“دبلوماسية الملك محمد السادس: تعددية، إشعاع عالمي، ورؤية استراتيجية لتعزيز مكانة المغرب”
بوشعيب البازي
أكد السفير والممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، يوم الجمعة في الداخلة، أن دبلوماسية الملك محمد السادس تتميز بكونها دبلوماسية تعددية بامتياز، تتمتع بإشعاع دولي قوي “تحسد عليه بشكل كبير”. وأوضح هلال، في مداخلته خلال منتدى “المغرب الدبلوماسي- الصحراء”، أن الدبلوماسية الملكية لا تقوم على أساس واحد، بل هي دبلوماسية شاملة ومتعددة الأبعاد، تحظى بـ مصداقية كبيرة لأنها تلتزم بالشفافية ولا تخفي أي أجندة خاصة، كما أنها قائمة على قناعات راسخة ومُستمدة من تاريخ عريق.
وفي سياق حديثه عن 25 عامًا من الدبلوماسية الملكية، أشار هلال إلى أن هذه الدبلوماسية منخرطة في جميع القضايا العالمية، حيث تسعى إلى أن تكون فاعلاً رئيسيًا في إيجاد الحلول، لا إلى إثارة الفوضى. وأضاف أن المغرب يحظى بالاحترام الدولي لأنه يحمل رسالة الاعتدال ويسهم في نشر القيم الكونية.
كما أشار السفير إلى أن الدبلوماسية الملكية تحظى بشعبية واسعة لكونها متميزة في بناء جسور التعاون بين الدول والمجموعات الإقليمية. وقد لجأت العديد من الدول إلى الدبلوماسية المغربية لتولي مسؤوليات دولية أو إقليمية أو لتيسير عمليات معقدة ومتعددة الأطراف، مما يعزز الثقة والمصداقية في مواقف المغرب.
الدبلوماسية الروحية والتضامن الدولي
سلط هلال الضوء على الدبلوماسية الروحية التي تمثل جانبًا أساسيًا من الدبلوماسية الملكية. وشرح أن الملك محمد السادس، بصفته أمير المؤمنين، يقود دبلوماسية روحية تهدف إلى نشر الإسلام المعتدل وتعزيز ثقافة السلام، مع التركيز على الحوار بين الأديان والثقافات. كما أن هذه الدبلوماسية تسعى إلى مكافحة التطرف العنيف وخطاب الكراهية، وتدعو إلى التعايش السلمي بين الشعوب.
وأضاف هلال أن الدبلوماسية الملكية تتسم أيضًا بـ التضامن مع الشعب الفلسطيني، وتعتبر القضية الفلسطينية جزءًا من الوجدان الوطني للمغرب، مما يضمن أنها تظل في صميم السياسة الخارجية للملك.
من جانب آخر، أكد هلال أن دبلوماسية حقوق الإنسان التي يقودها الملك قد أسهمت بشكل كبير في تعزيز صورة المغرب الديمقراطي، الذي يتشبث بدولة القانون ويفتح أبوابه للحداثة مع احترام المبادئ العالمية لحقوق الإنسان. كما أن الدبلوماسية الإنسانية للمغرب تستند إلى قيم الإيثار والتضامن، وهو ما يعكس روح التضامن التاريخية مع الفئات الهشة في مختلف أنحاء العالم.
توجهات دبلوماسية شاملة
وتابع هلال أن دبلوماسية الملك محمد السادس تتبنى التعاون جنوب-جنوب، حيث حرص الملك على تعزيز العلاقات مع القارة الإفريقيةمن خلال زيارات متعددة، حيث أجرى أكثر من 50 زيارة لدول إفريقية، مما أسهم في فتح أسواق جديدة للقطاع الخاص المغربي في تلك البلدان. كما أن دبلوماسية الملك تركز على تعزيز الجوار الأوروبي، والمساهمة في حفظ السلام على الصعيدين الإقليمي والدولي.
أسس قوة الدبلوماسية الملكية
وأوضح هلال أن دبلوماسية الملك منذ ربع قرن ترتكز على ركائز أساسية، تمثل قوة وخصوصية هذه الدبلوماسية، مثل: القدسية العميقة للقضية الوطنية و الاستقلالية التامة في اتخاذ القرارات و الشفافية التامة مع الشركاء الدوليين والشجاعة في اتخاذ المواقف دون مجاملات أو تنازلات.
كما أشار إلى أن هذه الدبلوماسية تتميز بـ المرونة والجرأة في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية، مع طموح المملكة في تعزيز مكانتها بين الدول المؤثرة عالميًا، والالتزام الثابت بمبادئ السلام والتنمية وحقوق الإنسان، وفقًا لميثاق الأمم المتحدة.
دور المغرب في تعزيز السلام
وفي ما يتعلق بالسلام والأمن الدوليين، أكد هلال أن المغرب يلتزم بحل النزاعات سلميًا ويدعم القضايا العادلة، ويواصل تعزيز التضامن والتعايش السلمي مع الشعوب الأخرى، مع الحرص على الاستباقية في معالجة القضايا.
قضية الصحراء: أولوية ثابتة
وبخصوص قضية الصحراء المغربية، أكد هلال أن هذه القضية تظل أولوية دائمة في السياسة الخارجية للملك محمد السادس منذ توليه العرش. وأوضح أن الاهتمام الكبير الذي يوليه الملك لهذه القضية، ومتابعته المستمرة لها، قد أسهم في رفع الوعي الدولي بعدالة القضية، وجعلها قضية وجود للمملكة وليس فقط قضية وحدة ترابية.
وأبرز السفير أن الجهود المتواصلة التي بذلها الملك في التوعية بقضية الصحراء قد أسفرت عن دعم دولي واسع، حيث اعترفت دول كبرى، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، بمغربية الصحراء، فضلاً عن دول عربية وإفريقية وأمريكا اللاتينية التي فتحت قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة.
رؤية الملك محمد السادس الدبلوماسية
وختم هلال بالإشارة إلى أن الملك محمد السادس يحمل رؤية دبلوماسية متجددة تتناغم مع العصر. واعتبره دبلوماسيًا بارعًا في فن الوساطة وصانع تسويات بين الأطراف المختلفة. وخلص إلى أن الملك يطمح إلى تعزيز الإشعاع الدبلوماسي للمملكة ليعكس تاريخها العريق وقيمها الإنسانية، مع إيمانه الكبير في مستقبل مشرق للمغرب.