المغرب ينسخ اختراقاته الدبلوماسية في ملف الصحراء من أفريقيا نحو قارة أميركا الجنوبية
ماموني
تجني المملكة المغربية مواقف دولية إضافية، فبعد حصد نتائج في قارة أفريقيا، تتزايد الاعترافات بالصحراء المغربية في قارة أميركا الجنوبية، وهو ما يعزز مقترح الحكم الذاتي الذي تطرحه المملكة في النزاع المفتعل منذ العام 2007.
يحقق المغرب نجاحات مهمة على الصعيد الدولي في قضية الصحراء المغربية، تمثلت في سحب المزيد من الدول اعترافها بجبهة بوليساريو الانفصالية، مقابل تزايد الدعم لمقترح الحكم الذاتي الذي تطرحه المملكة، وآخر هذه النجاحات تمثل في إعلان بنما سحب اعترافها بالجبهة التي طالما اعتبرت معقلا للطرح الانفصالي، إلى جانب دعم كومنولث دومينيكا وغرينادا وسانت لوسي لمبادرة المملكة.
واستطاعت الدبلوماسية المغربية نسخ تجربة انفتاحه على عدد كبير من دول أفريقيا باعتماد مبدأ الشراكات الاقتصادية والتنموية لتحويل ميزان القوى في أميركا الجنوبية لصالح قضيته الوطنية، ويعزز قرار جمهورية بنما وعدد من دول أميركا الجنوبية الديناميكية الدولية التي تنخرط فيها عدة بلدان القارة الأفريقية ودول العالم، من أجل التوصل إلى حل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، على أساس مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب منذ العام 2007.
وبعد قرار بلاده تعليق الاعتراف بـ”الجمهورية الصحراوية” الوهمية، أكد وزير الخارجية البنمي خافيير إدواردو مارتينيز – أشا فاسكيز، أن هذا القرار يفتح صفحة جديدة في العلاقات بين المملكة المغربية وبلاده، في حين أكد نظيره المغربي ناصر بوريطة، عزم المغرب وبنما على إعطاء زخم جديد للتعاون الثنائي، كما شدد الطرفان، خلال لقاء الأربعاء، على أهمية تعزيز الإطار القانوني للتعاون الثنائي وتفعيل آلية المشاورات السياسية بين وزارتي الشؤون الخارجية بالبلدين.
وتندرج هذه المرحلة الجديدة في إطار بث الديناميكية في العلاقات بين المغرب وبنما إثر البرقية التي بعث بها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى رئيس جمهورية بنما، خوسي راؤول مولينو، بعد قرار بلاده تعليق أي اعتراف بـ”الجمهورية الصحراوية” الوهمية، وبفضل رؤية العاهل المغربي من أجل تعاون جنوب – جنوب قائم متضامن وفعال.
ويأتي تعليق بنما لاعترافها ببوليساريو عشية بداية ولايتها كعضو غير دائم بمجلس الأمن الدولي، اعتبارا من أول يناير 2025، والذي سيساهم في البحث عن حل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، في إطار المحددات التي تضمنها القرار الأخير لمجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
وأكد هشام معتضد، الأكاديمي والباحث في الشؤون الإستراتيجية، على “نجاح الاختيارات الدبلوماسية للمغرب داخل أفريقيا وأميركا الجنوبية، مع تراجع الأطروحة الانفصالية نتيجة تحولات إستراتيجية تعكس تغير ميزان القوى الإقليمي والدولي لصالح مبادرة الحكم الذاتي للحل في الصحراء.”
وأضاف في تصريح لـه، أن “المغرب، يتمتع بوضوح رؤيته الإستراتيجية واستطاع اختراق معاقل كانت في وقت قريب داعمة للحركة الانفصالية،” لافتا أن “التحولات الأخيرة تُظهر بوضوح أن المشروع الانفصالي يندحر، بينما يرسخ المغرب مكانته كقوة إقليمية ودولية قادرة على إعادة تشكيل الخرائط الدبلوماسية، لتسهيل اختراقاته القادمة بتعزيز موقفه الإقليمي والدولي داخل أميركا الجنوبية وتوسيع شبكة تحالفاته، مستفيدا من الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي التي أضحت مرجعا واقعيا ومقبولا دوليا.”
وتابع معتضد، أن “هذا التحول يعكس انتقال الرباط من سياسة رد الفعل إلى دبلوماسية التأثير، التي لا تستهدف فقط الحكومات بل تمتد إلى الأحزاب والبرلمانات والنخب السياسية والاقتصادية والثقافية، لخلق حالة اجتماعية وسياسية واعية بطبيعة النزاع في الصحراء المغربية وأبعاده التاريخية والسياسية،” معتبرا أن “الديناميكية التي تعرفها الدبلوماسية البرلمانية في التعريف والدفاع عن قضية الوحدة الترابية، تجمع بين الإقناع والاستثمار في المصالح المشتركة على مستوى دول أميركا الجنوبية بتعزيز موقعه كفاعل موثوق به على الساحة الدولية، يساهم في الاستقرار والتنمية”. كما أكد أن “النهج الذي سلكه في أفريقيا يتضح جليا في اختراقه للأسواق وإبرامه شراكات إستراتيجية، تعكس التزاما عمليا بتحقيق المنفعة المتبادلة.”
وعلقت الإكوادور كذلك اعترافها ببوليساريو بإغلاق تمثيليتها على أراضيها، كما جددت غرينادا، الخميس بالرباط، التأكيد على “دعمها للوحدة الترابية ولسيادة المغرب على كامل أراضيه،” وأبرز الوزير الأول لغرينادا، ديكون ميتشل، في بيان مشترك، تم اعتماده عقب المباحثات التي أجراها مع ناصر بوريطة، التزام المملكة، بفضل الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس، من أجل تعزيز تعاون مثمر مع منطقة الكاريبي.
من جهته أكد الوزير الأول لسانت لوسيا، فيليب جوزيف بيير، الخميس بالرباط، “دعم بلاده الكامل لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط المغربي للحكم الذاتي باعتباره الحل الوحيد الموثوق به والجاد والواقعي من أجل التسوية النهائية للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية،” معربا عن بالغ تقديره لرؤية الملك محمد السادس من أجل تعاون جنوب – جنوب متضامن وفاعل.
وإلى جانب اعترافات دول أميركا الجنوبية بالحكم الذاتي حلا للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، تمت ترقية البرلمان المغربي إلى صفة “شريك متقدم” ضمن منتدى “فوبريل” الذي يجمع رؤساء المجالس التشريعية بأميركا الوسطى والكرايب والمكسيك، الخميس، ما يعكس تحولا مستمرا في مواقف دول أميركا الجنوبية لصالح المبادرة المغربية.
وأجرى رئيس مجلس النواب المغربي، رشيد الطالبي العلمي، بمقر المجلس، لقاءات ثنائية مع رؤساء وممثلي المؤسسات التشريعية بأميركا الوسطى والكارييب والمكسيك “الفوبريل”، عقب اختتام الاجتماع الاستثنائي الـ30 لمنتدى “الفوبريل” الذي احتضنه البرلمان المغربي يومي 27 و28 نوفمبر الجاري.
وأكد رؤساء وممثلو المؤسسات التشريعية “الفوبريل” على أهمية الدبلوماسية البرلمانية في تعزيز أواصر التعاون بين المغرب ومختلف بلدان “الفوبريل”، حيث استحضر رئيس مجلس النواب، التحديات المشتركة بين المغرب ودول المنطقة، كما استعرض التنمية الشاملة ومتعددة الأبعاد التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، مشيرا إلى أن مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب من أجل التسوية النهائية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية يحظى بالدعم الدولي، حسب بيان مجلس النواب.