تضع الحكومة المغربية ملف التشغيل في سلم اهتماماتها بهدف الحدّ من نزيف البطالة المتواصل، حيث خصصت 1.4 مليار دولار، ضمن قانون المالية للسنة المقبلة لدعم وإنعاش سوق العمل وتوفير فرص العمل اللائق لجميع الفئات الاجتماعية.
أكد عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية، في اجتماع موسع مع وزرائه وعدد من رؤساء المؤسسات العمومية، الثلاثاء، أن الحكومة تمر اليوم إلى السرعة القصوى في ملف التشغيل، ومن المرتقب أن تساهم خارطة طريق قطاع التشغيل في إنعاش فرص الشغل اللائق لجميع الفئات الاجتماعية في المجالين الحضري والقروي رغم الإكراهات الظرفية، كما ستفعّل حزمة من الإجراءات ذات الأثر الميداني على المدى القريب والمتوسط، لتسريع وتيرة تنزيل البرامج المنتجة لفرص الشغل.
وفي إطار تنفيذ التوجيهات الملكية السامية الهادفة إلى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة للبلاد، أكد بلاغ رئاسة الحكومة، أن المبلغ المالي المرصود لهذا البرنامج سيُوجه لتفعيل خارطة طريق قطاع التشغيل التي تعتزم الحكومة الإعلان عنها في أقرب الآجال بهدف تعزيز ديناميكية القطاع، بتوفير فرص شغل لائقة لجميع الفئات الاجتماعية، رغم التحديات الاقتصادية الراهنة.
وقال يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات في تصريح للصحافة عقب اجتماع خصص لموضوع إنعاش التشغيل، أنه “سيتم في هذا الإطار اعتماد برامج دقيقة تتمثل في التدرج المهني، وبرنامج خاص مع الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات لمساعدة الأشخاص غير الحاصلين على دبلومات، بالإضافة إلى برامج مهمة للتكوين تشمل العالم القروي، وتتم في إطار مقاولات صغيرة ومتوسطة بميزانية مهمة جدا.”
وأضاف الوزير أن “هذه العملية ينبغي أن تشمل كافة التراب الوطني”، مشددا على “ضرورة تبسيط إجراءات الاستفادة بالنسبة للباحثين عن عمل، وكذلك بالنسبة للمقاولات، خاصة الصغرى والمتوسطة،” مشيرا إلى أن “الاجتماع شكل مناسبة للتداول في هذه القضايا بشكل دقيق، وأنه من خلال هذه البرامج الدقيقة والغلاف المالي المخصص لها، وكذا جاهزية الإدارة، سنساهم في التغلب على معضلة البطالة.”
وخصصت الحكومة المغربية 14 مليار درهم، (1.4 مليار دولار)، ضمن قانون المالية 2025 لدعم وإنعاش سوق العمل.
واعتبر إدريس الفينة، رئيس مركز الدراسات الاستشرافية، أن “هذا الاجتماع فرصة للحكومة لكي تتأطر بالتوجيهات الملكية فيما يخص التشغيل، من خلال تبني سياسة استثمارية وتشغيلية فعالة ترتكز على إطلاق مشاريع تشغيل محددة مع الحرص على ضمان التوزيع العادل للاستثمارات التي تقوم بها.”
وأضاف في تصريح لـه، أنه “سيتم توجيه الاستثمارات عبر آليات متعددة إلى مشاريع تنموية مستدامة في المناطق الأقل نموا تشمل دعم السياحة والفلاحة المستدامة، وتطوير الصناعات المحلية، وتوفير الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والبنية التحتية، وأن هذه المقاربة قد تساهم في تحسين مستوى العيش في تلك المناطق، وتقلل من النزوح القروي وتعزز الاستقرار الاجتماعي.”
ولفت إدريس الفينة، أنه “رغم عمل الحكومة على الزيادة في حجم الاستثمارات في المغرب خلال السنوات الأخيرة، فإن قدرة هذه الاستثمارات على توفير مناصب شغل مهمة لا تزال ضعيفة،” مؤكدا أن “تواصل نزيف مناصب الشغل في العالم القروّي نتيجة حتمية لتوالي ست سنوات من الجفاف، لهذا فالحكومة مطالبة بالعمل على النزول إلى الميدان لإعداد دراسات يمكن الاستناد إليها لابتكار الحلول.”
وتولي خارطة الطريق الجديدة اهتماما خاصا للعالم القروي، من خلال مراعاة تحديات تدبير الموارد المائية وتعزيز مشاريع التنمية القروية. كما ستستفيد المقاولات الصغرى والمتوسطة، باعتبارها محركا أساسيا لخلق فرص العمل، من إجراءات دعم وتكوين متخصصة تهدف إلى تسريع إدماج الباحثين عن الشغل في سوق العمل، وفق ما جاء في بلاغ رئاسة الحكومة.
كما تتضمن خارطة الطريق تدابير لتعزيز التكوين المهني وتطوير المهارات، بما يتماشى مع احتياجات السوق. وستعمل الحكومة على تفعيل شراكات مع القطاع الخاص والمؤسسات الوطنية، مثل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، لتسريع وتيرة تنفيذ المشاريع التنموية وتوسيع قاعدة المستفيدين من برامج التشغيل.
وتدرك الحكومة المغربية حساسية ملف التشغيل وثقله السياسي والاقتصادي والاجتماعي، إذ أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، عقب هذا الاجتماع الذي حضره إلى جانب وزراء القطاعات الحكومية المعنية أيضا مسؤولو المندوبية السامية للتخطيط والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أن “الحكومة جعلت ملف التشغيل من أهم أولوياتها، لاسيما خلال النصف الثاني من ولايتها، مذكرة بأن قانون المالية لسنة 2025 خصص لهذا الملف ميزانية تقدر بـ14 مليار درهم، كما ستعلن الحكومة خلال الأيام المقبلة عن إستراتيجية واضحة للتفاعل مع ملف التشغيل على المدى القصير، (سنة 2026)، إضافة إلى برنامج آخر يمتد على المدى المتوسط والطويل لتوفير فرص الشغل على نحو مستدام.”
أوضحت نادية فتاح، أن “برنامج العمل يتمحور حول تدابير تهم الاستثمار، لاسيما في الشركات الصغرى والمتوسطة باعتبارها منتجا لفرص الشغل، وتدابير خاصة بالعالم القروي والقطاع الزراعي، تفرضها الحاجة لإيجاد حلول في ظل أزمة الجفاف، مع التركيز بقوة على التدريب نظرا لأهميته في تسريع الإدماج في عالم الشغل.”