بعد صفعة الاكوادور، بنما تقطع علاقاتها ببوليساريو وتمهلهم 48 ساعة لمغادرة البلاد
أعلنت بنما قطع علاقاتها مع بوليساريو بداية من يوم الخميس، لافتة إلى أن هذا القرار يأتي استجابة لمصالحها الوطنية، فيما تقيم هذه الخطوة الدليل على أن الحكومة البنمية تقترب من الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، في ظل رغبتها في تعزيز التعاون مع الرباط، في حين تواجه الجبهة الانفصالية عزلة تتفاقم يوما بعد اخر مع انفضاض أغلب داعميها من حولها، كما أشاد الكاتب المكلف بالعلاقات الدولية في حزب العمال البرازيلي، الذي ينتمي إليه الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بالمبادرة المغربية لتسوية قضية الصحراء، مؤكدا أنها الضامن الوحيد لإنهاء النزاع وتحقيق الرفاه لسكان المنطقة.
ويأتي قرار بنما على وقع مراجعة دول في الأميركيتين الوسطى والجنوبية مواقفها من النزاع المفتعل في الصحراء بعد انكشاف عمليات تضليل واسعة من قبل بوليساريو والجزائر للقضية التي جرى التسويق لها على أنها قضية تحرر وطني وقضية تصفية استعمار، بينما يعود للدبلوماسية المغربية الفضل في اماطة اللثام عن تلك المغالطات التاريخية واظهار الارتباط التاريخي بين المملكة المغربية وشعبها الصحراوي وولائه وانتمائه للمغرب.
وتشير الخطوة البنمية أيضا إلى قناعة تلك الدول البعيدة جغرافيا عن المملكة المغربية، لكنها ترتبط بمصالح وعلاقات ثنائية معها، إلى بداية تفكك أحزمة الدعم لبوليساريو والذي انبنى وقتها على الوهم الذي سوقت له بوليساريو وحاضنتها بتصويرهما زورا للنزاع المفتعل على أنه حركة تحرر وطني.
وترفض الجبهة الانفصالية وحاضنتها اجراء احصاء سكاني خشية انكشاف أن ما يقولان إنها حركة تحرر وطني لـ”الشعب الصحراوي”، ليست سوى ميليشيا تحتجز عشرات الآلاف من الصحراويين وتجبرهم تحت حرابها على تبني الطرح الانفصالي، بينما سبق لشخصيات سياسية وازنة ومحللين أن أوضحوا أنه لا يمكن اقامة دولة انفصالية لبعض عشرات آلاف الأشخاص وأنه ثمة فرق كبير بين دولة ذات سيادة تعمل على الأمن والاستقرار والتنمية والعيش الكريم لسكان الصحراء هي الدولة المغربية التي ثبت تاريخيا ارتباط الصحراويين بها وبين ميليشيا تعمل على التخريب تنفيذا لاجندة سياسية للجارة الشرقية للمملكة.
وأكدت وزارة الخارجية البنمية في بيان الخميس أن “قرار تعليق العلاقات مع الجبهة الانفصالية يتماشى مع المبادئ الأساسية لسياسة البلاد الخارجية”، مجددة التزامها بدعم الجهود الأممية في إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية من قبل بوليساريو وداعمتها الجزائر.
وأكدت الحكومة البنمية رغبتها في تحقيق “حل سلمي وعادل ودائم وقابل للتطبيق لجميع الأطراف المعنية في قضية الصحراء”، ما يشير إلى أنها تتجه إلى الإعلان عن دعم صريح لمقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب لطي صفحة النزاع، لا سيما بعد أيدته العديد من الدول الأوروبية والخليجية والأفريقية، باعتباره الأكثر وجاهة والحل الوحيد القابل للتطبيق على أرض الواقع.
ويجني المغرب ثمار أعوام من الحراك الدبلوماسي الناجع أفضى إلى إقناع العديد من الدول بوجاهة مبادرته لإنهاء النزاع المفتعل، بينما ينتظر أن يمهّد الاعتراف الفرنسي بسيادة المملكة على صحرائها الطريق إلى حسم القضية، لا سيما بعد أن أكدت باريس التزامها بدعم الرباط في المؤسسات الدولية.
ويعتزم المغرب تكثيف جهوده لتعزيز نجاحاته في التعريف بقضيته العادلة وهو ما وجّه به العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال افتتاح الدورة التشريعية الحالية لمجلس النواب بتأكيده أن “المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع المزيد من التعبئة واليقظة، لمواصلة تعزيز موقف بلادنا والتعريف بعدالة قضيتنا والتصدي لمناورات الخصوم”.
وينتظر أن تشهد الفترة المقبلة افتتاح العديد من القنصليات والمقار الدبلوماسية في مدينتي العيون والداخلة، ما من شأنه أن يرسّخ الإجماع شبه الدولي على سيادة المغرب على صحرائه.
ودشّنت العلاقات المغربية البنمية مرحلة جديدة بعد أن وقع البلدان على إعلان مشترك في يناير الماضي، في أعقاب مباحثات جرت عبر تقنية الاتصال المرئي.
وأوضح بيان مشترك أن “روابط التعاون التي تجمع البلدين تقوم على مبادئ التعايش السلمي والديمقراطية والحكامة الجيدة والتضامن والشفافية والاحترام المتبادل واحترام حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وكذلك على عدم اللجوء إلى العقوبات أحادية الجانب”.
واتفقت الرباط وبنما على تمتين العلاقات بما يخدم مصالحهما المشتركة، فضلا عن تكثيف الجهود في مجالات ذات الاهتمام المشترك من بينها التجارة والحد من الفقر والجوع والتربية والصحة والتنمية المستدامة، بما في ذلك الولوج إلى الطاقة والماء والغذاء والأسمدة، بالإضافة إلى الحد من آثار التغير المناخي والتكيف معها.
وأكد البلدان على التزامها باحترام الوحدة الترابية وسيادة واستقلالية الدول وعلى تفعيل تام للالتزامات المنبثقة عن المعاهدات والمصادر الأخرى للقانون الدولي.
وعبرت بنما عن موقفها الداعم لمبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مشددة على التزامها بتحديد عملها المستقبلي واتخاذ موقف على أساس هذا الإعلان.
وفي سياق متصل اعتبر رومينيو بيريرا، الكاتب المكلف بالعلاقات الدولية في حزب العمال البرازيلي، الذي ينتمي إليه الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أن مقترح الحكم الذاتي الذي يطرحه المغرب لتسوية قضية الصحراء المغربية من شأنه أن يساهم في “تعزيز رفاه السكان المعنيين”، وفق وكالة المغرب العربي للأنباء.
وأوضح أنه “يمكن بالطبع الأخذ في الاعتبار دعما أكثر وضوحا للمخطط المغربي للحكم الذاتي، طالما أنه يرتكز على الحوار والالتزام بالقانون الدولي”.
وأكد بيريرا الذي سيؤدي خلال الفترة المقبلة زيارة إلى المغرب أن “البرازيل تحافظ على موقف متوازن وبناء بشأن قضية الصحراء مع دعم جهود الأمم المتحدة الرامية إلى إيجاد حل سياسي سلمي ومتوافق عليه ومقبول من كافة الأطراف”.
وجدد التزام بلاده بالدعم الذي عبر عنه مجلس الشيوخ البرازيلي في يونيو 2023 لمخطط الحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب في العام 2007.
ورسخت البرازيل دعمها لسيادة المغرب على صحرائه عندما اعتمدت خلال رئاستها السنوية لمجموعة العشرين خريطة العالم متضمنة الأقاليم الجنوبية للمملكة كجزء من الأراضي المغربية.
وتوجت الزيارة التي أدها فييرا إلى الرباط في يونيو الماضي بتعزيز التعاون بين البلدين بحزمة من الاتفاقيات شملت الزارعة والحكومة الإلكترونية والطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، فضلا عن الاتفاق على تكثيف الزيارات المتبادلة لترسيخ شراكة إستراتيجية.