطنية ورفضه لأي اتفاقيات على حساب سيادته الترابية واستطاع فرض موقفه طيلة جولات التفاوض مع التكتل بشأن تجديد اتفاقية الصيد البحري.
ونجحت الدبلوماسية المغربية في التصدي للعديد من الحملات التي نفذتها لوبيات بعضها مدفوع من الجزائر عبر الترويج لادعاءات زائفة تهدف إلى التشويش على العلاقات الراسخة بين الاتحاد الأوروبي والرباط.
ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول للمغرب بنحو 70 بالمئة من المبادلات التجارية، بينما تدعم العديد من دوله سيادته على صحرائه وتؤيد مقترح الحكم الذاتي تحت سيادته لإنهاء النزاع المفتعل.