قرار مجلس الأمن يكرس الجزائر طرفا في النزاع حول الصحراء المغربية

ماموني

أصدر مجلس الأمن الدولي مساء الخميس قرارا جديدا رقم 2756 حول نزاع الصحراء المغربية، جدد بموجبه الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب كحل جاد وذي مصداقية، داعيا الجزائر إلى المشاركة في المفاوضات كطرف أساسي. وهذه المبادرة تلقّت منذ طرحها سنة 2007 تأييدا متزايدا من قبل المجتمع الدولي، ما يعزز موقف المغرب وسعيه الجاد نحو حل سياسي عادل ومستدام تحت سيادته على أقاليمه الجنوبية.

كما كرس النص الجديد الإطار والأطراف والهدف من العملية السياسية حين ذكّر بالزخم الذي أحدثته اجتماعات الموائد المستديرة سنتي 2018 و2019، والتي شارك فيها المغرب والجزائر وجبهة بوليساريو وموريتانيا، مركزا على ضرورة التزام جميع الأطراف، بما فيها الجزائر، بالمسار السياسي السلمي الذي تقوده الأمم المتحدة.

ومدّد قرار مجلس الأمن لولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (المينورسو) لعام كامل إلى غاية الحادي والثلاثين من أكتوبر 2025، مبرزا أهمية هذه البعثة في مراقبة وقف إطلاق النار ومواكبة تطورات الوضع، مشددا على “ضرورة تيسير مهام المينورسو، بما في ذلك حرية التنقل والإمدادات اللوجستية، لضمان فعاليتها في مراقبة الوضع على الأرض”.

ورحبت المملكة المغربية بتبني مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، للقرار 2756، حسبما أفادت به وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج في بلاغ لها، مؤكدة أن هذا القرار يأتي في سياق يتسم بالمسار الذي لا رجعة فيه، رسمه العاهل المغربي الملك محمد السادس في قضية الوحدة الترابية للمملكة، من خلال الدعم المتزايد للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن والبلدان المؤثرة لمغربية الصحراء ومبادرة الحكم الذاتي، واستمرار سحب الاعتراف بـ”الجمهورية الصحراوية” الوهمية، وأن القرار يكرس الإطار والأطراف وغاية المسلسل السياسي.

وأقر القرار الأممي الجديد بجهود المغرب الحثيثة لتحسين مستوى المعيشة وتعزيز الحقوق في الأقاليم الجنوبية، إذ أعلن ترحيب مجلس الأمن بـ”الدينامكية الأخيرة، وحثه على الاستمرار في البناء عليها”، في إشارة واضحة إلى الجهود المبذولة من طرف المملكة لتعزيز حقوق الإنسان وتنمية البنية التحتية في المنطقة، والتطورات الإيجابية التي تحققت بفضل النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه المغرب في الأقاليم الجنوبية سنة 2015.

وأفاد الشرقاوي الروداني، الخبير في الدراسات الجيوإستراتيجية والأمنية، بأن “الاعتراف بالتنمية الشاملة التي تعرفها الأقاليم الجنوبية، جاء كجزء من دينامكية أوسع تضمنها القرار الأممي، حيث أشار إلى ضرورة مشاركة الجزائر كطرف أساسي في المفاوضات، وهو ما يعكس إدراكا دوليا جديدا لأهمية دور الجزائر ومسؤولياتها في النزاع، خصوصا في ظل محاولاتها السابقة مع الوفد الموزمبيقي إدخال تعديلات تهدف إلى حذف الإشارات إلى التسوية والبراغماتية وإدراج آليات لمراقبة حقوق الإنسان تحت ولاية المينورسو”.

 

الشرقاوي الروداني: تجديد ولاية المينورسو يعكس عزما على مراقبة الوضع ميدانيا
الشرقاوي الروداني: تجديد ولاية المينورسو يعكس عزما على مراقبة الوضع ميدانيا

 

وأضاف أن “تجديد ولاية بعثة المينورسو لمدة عام آخر، يعكس عزم الأمم المتحدة على مراقبة الوضع ميدانيا لضمان استقرار المنطقة وخلق بيئة مواتية للتقدم في المسار السياسي، بما يساهم في تحييد التوترات وتهيئة الظروف الملائمة للحل السلمي. وبذلك، يمكن اعتبار القرار 2756 تأكيدا صريحا على جدية التزام المجتمع الدولي بالمسار السياسي القائم على احترام السيادة المغربية، ما يعزز مكانة المغرب كشريك أساسي في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليميين”.

وتابع الروداني أن “المغرب أصبح في موقع ريادي على الصعيد الدولي بفضل دينامكيته الدبلوماسية التي تمكنت من إقناع قوى كبرى ومؤثرة بأهمية حل النزاع المفتعل من الجزائر في إطار سيادة المملكة، كما يعكس هذا القرار رغبة المنتظم الدولي في تجاوز المراحل السابقة التي اتسمت بالحلول العقيمة للجزائر والتركيز على حلول واقعية تضمن استدامة السلام في المنطقة، مما يجعل من المبادرة المغربية للحكم الذاتي خيارا رئيسيا يحظى بإجماع دولي متزايد”.

ودعا القرار الجديد لمجلس الأمن إلى التزام الأطراف الأخرى بالانخراط في مفاوضات بناءة، مركزا على ضرورة التزام الجميع، بمن فيهم الجزائر، بالمسار السياسي السلمي الذي تقوده الأمم المتحدة، والتزام جبهة بوليساريو بوقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات بعد تصعيدها الأحادي خلال السنوات الأخيرة، وانخراط جميع الأطراف في مسار التفاوض تحت مظلة الأمم المتحدة، مع التشديد على الطابع السياسي والدبلوماسي لحل النزاع.

ورغم عدم مشاركة الجزائر في عملية التصويت احتجاجا على عدم أخذ مقترحاتها بعين الاعتبار، صوت مجلس الأمن في اجتماع عقده مساء الخميس ضد التعديلين اللذين تقدمت بهما الجزائر على مشروع القرار، والمتعلقين بإضافة فقرة تقضي بتوسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، ثم الدعوة إلى استثنائها من لائحة الأطراف المعنية بهذا الملف، كما رفض أغلب أعضاء مجلس الأمن الدولي المقترحات الجزائرية، داعين إلى الالتزام بالقرارات الصادرة منذ العام 2007 التي تدعو إلى التوصل إلى حل سياسي واقعي ومتوافق عليه، وهو ما يعزز وجاهة الطرح المغربي لحل النزاع المفتعل.

وقالت وزارة الخارجية المغربية تعليقا على القرار بأنه يحدد بوضوح أطراف النزاع، لاسيما الجزائر التي تم ذكرها ضمن القرار أكثر من المغرب. وأكد بلاغ الخارجية المغربية أن عدم المشاركة يدل على عزلة موقف هذا البلد داخل مجلس الأمن والمجموعة الدولية عموما. كما يكشف، وبشكل فاضح تناقضاته: فهو يدعي الدفاع عن الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن وجهود الأمم المتحدة، ويرفض في نفس الوقت دعم هذه الجهود ويستمر في التشبث بمنطق العرقلة .

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: