“الصراع المغربي الجزائري في أوروبا: دعم الانفصاليين وسيناريوهات ما بعد البوليساريو”

بوشعيب البازي

في السنوات الأخيرة، تصاعدت حدة التوتر بين المغرب والجزائر، واتخذت أشكالًا مختلفة، من بينها التحركات التي تتم في أوروبا، حيث ظهرت تقارير حول دعم الجزائر لبعض الجهات الانفصالية بهدف معارضة المغرب على الساحة الدولية.

و أحد الأمثلة البارزة كان تحوّل بعض الانفصاليين المقيم في ألمانيا من “مقدم ” في بلده الأم إلى رئيس حزب معارض يُطلق عليه “الحزب الوطني  الريفي”. هذا الحزب يروج لرؤية تتبنى أفكارًا انفصالية تحت شعار الدفاع عن مصالح منطقة الريف المغربية، مما أثار انتقادات واسعة، خاصة مع التقارير التي تفيد بدعم مالي خارجي كبير.

وفقًا لمصادر متعددة، تسعى الجزائر إلى دعم هذه الحركات كجزء من استراتيجية أوسع لمناهضة المغرب، خاصة بعد تراجع نفوذ البوليساريو على المستوى الدولي. وقد أُشير إلى تحويل مبالغ طائلة لدعم “الحزب الوطني الريفي”، من بينها 500,000 يورو مؤخرًا. هذا الدعم يُنظر إليه على أنه محاولة لخلق بدائل لمشروع البوليساريو الذي بدأت الجزائر تفقد ثقتها فيه بسبب التغيرات الجيوسياسية.

و يتفق محللون أن الدبلوماسية الجزائرية فقدت الكثير من نفوذها بسبب سياسة معاداة المغرب التي أصبحت محورًا ثابتًا في تحركاتها الخارجية. بدلًا من التركيز على تعزيز علاقاتها الإقليمية والدولية، أصبحت الجزائر تدعم محاولات تهدف لإثارة القلاقل داخل الجالية المغربية بأوروبا. لكن هذه السياسة تأتي مع تكاليف باهظة، حيث إن الجزائر تواجه أيضًا تحديات داخلية سياسية واقتصادية تجعل هذه التحركات مكلفة وغير مستدامة.

هذا فالتوجه الجزائري الحالي قد يكون انعكاسًا لفقدان الأمل في مشروع البوليساريو، بعد فشل هذه الأخيرة في تحقيق أي تقدم يُذكر على الصعيد الدولي. من هنا، يبدو أن الجزائر تسعى لتهيئة بدائل أخرى مثل دعم جماعات انفصالية جديدة، وهو ما يعكس تحولًا استراتيجيًا يُظهر أن مشروع البوليساريو لم يعد الخيار الوحيد في سياسات الجزائر تجاه المغرب.

فالتصعيد بين المغرب والجزائر في أوروبا يعكس حالة الصراع المستمرة بين البلدين، لكنه يسلط الضوء أيضًا على عواقب السياسات التي تعتمد على تأجيج الخلافات بدلًا من الحوار. في ظل هذه الأوضاع، يبقى التساؤل حول مدى قدرة الطرفين على تجاوز الخلافات والتركيز على المصالح المشتركة التي يمكن أن تخدم شعوب المنطقة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: