“تحت مظلة التعديل الوزاري: تخصيص أزيد من 50 مليار درهم لمعاشات كبار المسؤولين”
بوشعيب البازي
التفاوت المالي والجدل حول معاشات كبار المسؤولين، مع تباين رموز الرفاهية والثراء مع مشاهد تمثل صعوبات الحياة اليومية للمواطنين.
أثار الكشف عن تخصيص ازيد من 50 مليار سنتيم كمعاشات على أزيد من 600 شخصية من عالم السياسة والفن والرياضة في أعقاب التعديل الوزاري الأخير جدلاً واسعاً في الأوساط المغربية. تُخصص هذه المبالغ الضخمة لعدد محدود من كبار المسؤولين السابقين، مما دفع الكثيرين للتساؤل حول العدالة في توزيع الموارد العامة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي يعاني منها المواطن العادي، مثل ارتفاع تكاليف المعيشة وتزايد نسبة البطالة.
يُعتبر نظام معاشات كبار المسؤولين في المغرب من أكثر الأنظمة إثارة للانتقادات، حيث يحصل المسؤولون على معاشات مريحة بعد فترة خدمة قصيرة نسبيًا، في حين يواجه المواطنون تحديات مالية للوصول إلى تقاعد يضمن لهم حياة كريمة. هذا الأمر يعكس، في نظر البعض، فجوة واضحة بين الفئات المسؤولة عن إدارة الشأن العام والأفراد العاديين، ما يزيد من الإحساس بعدم المساواة.
إلى جانب ذلك، يرى المنتقدون أن هذه المبالغ الطائلة المخصصة لمعاشات المسؤولين تأتي على حساب مجالات أخرى قد تكون أكثر احتياجاً للدعم، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. في وقت تسعى فيه الحكومة إلى تقليص النفقات وترشيد الموارد العامة، يُثار التساؤل حول إمكانية إعادة النظر في نظام معاشات المسؤولين وتوجيه الموارد نحو دعم الطبقات الأكثر تضرراً، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
وبعد التعديل الوزاري الأخير، يتطلع الكثيرون إلى رؤية إصلاحات جادة تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية وتعيد بناء الثقة بين المواطنين والدولة، وذلك من خلال قرارات تعكس توجهًا حقيقيًا نحو تحسين حياة المواطن العادي، بدلاً من زيادة الامتيازات للطبقات العليا.
وسلطت يومية الصباح في عددها الصادر لنهاية الأسبوع الجاري الضوء على هذا الموضوع، مشيرة إلى أن أموال المعاشات المتأتية من جيوب المواطنين دافعي الضرائب، سيحصلها الوزراء الذين غادروا حكومة عزيز أخنوش في التعديل الحكومي على تعويض سمين، يساوي 10 أشهر من التعويضات الشهرية، التي كانوا يحصلون عليها وهم يدبرون القطاع الوزاري، وهو ما يعني حسب الجريدة 60 مليونا لكل واحد منهم، وفق ما ينص عليه الظهير الشريف رقم 331-74-1 الصادر في 1975، المتعلق بوضعية أعضاء الحكومة وتأليف دواوينهم.
وأوضحت اليومية أن ثمانية وزراء غادروا حكومة أخنوش، وهم خالد أيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية وشكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ومحمد صديقي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية، وعبد اللطيف الميراوي وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ومحمد عبد الجليل وزير النقل واللوجستيك، وعواطف حيار، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، ومحسن الجزولي وزير الاستثمار والتقائية البرامج وتقييم السياسات العمومية، وغيثة مزور، وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة.
وأشار مقال «الصباح» إلى أنه يحق للوزراء، وفق ما ينص عليه القانون السالف الذكر، الحصول على تقاعد استثنائي قد يصل إلى 7 ملايين شهريا، أو عاد بنحو 4 ملايين، بالنسبة إلى العاطلين، وفي حال توفرهم على دخل شهري، يلتمس منهم ملء استمارة سنويا، لإثبات الأجر قصد الحصول على الفارق لإتمام 4 ملايين، كي يحافظ الوزير على مركزه الاجتماعي وسط أقرانه، وأسرته ومحيطه، ويستمر في العيش بطريقة سلسة.
في المقابل، أبرزت الصحيفة أن 5 وزراء عينوا حديثا، سيتركون مقاعدهم البرلمانية، لمن يأتي ثانيا في لوائح ترشيحهم، لتجنب حالة التنافي في الجمع بين عضوية النواب وعضوية الحكومة، وفق ما تنص علية المادة 14 من القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب، بعد شغور مقاعد كل من عبد الصمد قيوح المعين وزيرا للنقل واللوجستيك، عن دائرة تارودانت الجنوبية، وعمر حجيرة، المعين كاتب دولة مكلف بالتجارة الخارجية، عن دائرة وجدة أنكاد، وأديب بنبراهيم، المعين كاتب دولة مكلف بالإسكان عن دائرة الرباط شالة، وهشام صابري، المعين كاتب دولة مكلف بالشغل عن دائرة بني ملال، ولحسن السعدي، المعين كاتب دولة مكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي التضامني عن دائرة تارودانت الشمالية، إذ سيحصل البرلمانيون الجدد على تعويضات زملائهم، 3.6 ملايين، وستطرأ تغييرات على بعض هياكل مجلس النواب، إذ ستكون الغرفة الأولى للبرلمان مطالبة بانتخاب خليفة النائب الثاني لرئيس مجلس النواب، بعد استوزار قيوح، وفق ما تنص عليه أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب، في أول جلسة يعقدها المجلس لما تبقى من مدة انتخاب المكتب.
وتزامنا مع مناقشة مشروع قانون مالية 2025، سيكون مجلس النواب في أعقاب التعديل الحكومي، مطالبا أيضا بانتخاب رئيس جديد للجنة المالية والتنمية الاقتصادية، بعد استوزار لحسن السعدي إذ ناب عنه نائبه الأول أحمد العبادي، في اجتماع لجنة المالية، اليوم الجمعة، وفي غضون ذلك، سيكون على الاستقلال، تسمية رئيس جديد بعد استوزار حجيرة، وعلى الأصالة والمعاصرة، اقتراح نائب في لجنة الخارجية والدفاع الوطني، بعد استوزار صابري، وأيضا عضو جديد المالية، بعد استوزار بنبراهيم.