إدانة الصحفي حميد المهداوي: هل يعود المغرب إلى سنوات الرصاص؟

بوشعيب البازي

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والإعلامية، أصدر القضاء المغربي حكماً بالسجن لمدة سنة ونصف على الصحفي حميد المهداوي، رئيس تحرير موقع “بديل”. تأتي هذه الإدانة على خلفية اتهامه لوزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي في شريط مصور يتطرق للعلاقة بين وزير العدل و قضية اسكوبار الصحراء.

قضية حرية الصحافة في المغرب

حكم القضاء على المهداوي يعد ضربة جديدة لحرية الصحافة وحرية التعبير في المغرب، في وقت يشهد فيه البلد ضغوطاً دولية متزايدة لتعزيز حقوق الإنسان. يرى الكثيرون أن هذا الحكم يندرج في إطار تضييق الخناق على الصحفيين الذين ينقلون الأخبار بشكل مستقل أو ينتقدون السياسات الرسمية.

رغم أن السلطات المغربية تؤكد أن محاكمة المهداوي ليست بسبب عمله الصحفي ، فإن العديد من المنظمات الحقوقية تعتبر أن القضية سياسية بامتياز، وتندرج ضمن حملة أوسع لتكميم الأفواه.

عودة إلى سنوات الرصاص؟

الإشارة إلى سنوات الرصاص، وهي فترة تمتد من الستينيات إلى أواخر الثمانينيات، تحمل دلالات ثقيلة في السياق المغربي. خلال تلك الحقبة، شهد المغرب قمعاً سياسياً واسعاً، بما في ذلك اعتقالات تعسفية، محاكمات صورية، واختفاء قسري للمعارضين. وعلى الرغم من الخطوات التي اتخذتها الدولة في العقدين الأخيرين لتجاوز تلك الحقبة، مثل إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة لتعويض الضحايا، يرى البعض أن الحكم على المهداوي يمثل عودة إلى ممارسات الماضي.

ردود الفعل الحقوقية والإعلامية

أدانت منظمات حقوق الإنسان، مثل منظمة العفو الدولية ومراسلون بلا حدود، استمرار سياسة التضييق على الصحافة المستقلة. كما عبرت عن قلقها من تزايد عدد الصحفيين والمواطنين الذين يتعرضون للسجن بسبب تعبيرهم عن آرائهم أو نشرهم لأخبار حساسة.

مخاوف داخلية وضغوط خارجية

في الداخل، تشهد الأوساط السياسية والمدنية انقساماً حول القضية. بينما تدافع بعض الأطراف الرسمية عن نزاهة القضاء وضرورة تطبيق القانون، تعبر المعارضة ومنظمات المجتمع المدني عن خشيتها من تراجع الحريات. على الصعيد الدولي، يُخشى أن تؤثر مثل هذه الأحكام على صورة المغرب كشريك مستقر وموثوق في المنطقة.

قضية حميد المهداوي تعكس التحديات المتزايدة التي تواجهها حرية الصحافة في المغرب. الحكم بالسجن على صحفي بسبب قيامه بعمله يعيد فتح النقاش حول الحريات الأساسية في البلاد، ويثير تساؤلات حول مدى التزام المغرب بالمضي قدماً في مسار الديمقراطية وحقوق الإنسان، أم أن البلاد تشهد انتكاسة تعيدها إلى أجواء القمع والترهيب التي ميزت سنوات الرصاص.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: