أصبحت مهنة الصحافة، التي تعد السلطة الرابعة في المجتمع، عرضة لاستغلال بعض الأفراد الذين يفتقرون إلى المؤهلات الأكاديمية والمعرفية اللازمة لممارستها. في العديد من الحالات، يلجأ هؤلاء الأشخاص إلى إنشاء مواقع إلكترونية، خصوصًا في دول أجنبية، ليمنحوا أنفسهم لقب “صحفي” بين ليلة وضحاها، دون إدراك منهم لما تتطلبه الصحافة من مسؤوليات وأخلاقيات وقواعد مهنية صارمة.
هذا و يعاني العديد من هؤلاء المتطفلين على المهنة من نقص حاد في المهارات الأساسية، مثل القواعد اللغوية والنحوية التي تعد ركيزة كتابة المقالات الصحفية. بل إنهم غالبًا ما يخلطون بين أنواع المقالات المختلفة، كالمقال الصحفي، والمقال الأدبي، ومقال الرأي، والمقال التحليلي أو العمودي، وحتى المقال الافتتاحي.
إن استغلال مهنة الصحافة يؤدي إلى تدهور مصداقية الإعلام وتشويه صورة الصحفيين المحترفين الذين بذلوا جهدًا لاكتساب العلم والخبرة اللازمة. بالإضافة إلى ذلك، يلجأ بعض المنتحلين إلى استخدام بطاقات صحفية مزورة (غالبًا مصممة باستخدام برامج مثل “فوتوشوب”) لابتزاز المواطنين أو تحقيق مكاسب شخصية.
كما أن القانون يحمي المهن الحساسة مثل الطب والمحاماة من الانتحال، فإنه يخصص مهنة الصحافة بموجب ضوابط ومعايير يجب الالتزام بها. فالصحافة ليست مجرد لقب أو بطاقة، بل هي مهنة تعتمد على الدقة، والمصداقية، وأخلاقيات الممارسة. لذلك، فإن انتحال صفة صحفي يعد جريمة تستوجب العقاب، نظرًا لما تحمله هذه الصفة من تأثير مباشر على الرأي العام وعلى سمعة الأفراد والمؤسسات.
و للتصدي لهذه الظاهرة، يجب أن تتكاتف الجهود بين المؤسسات الإعلامية والجهات التشريعية، من خلال وضع ضوابط صارمة لترخيص المواقع الإلكترونية الإخبارية، وتوعية الجمهور حول الفرق بين الصحفي المحترف والمنتحل وتشديد العقوبات على كل من يثبت تورطه في انتحال صفة صحفي أو استخدام بطاقات مزورة.
فالصحافة ليست مهنة سهلة المنال، بل هي مسؤولية كبرى تتطلب من حاملها أن يكون على قدر عالٍ من العلم، والأخلاق، والمهنية. استغلال هذه المهنة من قبل أفراد غير مؤهلين لا يهدد فقط مصداقية الإعلام، بل يفتح الباب أمام الفوضى والتضليل. لذلك، يجب التحرك بوعي وحزم للحفاظ على مكانة هذه المهنة ودورها المحوري في بناء مجتمعات قائمة على الحقيقة والشفافية.