النيابة العامة تتحرك لوضع حد للتجاوزات الأخلاقية على وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب

بوشعيب البازي

في السنوات الأخيرة، شهدت منصات التواصل الاجتماعي في المغرب تحولًا كبيرًا من وسيلة للتواصل وتبادل الأفكار إلى ساحة للفوضى الأخلاقية والممارسات المسيئة، حيث باتت بعض الحسابات تسعى لتحقيق “البوز” بأي ثمن. استغلال هذه المنصات لبث التفاهات، التشهير، السب، والقيام بتصرفات تخدش الحياء العام أصبح ظاهرة مقلقة، الأمر الذي دفع النيابة العامة للتحرك بقوة لفرض النظام وحماية المجتمع من هذه الانزلاقات.

تشهد منصات مثل تيكتوك وإنستغرام انتشارًا واسعًا لمحتوى لا يضيف أي قيمة، بل يهدف بالأساس إلى إثارة الجدل وتحقيق نسب مشاهدات عالية بأي وسيلة كانت. بعض المؤثرين يلجؤون إلى بث مقاطع مباشرة تتضمن مشاهد لا أخلاقية، مثل ليالٍ حمراء، رقص بملابس شفافة، أو تصريحات مسيئة تثير الفتن بين الأفراد والجماعات. هذه السلوكيات لا تسيء فقط إلى صورة المجتمع المغربي وقيمه، بل تتسبب أيضًا في تعريض الأطفال والمراهقين لمخاطر نفسية وأخلاقية جسيمة.

إدراكًا لخطورة هذه الظاهرة وتأثيرها السلبي على النسيج الاجتماعي، باشرت النيابة العامة المغربية سلسلة من الإجراءات الرامية إلى الحد من هذه التجاوزات. تم فتح تحقيقات في عدد من القضايا المرتبطة ببث محتوى مسيء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتمت متابعة عدد من الأشخاص بتهم تتعلق بالإخلال بالحياء العام، التشهير، والتحريض على الكراهية.

التحرك القضائي يأتي في إطار السعي لفرض رقابة قانونية على استخدام هذه المنصات، وضمان التزامها بالقوانين المغربية التي تجرم نشر المحتوى المسيء أو الذي يهدد أمن المجتمع وأخلاقياته.

و مع ازدياد استخدام الأطفال والمراهقين لهذه المنصات، يصبح تأثير المحتوى المسيء أكثر خطورة. فبدلاً من أن تكون وسائل التواصل أداة للتعليم والإلهام، تحولت إلى مصدر للضياع القيمي والانحراف الأخلاقي. ومن هنا تأتي أهمية التدخل لحماية النشء من التعرض لمثل هذه التأثيرات السلبية، سواء عبر تشديد الرقابة القانونية أو تعزيز دور الأسرة والمدرسة في توعية الأجيال الصاعدة.

إلى جانب دور الجهات القضائية، يُعتبر وعي المجتمع أساسيًا في التصدي لهذه الظاهرة. من الضروري أن يكون هناك حوار مفتوح حول استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مسؤول، إلى جانب تعزيز القيم الأخلاقية والتربوية. كما يجب على المستخدمين الإبلاغ عن المحتوى المسيء، وعدم التفاعل مع الحسابات التي تروج للتفاهة أو الإساءة.

التحرك الذي اتخذته النيابة العامة في المغرب يُعد خطوة هامة نحو ضبط الفوضى التي تعم وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنه يبقى جزءًا من حل أكبر يتطلب تضافر جهود الحكومة، المجتمع المدني، والأسر. الحفاظ على القيم الأخلاقية وحماية الأجيال القادمة مسؤولية مشتركة، ووسائل التواصل الاجتماعي يجب أن تبقى أداة للبناء والتقدم، لا ساحة للتفاهة والانحراف.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: