انتقدت أحزاب المعارضة المغربية في جلسة الأسئلة الشفاهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش حول السياسة العامة، في البرلمان، توجهات الحكومة بشأن مدى استفادة المغرب من العديد من اتفاقيات التبادل الحرّ، معتبرة أنه كان منتظرا من هذه الاتفاقيات أن تكون بمثابة رافعة للنمو الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطن من خلال توفير فرص حقيقية تحفز النسيج الاقتصادي.
يأتي ذلك في وقت يرى فيه عزيز أخنوش أن الحكومة أولت الانفتاح الاقتصادي عناية خاصة، باعتباره خيارا إستراتيجيا لا رجعة فيه، جعل المغرب منصة حقيقية للتبادل التجاري على المستويين الإقليمي والدولي وخلق جسور الاندماج والتعاون في البيئة العالمية.
وقالت حياة لعرايش، النائبة عن الاتحاد الاشتراكي المعارض، في مداخلتها إن “المغرب انخرط في الاتجاه العالمي الذي تمليه اتفاقيات منظمة التجارة العالمية والعولمة ووقع العديد من اتفاقيات التبادل الحر مع العديد من البلدان والفضاءات الاقتصادية”، لافتة إلى أنه “كان منتظرا من هذه الاتفاقيات أن تكون بمثابة رافعة للنمو الاقتصادي وتحسين مستوى معيشة المواطن من خلال توفير فرص حقيقية تحفز النسيج الاقتصادي، لاسيما الشركات الصغيرة جدا والمتوسطة والصغرى”.
وأضافت “اتفاقيات التبادل الحر أدت إلى منافسة غير عادلة، كما أن المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي كانت غير مهيأة تحولت إلى مقاولات مستوردة لتلبية الطلب المحلي وأصبحت الشركات الأجنبية التي استقرت في المغرب عبر حصولها على امتيازات مختلفة مجرد علاج مسكن للبطالة الهيكلية، مستفيدة في ذلك من الأجور المنخفضة”.
المعارضة المغربية دعت الحكومة إلى مراجعة سياساتها بما يسمح بتموقع جيّد للمغرب في المشهد التجاري العالمي
من جانبه ذكر أخنوش في مداخلته أن “بلادنا عانت من صدمات اقتصادية متتالية، والمملكة أظهرت قدرة كبيرة على الصمود في وجه التقلبات الظرفية، على الرغم من كل التحديات، قادت الحكومة بعزم وإرادة مسيرة استثنائية للتكيف مع المتغيرات المتسارعة في السوق الدولية، وهو ما ساهم في تعزيز السيادة الوطنية في مجموعة من القطاعات الإستراتيجية”.
وتحدث أخنوش عن التوجه الحكومي نحو تعزيز علاقات المغرب مع الشركاء التقليديين، والانفتاح على أصوات جديدة، وجعل الرباط منصة حقيقية للتبادل التجاري وإقامة شراكات مربحة.
لكن المعارضة لم تقتنع بمداخلة أخنوش، إذ دعت الحكومة إلى مراجعة سياساتها بما يسمح بتموقع جيّد للمغرب في المشهد التجاري العالمي مع التوجه إلى انتقاء الأسواق ذات الطلب المتزايد على المنتوجات المغربية، والحرص على المبادرات التي تمكن الميزان التجاري من تحقيق توازن نوعي ومستدام.
وأكد رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، أن “ما يجب على الحكومة فعله، هو حسن استثمار علاقة بلادنا المتنوعة في كل القارات لأجل ضمان أسواق جديدة مفتوحة الآفاق، ولتأمين مصادر استيراد ما نحتاجه فعلا في عالم الصراع حول مواقع النفوذ”.
وأضاف “الحكومة مطالبة بتعزيز توجهنا الأفريقي، بوصف هذه القارة هي المستقبل، وكذلك حسن استثمار فرصة احتضان بلدنا لكأس العالم 2030 وكأس أمم أفريقيا 2025 حتى نتحول إلى قطب تجاري عالمي”.
المغرب يسعى إلى الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، وذلك من خلال الاستفادة من القانون الأميركي الجديد “قانون الحد من التضخم”
واعتبر رئيس الحكومة أن “الاستثمارات الأجنبية المباشرة خيار إستراتيجي يتجلى من خلال التوقيع على عدد من الاتفاقيات الاستثمارية المهمة، أبرزها المشروع الهام لمنظومة صناعة البطاريات الكهربائية والذي يعد الأول من نوعه بالمغرب، بقيمة استثمارية تقدر بملايين الدراهم، حيث من المرتقب أن يساهم هذا المشروع الرائد في خلق أزيد من 2.500 فرصة عمل”.
واتخذ المغرب خلال العقدين الأخيرين إجراءات مهمة لوضع إطار قانوني ملائم يعزز علاقاته التجارية مع بعض شركائه عبر إبرام مجموعة من اتفاقيات التبادل الحر على المستويين الثنائي ومتعدد الأطراف، منها اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي سنة 2000 والولايات المتحدة سنة 2006.
ويسعى المغرب إلى الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، وذلك من خلال الاستفادة من القانون الأميركي الجديد “قانون الحد من التضخم”، وإجراء حوار منتظم مع الولايات المتحدة بهدف تعظيم فوائد اتفاقية التجارة الحرة.
ودافعت أحزاب الأغلبية عن برامج الحكومة، حيث أكدت أن “مجهودات الحكومة واضحة وتحقق نجاحات يشهد بها العالم كله”.
ودعا فريق حزب الاستقلال من الأغلبية، الحكومة إلى مراجعة اتفاقيات التبادل الحر مع مجموعة من البلدان لتقييم دقيق للإيجابيات والسلبيات والقيام بقراءة مركزة لأسباب العجز التجاري، بسبب التفاوت بين الواردات والصادرات.
وذهب إدريس السنتيسي رئيس فريق حزب الحركة الشعبية المعارض، بالغرفة الأولى، إلى حد مطالبة الحكومة بأن “تتحلى بالجرأة وتتقدم ببرنامج حكومي تعديلي”، لافتا إلى أن “هناك ما هو ممكن وما هو صعب، ويبدو الحديث عن الانكباب على التشغيل خلال ما تبقى من الولاية فرصة للقيام بهذا الأمر، لأن هذا هو البرنامج الذي ينتظره جميع المغاربة”. واعتبر أن “الحكومة تجتهد فقط في التعبير عن النوايا، غير أنها بلا حلول أو برامج واضحة المعالم”.