وزارة الصحة المغربية: لا مجال لتشريع قانوني يمنع هجرة الأطباء المغاربة إلى الخارج
ماموني
لا يزال نزيف هجرة الأطباء إلى الخارج يقلق الحكومة المغربية، وهو ما عبّر عنه عدد من نواب الأحزاب، في المقابل يرى وزير الصحة أمين التهراوي أنه لا مجال لوضع نص قانوني يمنع هؤلاء من الهجرة.
أكدت وزارة الصحة المغربية عدم سنّ إطار قانوني يمنع هجرة أطباء البلاد إلى الخارج، في وقت يرفض فيه برلمانيون استمرار هجرة الأطباء المغاربة إلى الخارج، معتبرين أن هذه الظاهرة تتطلب مراجعة القانون من أجل تقييدها.
وتتواصل هجرة الأطباء والكوادر الصحية في المغرب نحو الخارج وأوروبا في الوقت الذي يعاني فيه القطاع الصحي بالمغرب من نقص كبير على مستوى العنصر البشري الصحي والكفاءات الطبية.
وكشف وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي أن “هجرة الأطر الصحية نحو الخارج إشكال كبير، وأسبابه عديدة،” مفيدا بأنه “لا يمكن وضع تشريعات لمنع الأطباء من الهجرة، غير أن بعضهم يمكن أن يعود إلى المغرب بعد الاستفادة من الخبرة والتجربة.”
وأوضح وزير الصحة أمام مجلس المستشارين، أثناء مناقشة الميزانية الفرعية للوزارة، أن “التدابير التي سيتخذها المغرب لمعالجة هجرة الأطباء تتركز أساسا على تحسين ظروف العمل، وذلك بتطوير البنية التحتية لترقى إلى المعايير الدولية،” لافتا إلى أن “المستشفى الجامعي محمد السادس بطنجة، والمستشفى الجامعي بأغادير الذي سيتم افتتاحه قريبا، يتضمنان تجهيزات مهمة ومتطورة جدا وهي ستمكن المهنيين من الاشتغال في مجال عصري ربما أفضل مما يوجد بعدد من البلدان التي نعتبرها متقدمة.”
برلمانيو حزب الحركة الشعبية في المغرب نبّهوا إلى التداعيات السلبية لاستمرار هجرة الأطر الصحية إلى الخارج
وأشار وزير الصحة إلى أنه “حان وقت مراجعة التعريفة الوطنية المرجعية بصفة تدريجية وعلى مراحل بتنسيق مع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،” داعيا إلى أن “تتم المراجعة خلال سنتين.”
وحسب معطيات تقرير وضعه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فإن عدد الأطباء الذين هاجروا خارج المغرب يتراوح بين 10 آلاف و14 ألف طبيبا، ما يعني أن طبيبا واحدا من كل ثلاثة أطباء يمارس مهنته خارج أرض الوطن، فهجرة المئات من الأطباء سنويا نحو البلدان الأوروبية خاصة أدت إلى نقص حاد في الأطر الطبية في المغرب، إذ تصل حاجة البلاد إلى 32 ألف طبيب إضافي بينما يعمل حاليا في القطاع 23 ألف طبيب فقط يتوزعون على 9021 طبيبا بالقطاع العام و14622 طبيبا في القطاع الخاص.
وقال الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية بالمغرب، إن “هجرة الكفاءات الطبية ظاهرة مقلقة للقطاع الصحي بالمغرب.”
وأضاف في تصريح لـه أنه “لا يمكن لأيّ منظومة صحية النجاح في ظل ضعف مواردها البشرية، ومشكلة الهجرة ستتفاقم أكثر خلال السنوات المقبلة، مع تزايد الطلب على الأطباء من الدول الغربية الكبرى، التي تستنفد كفاءات دول الجنوب،” مذكرا بأرقام دراسة حديثة، توضح أن 70 في المئة من طلاب السنة الأخيرة بكليات الطب بالمغرب، أبدوا رغبتهم في الهجرة.
هناك أطباء يرفضون العمل في الأماكن البعيدة عن المركز والتي تعرف تفاوتا كبيرا على مستوى البنيات التحتية والمرافق
ويوضح الطيب حمضي أن “العجز الحاصل سيؤثر على البرامج الصحية التي أطلقتها الرباط، التي تعول على القطاع في مشروعات تعميم التغطية الاجتماعية وتوسيع وصول المغاربة إلى الخدمات الصحية بحلول عام 2025، وأن مشروعات التغطية الصحية الشاملة وتعميم التأمين الإجباري على المرض سترفع من أعداد الأشخاص الراغبين في الاستفادة من الخدمات الصحية المختلفة، مما سيفرض بالمقابل “تحديات جديدة في ظل النقص المشار إليه.”
وفي السياق ذاته اقترح فريق الاتحاد الاشتراكي داخل مجلس النواب، تخصيص تحفيزات مالية إضافية للأطباء المشتغلين في القطاع العام، تكون ملائمة للظروف الصعبة التي يشتغلون فيها، كما دعا إلى التعاون مع قطاعات أخرى، كالجماعات، من أجل توفير الشروط الكفيلة بضمان ظروف حياة أفضل للأطباء وأسرهم، مثل المدارس وغيرها، فيما أكد برلمانو حزب الاستقلال على أن “الحق في الصحة حق دستوري لجميع المغاربة، ولكن للأسف نشتكي من قلة الموارد البشرية في المستشفيات، وخاصة الأطباء، رغم أن كليات الطب تخرّج عددا مهما من الأطباء كل سنة، لكنهم يفضلون الهجرة إلى الخارج عوض العمل داخل الوطن، فهل نكوّنهم من أجل تصديرهم؟”
من جهتهم نبه برلمانيو حزب الحركة الشعبية إلى التداعيات السلبية لاستمرار هجرة الأطر الصحية إلى الخارج، ذاكرين المعطيات التي تضمنها تقرير للمجلس الوطني لحقوق الإنسان حول نزيف الأطباء، الذي أشار إلى أن ثلثي خريجي كليات الطب والصيدلة هاجروا، كما أن الثلثين المتبقيين يحلمان بالهجرة.
ولا يقتصر الأمر فقط على هجرة الأطباء المغاربة إلى الخارج، بل إن منهم من يرفض العمل في الأماكن البعيدة عن المركز والتي تعرف تفاوتا كبيرا على مستوى البنيات التحتية والمرافق وشبكة الطرقات مقارنة مع باقي الجهات، لهذا اقترح الاتحاد الاشتراكي التفكير في إعمال مبدأ الخدمة المدنية كآلية لمواجهة رفض الأطباء العمل في المناطق النائية، مقترحا إلزامهم بالعمل لمدة معينة في المناطق النائية قبل الانتقال إلى “المحور المحظوظ”، في إشارة إلى المدن الكبرى.
وأعلنت الحكومة المغربية مجموعة من الإجراءات للحد من هجرة الأطباء، كان من بينها توفير عدد أكبر من خريجي الأطر الصحية لسد النقص الذي تشكو منه المنظومة الصحية على مستوى الموارد البشرية بسبب هجرة الأطباء وكوادر طبية أخرى، ومراجعة وضعية الأطباء وظروف اشتغالهم، وإصلاح وضعية ممارسة المهنة من خلال توسيع مجالات التكوين والتدريب بالمستشفيات الجامعية الجديدة أو التي في طور البناء أو الدراسة.