المغرب يدافع عن سيادة أفريقيا ويدعو شركاءها إلى القطع مع منطق الوصاية

ماموني

أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، في كلمته خلال المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة روسيا – أفريقيا الأحد بسوتشي، أنه “لا يمكن أن يكون هناك سلام ورخاء مشتركان في أفريقيا لصالح شعوب منطقتنا دون احترام صارم للسيادة والوحدة الترابية لدولها الأعضاء، وضرورة تخلص شركاء القارة من منطق الوصاية.”

وأوضح بوريطة، في كلمته خلال المؤتمر الوزاري، أنه “لكي يكون صوت أفريقيا مسموعا ومؤثرا في الشؤون العالمية، فمن المهم التذكير ببعض الأساسيات،” لافتا إلى أنه “ليست أفريقيا هي التي تحتاج إلى بقية العالم. ففي واقع الأمر بقية العالم لديها حاجة متزايدة لأفريقيا.”

وفي وقت أكد فيه بوريطة أنه “لا يمكن أيضا أن يكون هناك سلام وازدهار مشتركان في القارة دون احترام قواعد حسن الجوار بين الدول الأفريقية” شدد على أن “قارتنا تحمل صوتا متفردا عبر العالم، صوت قارة غنية بتاريخها وتنوعها، فخورة بأنها مهد للإنسانية، وأيضا بمستقبلها، مع إمكانيات اقتصادية وديمغرافية كبيرة.”

 

هشام معتضد:  الدول الأفريقية تسعى إلى إعادة النظر في علاقاتها وشراكاتها
هشام معتضد: الدول الأفريقية تسعى إلى إعادة النظر في علاقاتها وشراكاتها

 

ويشتكي القادة الأفارقة على الدوام من تجاهل المجتمع الدولي لأصواتهم، ورغم تمثيلها النسبة الأكبر في الجمعية العامة للأمم المتحدة (28 في المئة)، تعجز القارة السمراء عن إبداء أي رأي في القضايا التي تهمها في مجلس الأمن كونها ليست من الأعضاء دائمي العضوية.

ومنذ مدة طويلة ينتقد القادة الأفارقة عدم منح عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي لأي دولة من القارة التي تضم 54 دولة.

وأكد هشام معتضد، الأكاديمي والباحث في الشؤون الإستراتيجية، أن “المؤتمر يأتي في سياق التحولات الكبرى التي تشهدها القارة الأفريقية، حيث تسعى الدول الأفريقية إلى إعادة النظر في علاقاتها وشراكاتها بهدف تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية،” لافتا إلى أن “كلمة بوريطة داخل المؤتمر الوزاري بسوتشي، تنطلق من حضور المغرب التاريخي والسياسي في أفريقيا، وتميز موقعها الجغرافي وعقيدتها الدبلوماسية الرصينة ومواقفها السياسية الواقعية.”

وأضاف في تصريح لـه أن “المغرب يدافع عن القارة الأفريقية أمام الشريك الروسي، وهذا يعكس توجها في إستراتيجيته للتكيف مع التحولات الدولية في إطار تبني سياسة لتعزيز الأمن الإقليمي والقاري من خلال مبادرات السلام وحل النزاعات وخلق شراكات مع دول المنطقة،” مشددا على أن “تعزيز التعاون الأمني والدبلوماسي مع الحلفاء الأفارقة والشركاء الدوليين كروسيا، سيُعزز مكانة المغرب كدولة مساهمة في استقرار المنطقة، ما يجعله شريكاً مُفضلاً في سياساتها الإقليمية.”

ولفت معتضد إلى أنه “من خلال التعمق في المستقبل يدرك كل من المغرب وروسيا أهمية تعميق شراكتهما في ظل التحولات العالمية الراهنة، وهو ما يتجلى في تعزيز التعاون في مجالات الطاقة والأمن الغذائي والتكنولوجيا العسكرية،” مؤكدا أن “المملكة تسعى من خلال استثمار علاقاتها مع روسيا إلى تحقيق أهدافها الإستراتيجية مع الحفاظ على استقلالية قراراتها ودورها الفاعل في النظام الدولي، ما يجعل من علاقتها مع موسكو نموذجًا للتوازن الدبلوماسي والبراغماتية السياسية.”

بوريطة اعتبر أن الشراكة بين روسيا وأفريقيا، التي تتميز بإمكانات نمو واضحة، يجب أن ترتكز على الأولويات الأساسية للقارة الأفريقية

ويأتي المؤتمر الوزاري الأول لمنتدى الشراكة بين روسيا وأفريقيا، الذي يضم وزراء شؤون خارجية روسيا الاتحادية والدول الأفريقية الأعضاء في الأمم المتحدة، في أعقاب قمتي سان بطرسبرغ (2023) وسوتشي (2019)، ويهدف المؤتمر إلى تقييم مقتضيات الإعلانين المعتمدين خلال هاتين القمتين، وتحديد آفاق التعاون المستقبلية من أجل الاستجابة لانتظارات الدول الأفريقية وتطلعاتها بشكل أفضل.

وتعهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستمرار دعم بلاده للدول الأفريقية في كل المجالات مثل مكافحة الإرهاب والتطرف، ومكافحة الأمراض الوبائية، وحل مشاكل الغذاء والتغلب على عواقبها، قائلاً إن “التعاون بين روسيا ودول أفريقيا يشهد توسعاً متزايداً وتنوعاً ملحوظاً، حسب ما نقلته وكالة سبوتنيك الروسية.”

وعلى المستوى الثنائي أجرى ناصر بوريطة بسوتشي مباحثات ثنائية مع سيرجي لافروف، وزير الشؤون الخارجية بروسيا الاتحادية، تطرقا فيها إلى القضايا الثنائية وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حسب وكالة المغرب العربي للأنباء.

والعلاقات الغنية والعريقة بين المغرب وروسيا تدعمها الشراكة الإستراتيجية المعمقة التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بمناسبة الزيارة الملكية إلى موسكو سنة 2016، كما تتميز العلاقات الثنائية بحوار منتظم رفيع المستوى؛ فبالإضافة إلى لقاء سوتشي أجرى بوريطة ونظيره الروسي مباحثات في 27 سبتمبر الماضي، على هامش الدورة الـ79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.

وبالعودة إلى المجال الأفريقي اعتبر ناصر بوريطة أن الشراكة بين روسيا وأفريقيا، التي تتميز بإمكانات نمو واضحة، يجب أن ترتكز على الأولويات الأساسية للقارة الأفريقية، مشددا على أنه في أفق القمة المقبلة روسيا – أفريقيا، سيكون من المستحسن “تركيز تفكيرنا على آفاق التعاون بين أفريقيا وروسيا، لاسيما في مجالات الأمن الغذائي وأمن الطاقة،” موضحا أنه “مع كل واحد منهما، كان المغرب دائما ثابتا ومنسجما بشأن الحاجة الملحة لترجمة الالتزامات إلى أفعال ملموسة، ومبادرات طموحة ومشاريع هيكلية في خدمة التنمية البشرية، والأمن الغذائي والطاقي والمناخي، والأمن الشامل.”

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: