الدور الخافت لمجلس الجالية المغربية بالخارج: تساؤلات حول أدائه ومصداقيته
بوشعيب البازي
منذ تأسيسه، أثار مجلس الجالية المغربية بالخارج العديد من التساؤلات حول دوره الفعلي وتأثيره على حياة المغتربين في مختلف بقاع العالم. على الرغم من أنه يعتبر هيئة استشارية معنية بشؤون الجالية المغربية في الخارج، فإن تقييم أدائه يظل موضوعًا مثار جدل واسع بين أفراد الجالية والمراقبين على حد سواء.
لقد مرَّ مجلس الجالية المغربية منذ إنشائه بتطورات كثيرة، لكن دورَه ظل محدودًا للغاية في سياق معالجة القضايا التي تهم المغتربين بشكل يومي، ما جعل العديد من الأفراد يتساءلون عن جدوى وجود هذا المجلس من حيث تقديم الاستشارات الفعالة أو اتخاذ قرارات تصب في مصلحة الجالية المغربية المقيمة في الخارج.
تم تأسيس مجلس الجالية المغربية بالخارج في عام 2007 بموجب ظهير ملكي، وكان من المفترض أن يُشكل جهازًا استشاريًا يعنى بمختلف القضايا التي تخص الجالية المغربية المقيمة في الخارج، سواء فيما يتعلق بالحماية القانونية، أو تيسير عملية الاندماج في البلدان المستقبلة، أو الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية.
لكن، على مر السنين، بدا أن المجلس قد فشل في تحقيق أهدافه الطموحة، وقلما نشهد تأثيرًا ملحوظًا في التعامل مع قضايا الجالية. بمعنى آخر، لم يظهر المجلس بمستوى الفاعلية الذي كان يُتوقع منه. الاستشارات التي يقوم بها المجلس تبدو في الغالب غير مؤثرة أو غير متناسبة مع حجم التحديات التي تواجه الجالية، خاصة في ما يتعلق بالمشاكل الاقتصادية، القانونية، أو حتى الاجتماعية التي يعاني منها العديد من أفراد الجالية في الخارج.
من النقاط المثيرة للجدل حول عمل مجلس الجالية المغربية بالخارج هي طريقة صرف ميزانية المجلس. يشير العديد من المنتقدين إلى أن المجلس قد قام بتمويل بعض الصحف والمشاريع الإعلامية التي تشوه صورة الوطن أو تنشر أيديولوجيات معادية لسياسات المملكة، وهو أمر يثير تساؤلات كبيرة حول أهداف هذا التمويل.
أحد المشاريع المثيرة للانتقاد هو إنشاء جريدة إلكترونية من طرف المجلس، التي تعمل بشكل مستمر على تقديم صورة وردية غير واقعية عن إنجازات المجلس، وتُطبل لقيادة المجلس بشكل مبالغ فيه، بدلًا من أن تُعنى بالقضايا الحقيقية التي تواجه الجالية. هذه الجريدة لا تقدم أي نقد بناء أو حلول عملية، بل تروج لأجندات تتناقض مع واقع الجالية المغربية في الخارج.
على الرغم من أن مجلس الجالية المغربية يُعتبر مؤسسة تمثل مصالح المغتربين، فقد أثيرت العديد من التساؤلات حول كيفية صرف الأموال المخصصة للمجلس. فوفقًا لبعض المصادر والمراقبين، إن أمين عام المجلس، عبد الله بوصوف، قد وجه أموال الجالية نحو تبرعه بالسفريات إلى بعض الأشخاص بالخارج، بالإضافة إلى الإقامة في الفنادق الفاخرة، وهو ما يثير الشكوك حول نزاهة هذه المصاريف ومدى ملاءمتها مع الأهداف الأصلية للمجلس.
إن بعض التقارير تشير إلى أن عبد الله بوصوف ومسؤولين آخرين في المجلس يتجهون إلى إنفاق الأموال التي من المفترض أن تكون موجهة لدعم الجالية في الخارج على أمور غير ذات صلة بالمصلحة العامة، مثل تجميع الأموال لصالح الإعلام المغربي، مع أن الغالبية العظمى من الجالية المغربية لا ترى قيمة مضافة في هذه الوسائل الإعلامية التي تطبل لهذا المجلس.
إن غياب المحاسبة الدقيقة حول كيفية صرف الأموال والتعامل مع قضايا الجالية جعل العديد من المغتربين يتساءلون عن الدور الحقيقي لعبد الله بوصوف في المجلس. هل هو فعلاً مهتم بشؤون الجالية المغربية، أم أن اهتمامه يقتصر على تقديم تقارير حول الإنجازات التي تصب في صالح أجندات أخرى؟
من المعروف أن المجلس يقدم تقارير دورية حول نشاطاته، لكن تلك التقارير غالبًا ما تكون موجهة لجهات معينة، ولا تُعرض على الجالية بشكل شفاف. كما أن الرقابة الداخلية حول كيفية توزيع الأموال أو مراقبة الأداء تظل ضبابية، ما يزيد من قلق المغتربين حيال فعالية المجلس وقدرته على تحسين أوضاعهم.
على الرغم من وجود العديد من الهيئات والمؤسسات التي تعنى بشؤون الجالية المغربية بالخارج، فإن الحاجة ملحة لإيجاد آلية حقيقية وفعالة لتلبية احتياجات المغتربين باتت أكثر من أي وقت مضى. إن وجود مجلس الجالية المغربية، بما أن هدفه الأساسي هو الاستشارة والمساعدة، يجب أن يتسم بالشفافية والمصداقية.
من المهم أن يتوقف مجلس الجالية عن التركيز على المشاريع الإعلامية والسفريات الفاخرة، وأن تعاد هيكلة هذه المؤسسة بتغيير شامل لكل الأعضاء الذين يشتغلون بها إلى هيئة فعّالة تشارك في تطوير سياسات تضمن الحقوق الاقتصادية، القانونية، والاجتماعية للمغتربين، فضلاً عن التواصل الفعّال مع هؤلاء المغتربين بشكل يتيح لهم التعبير عن مطالبهم وأخذ آرائهم بعين الاعتبار في اتخاذ القرارات.
إذا كان مجلس الجالية المغربية بالخارج قد بدأ كمؤسسة تهدف إلى دعم ومساعدة المغتربين، فإن ممارساته اليوم تثير العديد من الأسئلة حول فعاليته. ما يزال الدور الاستشاري للمجلس غامضًا، والكثير من الأفراد يتساءلون عن كيفية صرف ميزانيته. و من الضروري أن تتم مراجعة شاملة لآليات عمل المجلس وأهدافه، بالإضافة إلى ضرورة إشراك الجالية في صناعة القرارات التي تخصها بشكل فعلي.