في مسعى لمواكبة المرحلة الجديدة من الشراكة الاستثنائية الوطيدة بين المغرب وفرنسا، اتفق رئيس مجلس النواب المغربي راشيد الطالبي العلمي ونظيرته رئيسة الجمعية الوطنية بالجمهورية الفرنسية، يائيل براون بيفيه، على إعطاء بعد برلماني لهذه الشراكة في إطار تجسيد الإرادة المشتركة لتعزيز العلاقات البرلمانية الثنائية ومتعددة الأطراف، والتعامل مع كافة التحديات كالأمن، والذكاء الاصطناعي، والهجرة.
ونظرا لأهمية الزيارة وفي إطار تعزيز آليات التعاون البرلماني بين البلدين استقبل رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الخميس، رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية، وذلك لتكريس الشراكة الاستثنائية الوطيدة، الرامية إلى كسب التحديات بشكل أفضل، وذلك عبر تعبئة جميع القطاعات المعنية بالتعاون الثنائي والإقليمي والدولي.
وثمن أخنوش اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على صحرائه، ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي في إطار الوحدة الترابية المغربية، كأساس وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل. وأبرز أهمية الشراكة المغربية – الفرنسية في أفريقيا، مع أهمية التشاور والتنسيق بشأن القضايا ذات الاهتمام البرلماني المشترك، وتعزيز أدوار مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية – الفرنسية.
وطرح الجانبان، سبل إعطاء ديناميكية جديدة لعلاقات التعاون بين مجلس النواب المغربي والجمعية الوطنية الفرنسية، حيث تم التأكيد على أهمية تقوية الحوار والتشاور وتبادل الخبرات بين المؤسستين التشريعيتين، كما تم التطرق لقضايا ذات الاهتمام البرلماني المشترك وسبل مواجهة التحديات الراهنة.
وأكد خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية، أن “هذا التعاون هو انعكاس لطبيعة الشراكة المبتكرة القائمة على التوافقات السياسية والدبلوماسية، خاصة في ما يتعلق بموقف الدولة الفرنسية من قضية الصحراء المغربية، وغيرها من الأسس التي تعتبر قائمة لكي تمتد من خلالها شراكات لعقود طويلة، تدعمها اتفاقيات لتأطير العلاقات في المجالات العامة.”
وأضاف في تصريح لـه، أن “تطور الدبلوماسية البرلمانية مرتهن بتعزيزها بالفعل العلمي والمعرفي والإمكانيات المادية للبرلمان، خدمة للحاجيات الإستراتيجية من أجل دبلوماسية فعالة ومؤثرة،” لافتا إلى “أهمية دور البرلمان في الإقناع بعدالة القضايا الوطنية، خصوصا قضية الوحدة الترابية.”
ولإبراز برنامج التعاون الثنائي، استعرض رئيس مجلس النواب أمام رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية، البرامج الكبرى التي انخرطت فيها المملكة تحت قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس لاسيما المبادرة الملكية الأطلسية التي ستمكن الدول الأفريقية من الولوج إلى المحيط الأطلسي، كما بين تطور المسلسل الديمقراطي واستعرض الإصلاحات المؤسساتية التي عرفتها المملكة المغربية واختصاصات مجلس النواب دستوريا.
ويندرج التوقيع على برتوكول التعاون البرلماني بين المؤسستين التشريعيتين، في إطار تجسيد الإرادة المشتركة لتعزيز العلاقات البرلمانية الثنائية ومتعددة الأطراف، وكذلك التمسك بمبادئ وقيم دولة الحق والقانون والديمقراطية؛ وتشبثا منهما بالاحترام المتبادل لسيادة الدول ووحدتها الترابية.
وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، على “أهمية الدبلوماسية البرلمانية كداعم لتوجهات السياسة الخارجية،” مشددا على “ضرورة تطوير الأداء الدبلوماسي للبرلمانيين المغاربة بغرفتيه، والحضور المكثف والفعال في مختلف اللقاءات الثنائية للدفاع عن المصالح الإستراتيجية للبلدين.”
وبموازاة ذلك أكد رئيس مجلس المستشارين محمد ولد الرشيد، أثناء مباحثات مع نظيره، جيرار لارشي، رئيس مجلس الشيوخ بجمهورية فرنسا، عبر التناظر المرئي، على “أهمية البعد البرلماني في توطيد العلاقات الثنائية بين البلدين، لاسيما من خلال آليتين أساسيتين ومنصتين متميزتين للحوار البرلماني الاستراتيجي؛ وهما مجموعتي الصداقة البرلمانية بالمجلسين والمنتدى البرلماني المغربي – الفرنسي.”
وأوضح رئيس مجلس المستشارين أن هذا “اللقاء يكتسي دلالة خاصة، حيث يأتي في أعقاب الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس إيمانويل ماكرون إلى المملكة المغربية، بدعوة كريمة من الملك محمد السادس، والتي دشنت فصلا جديدا من التاريخ والمستقبل المشترك للبلدين، تجسد في الإعلان المشترك الذي وقعه جلالته والرئيس الفرنسي، والذي ارتقى بالعلاقات الثنائية إلى مستوى شراكة استثنائية وطيدة.”
وأشاد ولد الرشيد بالموقف التاريخي الذي عبرت عنه فرنسا في قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية، والذي يندرج في إطار ديناميكية الدعم الدولي المتنامي للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، والتي تحظى بتأييد متزايد من المجتمع الدولي، إيمانا منه برؤية المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، لمستقبل الصحراء المغربية.
من جهته تطرق الجانب الفرنسي، إلى دور مجموعات الصداقة في ترسيخ الشراكة البرلمانية المغربية الفرنسية، والارتقاء بالعمل البرلماني الثنائي في سياق الموقف التاريخي لفرنسا الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية ولمبادرة الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، باعتبارها الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي عادل ومستدام، معبرا عن تطلعه إلى مواصلة العمل المشترك مع مجلس المستشارين، وتعميق التشاور والتنسيق الهادف لخدمة المصالح الحيوية للبلدين والشعبين الصديقين.
ويراهن الطرفان الفرنسي والمغربي على مواصلة العمل المشترك والتنسيق والتشاور، كقناة موازية للعمل الدبلوماسي الرسمي، وذلك لإعطاء الزخم الحقيقي للعلاقات البرلمانية بين المجلسين، خدمة لمصالح البلدين والشعبين الصديقين، من خلال استئناف اجتماعات المنتدى البرلماني المغربي – الفرنسي، وتقاسم التجارب والخبرات على مستوى الإدارة البرلمانية.