مساع حثيثة لتعزيز جهود تحسين جاذبية وتنافسية الصيد البحري مع إطلاق المزيد من المشاريع.
تسرّع الحكومة المغربية خططها المتعلقة بالاقتصاد الأزرق ضمن مساعيها الدؤوبة لتعزيز الأمن الغذائي بشكل مستدام، وهو مشروع تطمح من خلاله إلى تنمية هذا المجال وزيادة استثماراته مع تحقيق عوائد مالية أكبر ضمن خطتها طويلة المدى.
تدفع قضية تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، وخاصة المنتجات البحرية، المغرب إلى مطاردة الجدوى من وراء توسيع نشاط الصيد البحري وفق إستراتيجية شرعت السلطات في بلورتها منذ سنوات لتطويره، بالتركيز على مجال استزراع الأسماك.
وطالبت كاتبة الدولة لدى وزير الزراعة المكلفة بالصيد البحري زكية الدريوش هذا الأسبوع مكونات القطاع بالانخراط في جهود تحسين جاذبية وتنافسية الصيد البحري.
وأكدت عزم الوزارة على تعزيز البنية التحتية مع دعم الاستثمارات وتطوير منظومة تربية الأحياء المائية، وركزت على أهمية العنصر البشري في تطوير القطاع من خلال تحسين الكفاءات وظروف العمل.
وفي اجتماع تواصلي مع رؤساء غرف الصيد البحري ورؤساء الهيئات والجمعيات المهنية بحضور مدراء المؤسسات التابعة للوزارة والمدراء المركزيين، شددت الدريوش على ضرورة تعزيز المكتسبات السابقة وتطوير ديناميكية القطاع.
وترمي السلطات من وراء هذا التمشي إلى تحسين مساهمة القطاع اقتصاديا واجتماعيا، وتعزيز فرص النمو المستدام، خصوصا في ظل تحديات تغير المناخ وتأثيراته على المصايد والنظم الغذائية.
ولذلك دعت الدريوش خلال الاجتماع كافة مكونات القطاع إلى الانخراط في جهود تحسين جاذبية وتنافسية الصيد البحري.
وحثت على تسريع وتيرة إنجاز البرامج والمشاريع المرتبطة بالقطاع، ومواكبة المهنيين وتحفيز المستثمرين عبر مجموعة من الإجراءات منها الضريبية والمالية، وكذلك تدريب تأهيل اليد العاملة.
ويكتسي استزراع الأحياء البحرية أهمية كبيرة بفضل ديناميكيته المتنامية، والإمكانات الهائلة التي تزخر بها البلاد، التي تضم أكثر من 37 مليون نسمة.
واستطاع هذا المجال بفضل إستراتيجية “آليوتيس”، أن يحتل مكانة هامة ضمن المجالات الواعدة في المستقبل، ويوفر إمكانات كبيرة للمساهمة في الأمن الغذائي وتوفير فرص الشغل وتحفيز الاستثمارات وتعظيم القيمة المضافة ودعم التنمية الاقتصادية.
وتعمل الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء المائية البحرية، على مواصلة تنفيذ برنامج تطوير الاستزراع في مختلف جهات البلاد، وكذلك برنامج تعزيز فرص العمل للشباب وإيجاد جيل من رواد الأعمال في هذا المجال.
ومكنت المشاريع القائمة القطاع من تحقيق نمو مستمر من حيث عدد المزارع التي تم إنشاؤها، والبالغ عددها 173 مزرعة، تستهدف إنتاجا إجماليا سيتجاوز 99.4 ألف طن سنويا.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك 61 مشروعا آخر في طور الإنشاء لإنتاج سنوي يناهز حوالي 24.8 ألف طن توفر حوالي 626 وظيفة مباشرة جديدة.
137مشروعا للاستزراع في كامل أنحاء البلاد يتجاوز إنتاجها الإجمالي 99.4 ألف طن سنويا
وأكد رؤساء غرف الصيد البحري ورؤساء الهيئات والجمعيات المهنية على استعادهم لإضفاء ديناميكية متجددة على مختلف أنشطة القطاع ومواصلة تنزيل مختلف البرامج المفتوحة لتنميته.
كما تعهدوا بالانخراط أكثر في تفعيل مختلف القرارات المتعلقة بالقطاع مع الحفاظ على المكتسبات التي تحققت خلال السنوات الماضية.
وانعكست البرامج الحكومية إيجابا على زيادة الاستثمارات في الصيد البحري وتنمية مزارع الأحياء المائية، ودعم ديناميكية النسيجين الاقتصادي والاجتماعي عبر تعزيز قيمة الصادرات ودعم سوق العمل وإزالة العقبات المرتبطة بالأمن الغذائي وتغير المناخ.
ويراهن المغرب على النهوض بالقطاع، الذي يحظى بدعم دولي كبير كما يعرف القطاع زخما كبيرا في الآونة الأخيرة، في مختلف أبعاده، بحيث عمدت شركات تأمين خلال هذا الشهر، لأول مرة بالبلاد، إلى اقتراح تغطية لسفن الصيد والاستزراع.
وأكد رئيس الجمعية المهنية لمربي الصدفيات بجهة الداخلة وادي الذهب محمد أحمد حمنة أن أهمية القطاع تتجلى في الدعم الذي يحظى به من طرف مجموعة من الأطراف الدولية، بما فيها منظمة الأغذية والزراعة (فاو).
وتطرق إلى مساهمة البنك الإسلامي، الذي وفر في الآونة الأخيرة لشركات تربية المحار التمويلات لشراء المعدات اللازمة للإنتاج.
وتسعى الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء المائية البحرية خلال 2025، إلى زيادة عدد المشاريع لتبلغ 232 مزرعة بقدرة إنتاجية تناهز 115.9 ألف طن وتوليد 2720 وظيفة مباشرة.
ومن المرجح أن تعرض الوكالة لاحقا المساحات المتاحة لاستزراع الأسماك في عدد من مناطق البلاد بهدف جذب المزيد من المستثمرين في القطاع.
وتم إمداد الشركات الصغيرة والمتوسطة بالدعم المالي عبر برنامجين للتمويل تم إبرامهما مع البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية، عبأت من خلالهما الدولة ما يفوق 42 مليون درهم (نحو 4.1 مليون دولار).
ويتم توجيه جزء من التمويلات إلى المشاريع التي تستهدف إنتاج البذور من خلال إطلاق العمل في أول مفرخ للأسماك في منطقة تهادارت جنوب مدينة طنجة، وأيضا من خلال تنفيذ منهجية تقنية لجمع صغار المحار في الوسط الطبيعي.
وتم إصدار تقرير حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم لسنة 2024، الذي كشف عن نقطة تحوّل مهمة، فلأول مرة على الإطلاق فاق إنتاج المزارع إنتاج مصايد الأسماك الطبيعية، باعتبارها المصدر الرئيسي للمنتجات الحيوانية المائية.
وذكرت منظمة فاو في التقرير أن هذا الإنجاز يمثل “طريقا واعدا نحو التصدّي للجوع في العالم وحماية المحيطات في الوقت عينه.”
وتماشيا مع خطط النموذج التنموي الجديد أكدت الحكومة أنها تعطي الأولوية لمجال الاستزراع البحري لما يملك من إمكانات كبيرة للمساهمة في الأمن الغذائي ودعم التنمية الاقتصادية، وتعظيم الثروة وتوفير فرص العمل المستقرة في المناطق المطلة على سواحل البحر المتوسط والمحيط الأطلسي.
وتشمل المشاريع المرتبطة بهذا القطاع مبادرات خاصة مبتكرة ومسؤولة بيئيا، تهدف إلى تنويع العرض المحلي لتربية الأحياء المائية البحرية، وتعزيز مساهمته في التنمية، والتي يتم من أجلها اتخاذ تدابير مهيكلة من قبل الوكالة وشركائها.
وسيتم ذلك من خلال تطوير البنية التحتية الداعمة للقطاع وتعزيز نظامه البيئي العام، على مستوى المناطق ذات الإمكانات العالية لتربية الأحياء المائية البحرية.
كما تشكل القدرة التنافسية للقطاع تحديا استجابت له الحكومة من خلال توسيع الحوافز الضريبية على استيراد المدخلات، وخاصة أعلاف الأسماك، إضافة إلى رسوم جمركية نسبتها 2.5 في المئة بحلول العام 2026.