في خضم التوترات السياسية والإعلامية، تبرز تساؤلات حول مدى تأثير تيار “كلنا إيرانيون” في المغرب على تشكيك الرأي العام والنخب المغربية في الرواية الرسمية. فقد استندت الدولة المغربية إلى أدلة قدمتها أجهزة المخابرات المغربية وشركاؤها الدوليون، والتي كشفت عن تورط إيران وميليشيا حزب الله في دعم ميليشيات البوليساريو، وهو ما دفع الرباط لاتخاذ قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران.
بحسب ما صرح به الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية ووزير الخارجية، استندت المملكة إلى عملية استخباراتية دقيقة شملت ثلاث عواصم ومنطقة عمليات في مخيمات تندوف، وامتدت لأكثر من عامين. كشفت العملية عن دعم إيراني، تحت إشراف الحرس الثوري وحزب الله، لتسليح وتدريب قوات البوليساريو بأسلحة نوعية كصواريخ “سام 9” و”سام 11” ومنظومات “ستريلا 2”. تم ذلك عبر تنسيق مع ضباط مخابرات جزائريين، وفق رواية السلطات المغربية.
اعتمدت العملية على أساليب متطورة مثل المعلومات البشرية (HUMINT) لتجنيد مصادر في العمق، إلى جانب تحليل المعلومات المفتوحة (OSINT) والبيانات الجغرافية المكانية (GEOINT) لتتبع التحركات والأنشطة. مكّنت هذه الأدوات الأجهزة المغربية من كشف الشبكات المعادية بين إيران، الجزائر، وحزب الله، وتحديد مسارات الدعم اللوجستي والأسلحة.
رغم قوة الأدلة التي قدمتها الرباط، واجهت الرواية الرسمية حملة تشكيك واسعة من قبل بعض التيارات السياسية والإعلامية داخل المغرب. وُصفت هذه الحملة بأنها محاولة لتسجيل نقاط سياسية لصالح أطراف فقدت شعبيتها عقب تراجع نفوذها الانتخابي بسبب سوء الأداء الحكومي السابق.
المثير للجدل أن بعض الصحافيين والنشطاء فضلوا التشكيك في الموقف المغربي الرسمي بدلًا من مطالبته بالشفافية، بينما تبنوا دون مساءلة مواقف إيران وحزب الله. هنا يُطرح السؤال: هل الهدف من هذا التشكيك هو دعم تيار سياسي معين أم تحقيق مكاسب إعلامية مؤقتة؟
على الصعيد الإقليمي، تواجه إيران تراجعات كبيرة في نفوذها. من هزائمها في سوريا واليمن إلى تقلص قدرتها على الردع عبر حلفائها في لبنان وغزة، بات النظام الإيراني يبحث عن مخارج دبلوماسية لتخفيف الضغط الدولي.
و يرى مراقبون أن إحدى استراتيجيات إيران للخروج من مأزقها هي تحسين علاقاتها مع دول إقليمية محورية مثل المغرب. ولكن هذا التحرك يصطدم بقرارات سيادية اتخذتها الرباط لحماية أمنها القومي، أبرزها قطع العلاقات مع طهران. ورغم ذلك، تعمل إيران على قلب الحقائق وتقديم نفسها كضحية مؤامرات خارجية لتبرير سياساتها الإقليمية.
فالشعب المغربي معروف بدعمه التاريخي للقضية الفلسطينية، وهو تضامن يعبر عنه الملك محمد السادس بصفته رئيس لجنة القدس. ومع ذلك، هناك فارق بين التضامن الصادق واستغلال القضية الفلسطينية للمزايدات السياسية. فقد حاولت بعض الأطراف استغلال دعم إيران للمقاومة الفلسطينية لتبرير سياساتها العدائية تجاه المغرب، متجاهلة أن كثيرًا من الجماعات المدعومة من طهران توجه أنشطتها ضد استقرار دول المنطقة بدلًا من التركيز على تحرير فلسطين.
إن التحديات الأمنية والسياسية التي تواجه المغرب تبرز أهمية القرارات السيادية لحماية أمنه القومي. ورغم التشكيك الذي يثيره بعض الأطراف، تظل المؤسسات المغربية حريصة على العمل بحرفية عالية للدفاع عن مصالح المملكة. أما إيران، فإن خروجها من أزمتها الإقليمية لن يتحقق إلا بتغيير جذري في سياساتها، بما في ذلك التخلي عن التحالفات العدائية مثل تلك التي تجمعها بالجزائر وجماعات مسلحة تهدد استقرار المنطقة.