أُطيح بنظام بشار الأسد يوم الأحد 8 ديسمبر، حيث سيطر المتمردون المسلحون على العاصمة دمشق دون أدنى مقاومة، مما وضع حدًا لنظام دام نصف قرن. الجزائر، التي كانت الدولة الوحيدة عالميًا التي عبرت عن دعمها الصريح والمطلق للنظام السوري، تواجه الآن عزلة إقليمية ودولية متفاقمة مع سقوط آخر حليف عربي لها في الشرق الأوسط.
منذ بداية الحرب الأهلية السورية عام 2011، كان سقوط نظام الأسد مسألة وقت، خصوصًا في ظل الربيع العربي الذي هز أركان أنظمة استبدادية في المنطقة. لكن الجزائر، التي رأت في سقوط دمشق تهديدًا لمصيرها الخاص، تمسكت بدعم الأسد ظنًا منها أن هذا الدعم سيمنع انهيار النظام. في الوقت نفسه، تدخلت روسيا لحماية مصالحها الاستراتيجية في سوريا، بينما قدم كل من حزب الله وإيران دعمًا عسكريًا مؤقتًا لبقاء النظام، قبل أن ينهزم هذا التحالف مؤخرًا، مما سرّع من انهيار الأسد.
استغرق تحالف المتمردين السوريين، الذي ضم أطيافًا مختلفة من الإسلاميين، الأكراد، الليبراليين والدروز، 12 يومًا فقط، منذ بدء هجومهم المفاجئ يوم 27 نوفمبر، وحتى سيطرتهم الكاملة على دمشق في 8 ديسمبر. بهذا الهجوم، أنهوا عقودًا من الحكم المطلق لعائلة الأسد، حيث مارس بشار ووالده هيمنة بلا منازع على سوريا.
في الوقت الذي كانت فيه بوادر انهيار النظام السوري واضحة، تمسكت الجزائر بمواقف متجاوزة للواقع، مستمرة في دعم نظام فقد السيطرة على كبرى المدن السورية مثل حلب وحماة. وفي 3 ديسمبر، بينما كان سقوط الأسد وشيكًا، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانًا يدعم النظام السوري، واصفة المعارضة بـ”الإرهابيين”.
وفي هذا البيان، أكدت الجزائر دعمها الكامل لسوريا، مشددة على تضامنها مع النظام السوري في مواجهة ما وصفته بـ”التهديدات الإرهابية”. كما وعدت الجزائر بالدعوة إلى عقد اجتماعات طارئة في مجلس الأمن وجامعة الدول العربية لدعم النظام السوري، في خطوة تعكس سوء تقدير واضحًا للواقع الجيوسياسي.
تزامن البيان الجزائري مع اللحظات الأخيرة لنظام الأسد، حيث غادر بشار سوريا إلى وجهة مجهولة، مما أظهر عجز الجزائر عن قراءة الأحداث الجارية بدقة. هذه الخطوة تعيد للأذهان الإهانة التي تعرضت لها الجزائر خلال قمة جامعة الدول العربية في نوفمبر 2022، حين رفضت الدول العربية دعوة النظام السوري لحضور القمة التي انعقدت في الجزائر العاصمة.
سقوط نظام الأسد يثير تساؤلات حول مستقبل النظام الجزائري نفسه، خصوصًا في ظل التشابهات العديدة بين النظامين. تمسك الجزائر بحليف يحتضر يعكس حالة من العمى السياسي ويعطي إشارات للعالم بأن مصير الجزائر قد لا يكون بعيدًا عن مصير سوريا الأسد.