أنهت مؤسسة وسيط المملكة مساء الخميس أزمة “طلبة الطبّ” الطويلة بين الحكومة المغربية والطلبة التي شلت الدراسة في كليات الطب في البلاد، بالتوقيع على محضر تسوية مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
أعلنت مؤسسة وسيط المملكة (مؤسسة دستورية)، عن نجاح مبادرة التسوية بين الحكومة المغربية وطلبة كليات الطب والصيدلة، بعد احتجاجات استمرت نحو أحد عشر شهرا شملت مقاطعة شاملة للدروس والامتحانات.
وأكدت المؤسسة أن هذا الاتفاق جاء نتيجة جهود مشتركة مع كافة الأطراف المعنية، مما ساهم في خلق أجواء حوار ملائمة وبناء الثقة وتبادل الرأي، من أجل إيجاد حلول فعالة وواقعية وقانونية.
وقالت اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، إن الاتفاق الذي وقع في ساعة متأخرة من مساء الخميس، جاء بعد ما وصفته باليوم الديمقراطي الذي شهدته كليات الطب والصيدلة، حيث صوت الطلاب على المقترح المطروح وبعدها التصويت على تعليق الإضراب المفتوح.
وتضمنت التسوية، استجابة لأغلبية مطالبهم التي تضمنها ملفهم الذي حركهم للدخول في إضراب مفتوح، حيث صوت طلبة الطب على العرض الحكومي بالرفض من قبل 38 في المئة من الطلبة، مقابل نسبة 28 في المئة من الطلبة الذين عبّروا عن موافقتهم عليه، في الوقت الذي لم تشارك فيه نسبة 34 في المئة من الطلبة في عملية التصويت.
ونوّهت مؤسسة وسيط المملكة في بلاغها بـ”التجاوب الكبير والتفاعل الإيجابي والمسؤول الذي اتسمت به المشاورات المجراة مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عزالدين ميداوي ووزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، وأن التسوية الموقعة “تعكس الجهود المشتركة التي بذلتها كافة الأطراف المعنية، ممّا ساهم في خلق أجواء حوار ملائمة، وساعد على بناء الثقة وتسهيل تبادل الرأي وفرص تقريب وجهات النظر، التي أنتجت حلولا تضمن استجابة دستورية وقانونية، فعالة وواقعية، للملف المطلبي المعبّر عنه منذ انطلاق الأشكال الاحتجاجية”.
ودفع أولياء طلبة الطب أبناءهم إلى التصويت بالإيجاب على المقترح الحكومي ضمن الجموع العامة للطلبة، معبرين عن ثقتهم في الشخصيات الوطنية المسؤولة التي تولت الحوار في الآونة الأخيرة، مؤكدين أن المناخ هو الذي مهّد لعودة الحياة الدراسية الطبيعية وإنهاء معاناة الطلبة الموقوفين وإيقاف المتابعات القضائية التي شملت 27 طالبا.
وأشار أولياء طلبة الطب إلى أن التصويت الإيجابي شكل دعما لمسار الحوار البنّاء الذي يقوده وزير التعليم العالي الجديد عزالدين الميداوي، مؤكدين أن هذا القرار سيسهم في تعزيز الثقة في الجهات المسؤولة عن تطوير النظام التعليمي في ظل رؤية شاملة لتحقيق الرهانات الإستراتيجية في مجال الحماية الاجتماعية وتعميم التغطية الصحية الوطنية.
أولياء طلبة الطب أشاروا إلى أن التصويت الإيجابي شكل دعما لمسار الحوار البناء الذي يقوده وزير التعليم العالي الجديد
وحول مدى أولوية ملف طلبة الطب لدى وزير التعليم العالي الجديد، بعد إعفاء الوزير السباق، عبداللطيف ميراوي، أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة أن “حل أزمة طلبة كليات الطب بالمغرب، مرتبط بمسطرة التسوية التي بدأتها مؤسسة الوسيط”.
من جهته، أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عزالدين ميداوي، بخصوص السنة السادسة، أن “أي قرار يمكن مراجعته أو التراجع عنه إذا ثبتت فيه مضرّة للوطن”. وأضاف أن “أيّ قرار مستقبلي بعد انفراج الأزمة سيتم اتخاذه من خلال إشراك جميع الفاعلين في الجامعة، وبالتأكد من جدواه وفائدته، مع التشديد على أن ثوابت المملكة ثلاثة فقط”، مؤكدا أنه “في حال عدم احترام هذه الثوابت، فإن القرار سيتم مراجعته للحفاظ على جودة التكوين وسمعة الجامعة المغربية”.
وتضمنت التسوية استجابة لأغلبية مطالب الطلبة التي رفعوها منذ ديسمبر 2023، على رأسها عدم تطبيق قرار وزير التعليم العالي القاضي بتخفيض سنوات الدراسة والتكوين على الأفواج الأربعة الملتحقة قبل تاريخ 13 مارس 2023، وإخضاعهم للقرار الذي كان ساري المفعول قبل صدوره.
كما ستتم الإشارة إلى الامتحانات الاختيارية في دفتر الضوابط التربوية الوطنية، مع إعادة برمجة امتحانات التأهيل للسنة السادسة الجديدة بغلاف زمني يمتد لـ44 أسبوعا، بالإضافة إلى التكوين في طب الأسرة، والزيادة من الغلاف الزمني؛ 5986 ساعة بالنسبة إلى (1+5) وإدراجها في الملفات الوصفية للدفعة المعنية.
التسوية تضمنت استجابة لأغلبية مطالبهم التي تضمنها ملفهم الذي حركهم للدخول في إضراب مفتوح
والتزمت الحكومة المغربية بزيادة التعويضات المالية للطلبة على النحو التالي، 1200 درهم (121.67 دولار) للسنة الثالثة والرابعة والخامسة، و2400 درهم (243.33 دولار) للسنة السادسة والسابعة، بالإضافة إلى سنة التدريب التكميلية، ليصل إجمالي التعويضات إلى 100800 درهم (10220 دولارا) على مدى فترة التكوين، مقارنة بـ54240 درهما (5499.34 دولار) سابقا.
وأبدت الإدارة استعدادها لتنظيم امتحانات استثنائية لكل سداسي، بإشراف الجهات التربوية المعنية من إدارة وأساتذة وفي ظروف ملائمة، حيث اقترحت ثلاثة سيناريوهات لتنظيم الامتحانات، الأولى تشمل أربع دورات امتحانية ضيقة، والثانية تتضمن ثلاث دورات (دورتان عاديتان ودورة تدارك)، والثالثة تقترح دورتين مع فترة زمنية مريحة بينهما.
أما بخصوص العقوبات التي طالت بعض الطلبة، فقد تعهدت وزارة التعليم العالي والبحث العالمي والابتكار برفع كافة القرارات التأديبية الصادرة في حق الطلبة المعنيين، بشكل استثنائي، وستبدأ في مباشرة الإجراءات المتعلقة بذلك خلال هذه الأيام.
وسيتم إلغاء حل مكاتب الطلبة وإعادتها إلى العمل، على أن تجري مواءمة وضعيتها مع المقتضيات القانونية والبنيات التنظيمية، وذلك في مدة أقصاها ستة أشهر ابتداء من تاريخ قيام الإدارة بتعميم أو تحديد أو اعتماد البنيات المذكورة بموجب الأنظمة الداخلية للكليات.
وبدأت أزمة طلبة الطب والصيدلة في 16 ديسمبر 2023، عندما قرر طلبة الطب الدخول في إضراب مفتوح احتجاجا على ما وصفوه بتدني جودة التكوين الطبي وتأخر استجابة الحكومة لمطالبهم، حيث شمل الإضراب جميع مراحل التأهيل الطبي، ورافقته مقاطعة شاملة للدروس والتطبيقات الطبية طوال هذه المدة.