“مبادرة الحكم الذاتي تكتسب زخماً دولياً كحل لقضية الصحراء المغربية”

بوشعيب البازي

القوتان الاستعماريتان، إسبانيا وفرنسا، اللتان تعرفان جيدا الملف وتدركان تماما ما تعرض له المغرب من بتر لأراضيه، تعترفان بحل واحد فقط للنزاع المصطنع في الصحراء، وهو الحكم الذاتي.

من الواضح أخيرا أن قضية الصحراء، المعروفة بـ« الغربية »، تم اختلاقها من قبل الجزائر. فالجزائر، التي تقع داخل البحر الأبيض المتوسط، استعانت بجبهة البوليساريو وكيان خيالي يسمى « الجمهورية الصحراوية الديمقراطية » لإعادة تنفيذ خطة استعمارية تهدف إلى منح الجزائر الفرنسية منفذا على المحيط الأطلسي، عبر بتر المغرب عن أقاليمه الصحراوية. ولهذا السبب، منذ عام 1975، وبفضل دعم عسكري وسياسي ودبلوماسي ومالي لم يتراجع قط، تعرقل الجزائر جميع محاولات حل قضية الصحراء « الغربية » إن لم تتماشى مع رغبتها في استقلال هذا الإقليم التاريخي التابع للمغرب.

في عام 2007، حدثت نقطة تحول أساسية، حيث قام المغرب بتقديم خطة تسوية مبتكرة قلبت الطاولة دبلوماسيا. تقوم هذه الخطة على الحكم الذاتي الممنوح لـ »الأقاليم الجنوبية »، والذي يضمن احترام السيادة الإقليمية للمغرب، ويسمح للسكان المحليين بإدارة شؤونهم بأنفسهم.

من خلال هذا المقترح، يمنح المغرب جميع « الصحراويين »، بمن فيهم المقيمون أو المحتجزون في المخيمات الجزائرية، الحق في إدارة شؤونهم عبر هيئات تشريعية وتنفيذية ومالية وقضائية. يحتفظ المغرب باختصاصاته السيادية (الدفاع، العلاقات الخارجية) إضافة إلى الصلاحيات الدستورية والدينية للملك. وتشمل سيادة الدولة المغربية أيضا العلم، والنشيد الوطني، والعملة. ويتمتع البرلمان الإقليمي بسلطة تنفيذية يديرها رئيس الحكومة الإقليمية الذي ينتخبه البرلمان ويعينه الملك.

كان من المفترض أن تؤدي هذه الخطة، التي قدمها المغرب للأمين العام للأمم المتحدة، إلى السلام باعتبارها بديلا جادا، كما أنها كانت تتيح للجزائر « حفظ ماء الوجه ». لكن البوليساريو والجزائر رفضاها لتمسكهما بموقفهما الانفصالي.

ومع ذلك، منذ ذلك الحين، بدأ التحول التدريجي في الرأي العام. ففي عام 2008، صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بأن « دولة صحراوية مستقلة » لا يمكن اعتبارها خيارا واقعيا. وفي 21 أبريل 2008، أمام مجلس الأمن، أكد بيتر فان والسوم، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، أن « استقلال الصحراء الغربية ليس اقتراحا واقعيا ».

ومع تمسك البوليساريو بخيارها المتطرف، أعلنت في نونبر 2020 عدم احترامها لوقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه في شتنبر 1991. فيما بقيت الجزائر على موقفها الداعم.

  • في 22 دجنبر 2020، اعترفت واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وتم تأكيد هذا الاعتراف في عام 2021.
  • في مارس 2022، أرسل رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، رسالة إلى الملك محمد السادس، يعتبر فيها أن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب هي « الأساس الأكثر جدية ومصداقية لحل النزاع ».
  • بنهاية عام 2022، تراجع عدد الدول التي تعترف بـ »الجمهورية الصحراوية » من 70 إلى 41 دولة فقط من أصل 195 دولة مستقلة حول العالم.
  • في 23 يونيو 2023، وخلال ندوة بمعهد العلوم السياسية في باريس، صرح الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن الصحراء الغربية تم إنهاء استعمارها في عام 1975 باتفاق ثلاثي بين إسبانيا والمغرب وموريتانيا، مشيرا إلى أن عرقلة الحل لا تأتي من المغرب، الذي قدم حلا يستجيب لمصالح جميع الأطراف ويدعمه مجلس الأمن.
  • في 30 يوليوز 2024، أرسل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسالة إلى الملك محمد السادس أكد فيها أن فرنسا تعتبر خطة الحكم الذاتي هي « الأساس الوحيد للوصول إلى حل سياسي عادل ودائم وقابل للتفاوض » وفقا لقرارات مجلس الأمن.

باختصار، تتفق القوتان الاستعماريتان، إسبانيا وفرنسا، اللتان تعرفان الملف جيدا وتدركان تماما ما تعرض له المغرب من بتر لأراضيه، على أن الحل الوحيد للنزاع المصطنع في الصحراء هو الحكم الذاتي.

واليوم، في نهاية عام 2024، تدعم حوالي مائة دولة حل المغرب بالحكم الذاتي للصحراء الغربية تحت السيادة المغربية، بما في ذلك 14 دولة أوروبية (إسبانيا، فرنسا، البرتغال، ألمانيا، النمسا، هولندا، بلجيكا، لوكسمبورغ، هنغاريا، رومانيا، سلوفاكيا، التشيك، قبرص ومالطا)، مع وجود 28 قنصلية عامة مفتوحة في مدينتي العيون والداخلة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: