الجزائر: عودة تبون من جولة خارجية فاشلة.. وسخرية عارمة من استقبال زعيم بوليساريو

لم يسترح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون من « عناء » جولته التي قادته إلى كل من مصر وسلطنة عمان، والتي بالمناسبة عاد منها خالي الوفاض، حتى سارع إلى مطار هواري بومدين من أجل استقبال شخصية وصفت بالمهمة.. « رئيس جمهورية تندوف » المدعو إبراهيم غالي. استقبال أثار الكثير من السخرية من طرف رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين وصفوا هذا الاستقبال بالأغرب في تاريخ العلاقات الدولية التي لا يمكن أن يحدث سوى في الجزائر.. حيث استقبل الرئيس الجزائري على السجاد الأحمر « رئيس ولاية جزائرية » كما يستقبل رئيس دولة.

أثار الاستقبال الذي خصصه تبون لزعيم بوليساريو موجة من السخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر المنتقدون أن تبون أراد أن يقلد طريقة استقبال الملك محمد السادس للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الدولة التي قام بها إلى المملكة هذا الأسبوع، بيد أن تبون، وفق تعبير الساخرين، يفتقر إلى هيبة رئيس فالأحرى أن يبلغ مراتب الملوك.

مناسبة هذا الاستقبال هي فقط للتأثيت ليس إلا، حيث سيكون ضمن حفنة من المتفرجين في الاستعراض العسكري الذي تنظمه الجزائر بمناسبة الذكرى 70 لما يسمى بـ »اندلاع الثورة التحريرية المجيدة »، إلى جانب الرئيسين التونسي والموريتاني.

ونال المدعو إبراهيم غالي حظه أيضا من السخرية، حيث بدا خلال الاستقبال بالمطار تائها ومرتبكا لكونه لم يعتد أبدا على طقوس الاستقبال من هذا الطراز وليست له أية دراية بالبروتوكلات المعتمدة، لذلك فقد بدا مضحكا وهو يمشي على السجاد الأحمر ويسبق مضيفه ولا يتوقف لمبادلة التحية مع ممثل ولي نعمته: العسكر….

جولة خارجية خالية الوفاض

استهل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عهدته الثانية بجولة خارجية خاوية الوفاض، حيث عاد إلى بلاده بدون تحقيق أية نتيجة، يوم الأربعاء 30 أكتوبر في الوقت نفسه الذي أنهى فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارة الدولة للمملكة المغربية.

وفي الوقت الذي عاد فيه الرئيس الجزائري بخيبة أمل من زيارته، حقق المغرب مكاسب اقتصادية ودبلوماسية كبيرة بفضل زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والتي أبرزت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وفتحت آفاقا جديدة للتعاون، خصوصا في مجالات الاقتصاد والطاقة المتجددة. ويعكس هذا التباين في النتائج مدى الفجوة بين مقاربة الجزائر المتعثرة والموقف المغربي القوي المدعوم بعلاقات دبلوماسية راسخة.

تناقضات سياسية وسخرية شعبية

لم يكن ملف الصحراء وحده الذي جلب السخرية تجاه زيارة تبون، إذ أثار توجهه لكل من مصر وسلطنة عمان، اللتين تجمعهما علاقات مع إسرائيل، انتقادات جزائرية واسعة، إذ رأى المنتقدون أن النظام الذي يتهم المغرب بـ« التطبيع » لا يتوانى في زيارة دول تربطها علاقات وطيدة بالدولة العبرية.

وازداد الوضع تعقيدا عندما انتقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مؤتمر صحفي مشترك في القاهرة تدخلات الجزائر في شؤون دول أخرى، في رسالة اعتبرها الكثيرون تحذيرا مبطنا موجها لتبون، في إشارة ضمنية لدعم الجزائر لجبهة البوليساريو في نزاع الصحراء.

سخرية من الخطاب الارتجالي لتبون

إذا كانت زيارة تبون لسلطنة عمان قد تخللها توقيع بعض مذكرات التفاهم في مجالات مثل تنظيم المعارض والفعاليات والمؤتمرات، فإن مروره من دولة مصر من خلال الزيارة التي وصفت بـ« الأخوية » أساء إلى بلاد « القوة الضاربة » أكثر مما قد ينفعها. ذلك أن الخطاب الباهت والتائه لتبون أمام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد أظهر الحجم الحقيقي لواجهة النظام العسكري المستولي على الحكم في الجزائر.

فقد أثارت كلمة تبون أمام السيسي موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث بدا مترددا في حديثه عن قضية الصحراء بشكل غامض، مما أعطى انطباعًا عن ضعف موقفه وافتقاده الجرأة للتعبير عن رأيه بصراحة.

ووصف المتابعون أداءه بـ« المرتبك »، معتبرين أن محاولاته لتحصيل مكاسب دولية باءت بالفشل، في ظل عجزه عن حشد أي تأييد إقليمي أو دولي.

أزمة اقتصادية متفاقمة

بينما يسعى الرئيس الجزائري لحشد دعم خارجي، يعيش الاقتصاد الجزائري تدهورا واضحا، حيث بلغ معدل التضخم السنوي 7.6% في عام 2024، ما يعد الأعلى بين دول المنطقة المغاربية، مقارنة بـ 2.2% في المغرب و7.4% في تونس.

وتعاني الجزائر في الوقت نفسه من ارتفاع حاد في أسعار السلع الأساسية وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن، ما تسبب في زيادة الاحتقان الاجتماعي الذي يتصاعد يوما بعد آخر.

في ضوء هذه المؤشرات، تبدو الجزائر أمام أزمة شاملة تمتد من السياسة إلى الاقتصاد والمجتمع، إذ يعجز النظام الحالي عن تحقيق مكاسب ملموسة تعزز صورة البلاد داخليًا وخارجيًا. وتأتي زيارة الرئيس تبون لمصر وسلطنة عمان لتؤكد محدودية السياسة الخارجية الجزائرية في كسب دعم دولي لأجندتها، بينما تواصل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية تأثيرها العميق على حياة المواطنين، مما يضع مستقبل البلاد أمام تحديات متزايدة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: