الهجرة، بالنسبة للكثيرين، تمثل أملًا في حياة أفضل وهروبًا من ظروف صعبة في أوطانهم. ولكن بالنسبة للمرأة التي تهاجر بدون وثائق إقامة قانونية، يمكن أن يتحول الحلم إلى كابوس، حيث تصبح عرضة لشتى أنواع الاستغلال، من بينها الاستغلال الجنسي تحت غطاء الزواج الوهمي. هذه الظاهرة ليست مجرد انتهاك لحقوق الإنسان، بل هي جرح عميق يمس كرامة المرأة ويترك أثرًا مدمّرًا على حياتها وحياة أطفالها.
في غياب الوثائق القانونية التي تمنح المرأة حق الإقامة، تجد نفسها في وضع هش يجعلها فريسة سهلة للمستغلين. يقدم بعضهم وعودًا زائفة بالزواج لتوفير وضع قانوني لها، لكن الواقع يكشف عن نوايا مغايرة. بمجرد استغلالها جنسيًا أو عاطفيًا، تُترك هذه النساء وحيدات، غالبًا وهنّ يواجهن الحمل والأمومة بمفردهن.
عندما تصبح المرأة المهاجرة أمًّا نتيجة هذا الاستغلال، تزداد معاناتها. فهي تواجه تحديات متعددة: إعالة طفلها، إيجاد مأوى، وتوفير حياة كريمة لهما في ظل غياب الدعم أو الحماية القانونية. وغالبًا ما تجد نفسها محاصرة بين شعورها بالمسؤولية تجاه طفلها والخوف من الترحيل، مما يجعل حياتها في حالة مستمرة من عدم الاستقرار النفسي والاجتماعي.
الاستغلال الجنسي والترك يعمّق من جراح المرأة المهاجرة. فهي لا تعاني فقط من التهميش، بل من وصمة اجتماعية تجعلها هدفًا للانتقادات، حتى من داخل مجتمعها المهاجر. هذا الأمر يعزلها عن أي شبكة دعم محتملة، ويؤدي إلى انهيار ثقتها بالآخرين وحتى بنفسها.
لحماية المرأة المهاجرة من هذا النوع من الاستغلال، يجب أن تتبنى المجتمعات المستقبلة سياسات شاملة تهدف إلى توفير الدعم القانوني و منح النساء المهاجرات بدون وثائق الحماية اللازمة، مما يقلل من تعرضهن للاستغلال، توفير مراكز لإيواء النساء اللاتي تعرضن للاستغلال، مع تقديم خدمات نفسية واجتماعية لهن ، كما أن تعزيز حملات توعية داخل المجتمعات المهاجرة لتوضيح مخاطر الزواج الوهمي وكيفية التبليغ عن الاستغلال ، وتطبيق عقوبات صارمة على الأفراد الذين يستغلون هشاشة النساء المهاجرات.
استغلال المرأة المهاجرة، خاصةً تلك التي تفتقر إلى وثائق الإقامة، يعد وصمة في جبين الإنسانية. إن توفير بيئة تحترم كرامة المرأة وتحميها من الاستغلال ليس فقط واجبًا أخلاقيًا، بل هو خطوة نحو بناء مجتمعات أكثر عدلًا وإنصافًا. يجب أن تتكاتف الجهود الدولية والمحلية لضمان حقوق هذه الفئة التي تُترك غالبًا للنسيان.