يحرص المغرب وموريتانيا على تعزيز العلاقات الثنائية بينهما، من خلال عقد لقاءات على مستوى عال لبناء شراكة قوية بين الطرفين، والتنسيق في عدة ملفات، أبرزها أمن الحدود والتصدي للهجرة غير النظامية.
وذكر بلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية أن الاجتماع الذي جمع الفريق أول محمد بريظ، المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وقائد المنطقة الجنوبية، بشكل مشترك، الثلاثاء، مع الفريق المختار بله شعبان، قائد الأركان العامة للجيوش بموريتانيا، يجسد متانة روابط التعاون العسكري بين البلدين، وسط تأكيد على ضرورة تعزيز ذلك التعاون بشكل أكبر خصوصا في مجال أمن الحدود ومكافحة الهجرة والأعمال غير المشروعة العابرة للحدود.
وشكل الاجتماع الخامس للجنة العسكرية المشتركة المغربية – الموريتانية بتعليمات من العاهل المغربي الملك محمد السادس، فرصة للطرفين، للتأكيد على استمرار التعاون الثنائي الذي يساهم في استقرار المنطقة ومواجهة كافة التحديات المشتركة، وتحديد الأنشطة التي يمكن إدراجها ضمن برنامج التعاون برسم سنة 2025، حيث أشاد المسؤولان العسكريان بالتعاون المغربي – الموريتاني المتميز وبحصيلته الإيجابية في مختلف المجالات، لاسيما الأمن والدفاع والتكوين، وكذلك تبادل التجارب والخبرات.
ويأتي هذا اللقاء في وقت تشهد فيه العلاقات المغربية – الموريتانية استقرارا مهما، تجسد عبر التعاون المشترك والزيارات المتبادلة لأعضاء حكومتي البلدين مع انعقاد سلسلة من الاجتماعات رفيعة المستوى التي تُعنى بالشأن العسكري والأمني والسياسي والاقتصادي والثقافي.
وأكد الخبير في الدراسات الأمنية والإستراتيجية محمد الطيار، أن “اجتماع الفريق أول محمد بريظ مع قائد الأركان العامة للجيوش الموريتانية، وقبله اللقاء الذي جمع الفريق مع وزير الدفاع الموريتاني، يتزامن مع المتغيرات الأمنية والجيوسياسية على مستوى منطقة الساحل والصحراء، لتعزيز التنسيق الأمني والعسكري ووسائل مراقبة الحدود الشرقية لموريتانيا التي تشكل منطقة جغرافية خصبة لسيطرة عصابات التهريب والجريمة المنظمة، وعناصر التنظيمات الإرهابية العاملة بشمال ووسط مالي.”
وأضاف ، أن “تعزيز الإجراءات الأمنية المشتركة بين الدولتين يهدف للحد من التهديدات المشتركة وتجاوز مشكلة محدودية إمكانيات موريتانيا والتواجد الكثيف لعناصر جبهة بوليساريو على الأراضي الجزائرية المحاذية للحدود الموريتانية الشمالية.”
ويرى الطيار أن “اللقاء الذي جمع المسؤولين العسكريين لكلا البلدين، يشير إلى أن المغرب مهتم بمساعدة موريتانيا على السيطرة على مناطقها الشمالية، حتى تمنع لمحاولات استهداف الأراضي المغربية والموريتانية على حد سواء من طرف عناصر ميليشيات بوليساريو بشكل خاص، الأمر الذي يجعل ضبط ومراقبة الحدود نقطة غاية في الأهمية وحيوية في جدول أعمال الطرفين.”
ولا يكتفي مجال التعاون بين نواكشوط والرباط فقط في المجال العسكري بكل تفرّعاته بل يشمل أيضا التعاون في المجال الاستخباراتي، ويتعزز بلقاءات المدراء المركزيين في المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب المغربي للاجتماع مع نظرائهم في المديرية العامة للأمن الموريتاني، والذي يشمل التعاون العملياتي والمساعدة التقنية في مختلف المجالات والتخصصات الأمنية ذات الاهتمام المشترك.
من جهته أكد محمد لكريني، أستاذ العلاقات الدولية، في تصريح لـه أن “اللقاء على هذا المستوى العالي عسكريا يؤشر على استيعاب الطرفين لحجم التحديات الأمنية والعسكرية التي تهدد مصالح الجانبين وخطورتها على مستوى الحدود، وأيضا يتماشى مع السياسة الحكيمة للمغرب الرامية إلى بناء شراكات قوية مع الدول الصديقة والحليفة في مختلف المجالات الأمنية والعسكرية، بما يعزز مكانة البلدين على الساحة الإقليمية ويضمن الأمن والسلم في المنطقة.”
وأكد لكريني، أن “اللقاءات الدورية بين الهيئات العسكرية والأمنية للبلدين يحظى بأهمية بالغة في توسع مجالات التعاون الثنائي في المجال العسكري والأمني، وما يمثله كنموذج فعال للتعاون جنوب – جنوب، ويترجم العزم الراسخ وبكل الوسائل لمواجهة التحديات والمخاطر الأمنية على الحدود من منظور مشترك.”
وعبرت نواكشوط، في مناسبات عديدة، عن حرصها على تعزيز العلاقات مع المغرب وتطوير علاقات التعاون بين البلديْن بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين المغربي والموريتاني، باعتبار أن المغرب شريك قوي وإستراتيجي في الجهود الإقليمية والدولية الرامية لتوطيد الأمن ورفع التحديات الأمنية ومواجهة المخاطر الإرهابية.
وقبل أيام، أجرى الفريق أول محمد بريظ، لقاء مع وزير الدفاع الموريتاني حننه ولد سيدي، على هامش المعرض الدولي للطيران والفضاء “مراكش إير شو 2024”، وأكدا المسؤولان التزامهما بتعزيز التعاون العسكري بما يحقق تطلعات البلدين في ظل روابط الأخوة والجوار، واستكشاف آفاق جديدة للتعاون في مجالات الدفاع. كما تم التأكيد على أهمية توطيد العلاقات العسكرية لمواجهة التحديات المشتركة التي تشهدها المنطقة، مما يعكس الالتزام الثابت للبلدين بالعمل المشترك لضمان الاستقرار والأمن.
ويؤطر التعاون العسكري بين المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية مذكرة التفاهم الموقعة عام 2006، والتي تم بمقتضاها إحداث اللجنة العسكرية المختلطة من أجل تعزيز العلاقات الثنائية في مجال الدفاع، والذي يشمل تبادل الزيارات الاستطلاعية بين القوات المسلحة لكلا البلدين والمشاركة في مختلف التدريبات والدعم التقني والدورات التكوينية.
وفي الإطار ذاته، استقبل الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع المغربي، عبداللطيف لوديي، بالرباط، الفريق المختار بول شعبان، تعزيزا لمستوى علاقة الصداقة والتعاون المتميزة التي تجمع البلدين، مؤكدين على طموحهما المشترك ورغبتهما في ترسيخ هذه الروابط النموذجية في المستقبل، كما تدارس الطرفان أهمية تعزيز التعاون في مجالات التكوين، وتبادل التجارب والخبرات والممارسات الفضلى في الميدان العسكري، فضلا عن تبادل المعلومات بما يسمح بمكافحة مختلف التهديدات والمخاطر التي تحدق بأمن البلدين وبسلامة مواطنيهما.