لقد روجت العديد من الأبواق المعادية بأن خطاب ثورة الملك والشعب في 20 غشت من سنة 2022..كان فقط نوعا من الهروب الى الامام او ضربا من الخيال… خاصة و أن لغته القوية و الغنية بمعاني الثقة في النفس و الندية بوضع إحداثيات دقيقة للتعامل مع الدولة المغربية سواء في خلق الصداقات او انجاز الشراكات حيث تحتل الصحراءالمغربية حجر الزاوية فيها و انها المنظار الذي يرى به العالم…و زادت تلك الابواق من بلة الطين بقولها أن المغرب لن يقوى على الوقوف و الصمود طويلا في ظل المتغيرات الجيوستراتيجية السريعة سواء على المستوى القاري أو العالمي…فجاء الرد سريعا بأن المغرب لم و لن يفاوض على صحراءه…
كان لابد لنا من استحضار مضمون ذات الخطاب التاريخي و نحن نستعد لاستقبال رئيس الــدولــة الفرنسية ايمانويل ماكرون في آخر شهر أكتوبر 2024 بعد تأجيله أكثر من مرة…
لكن بعد رسالة الإعتراف التاريخي بمغربية الصحراء و بأن مبادرة الحكم الذاتي هي السقف الوحيد في شهر يوليوز من سنة 2024..فإننا مستعدون لرميه بالورود و نفرش له السجاد الأحمر…
سنؤجل إعادة شريط محطات الازمة بين باريس و الرباط الى مساحة أخرى..لكن ضروري التذكير بتكالب القوى المعادية إبان تلك الأزمة و كيف حاولت تعميقها من خلال عقد صفقات جديدة للبترول و الغاز الطبيعي و توقيع عقود التسليح و زيارات عديدة لعسكريين و على رأسهم الجنرال شنغريحة…و تكوين لجان الذاكرة..و تمويل أعمال قذرة بأقلام مأجورة و سياسيين “للبيع” باروبا من اجل تشويه صورة المغرب…وغير ذلك من حسنات شهر عسل لم يدم طويلا…
في نفس الفترة اشتغل المغرب على تنويع شركاءه و توسيع دائرة اصدقاءه سواء بإفريقيا أو أوروبا…و ظهر المغرب كفاعل إقليمي قوي و دولي موثوق فيه..سواء في مجال محاربة الإرهاب الدولي او الجريمة العابرة للقارات و محاربة الهجرة السرية و تجارة البشر…
وهي المجالات التي فشل فيها النظام العسكري الجزائري…الذي مهد الطريق لعصابات السلاح و الاتجار في البشر سواء بمخيمات تندوف أو في الحدود المالية أو الموريتانية ومنها الهجوم على موكب الرئيس الموريتاني العائد من الجزائر في فبراير 2024 و موت مرافقه….بالإضافة الى فشل ذات النظام العسكري في مصالحة دول الساحل جنوب الصحراء…و المساهمة في زرع أجسام ارهابية إيرانية المنطقة….
و قد ظهر النظام العسكري الجزائري منهكا بعد خيبات سياسية و عسكرية بمنطقة الساحل بعد تعدد الانقلابات العسكرية ادت الى قلب معادلات سياسية و عسكرية كإنهاء عمليات برخان و تاكوبا و سابر…الخاصة بمحاربة الإرهاب…بمنطقة دول الساحل…
في ذات الوقت وضع المغرب اللمسات الأخيرة “للمبادرة الأطلسية ” التي اعلنها خطاب المسيرة الخضراء في نوفمبر 2023…سواء من خلال المبادرة بخلق تكثل لمجموع دول غرب افريقيا المطلة على المحيط الأطلسي أو بخلق منفذ اطلسي لدول الساحل جنوب الصحراء…مقدما بذلك بديلا اقتصاديا و سلة للتنمية عوض المقاربة الأمنية و العسكرية..وهي المبادرة التي لقيت الى جانب مشروع أنبوب الغاز نيجيريا/ المغرب…تجاوبا كبيرا من الدول الافريقية بالساحل الأطلسي و دول الساحل …
و رغم كل تلك المطبات السياسية والقضائية و الأمنية التي عرفتها العلاقات المغربية / الفرنسية حيث عمل النظام العسكري على تعميق بعضها بسوء نية و لغايات بئيسة..فإن المغرب حافظ على شعرة معاوية مع باريس سواء من حيث التنسيق القضائي و الأمني أو في مجال التبادل التجاري حيث بلغت فقط في سنة 2023 حوالي 13 مليار أورو..كما تواصلت زيارات العمل و التنسيق…بل احتضن قصر الايلزي حفل غداء على شرف صاحبات السمو الملكي شقيقات صاحب الجلالة الملك محمد السادس بدعوة من سيدة فرنسا الاولى بريجيت ماكرون في فبراير 2024..كرسالة على عودة الدفيء للعلاقات بين باريس و الرباط…
اليوم عندما يزور الرئيس الفرنسي ماكرون المغرب..فهو يزور مغرب خطاب 20 غشت 2022 و خطاب المسيرة لسنة 2023..وهو المغرب الغني بفرص الاستثمار و التنمية و بفرص السلام و الأمن بدول الساحل و الغرب الاطلسي…
و المغرب كبوابة افريقيا و جسر للتنمية و الأمن و محاربة الجريمة و الاتجار في البشر…
نحن نعرف جيدا أن زيارة الدولة للرئيس ماكرون للمملكة الشريفة و اعترافه التاريخي بسيادة المغرب على صحراءه قد زعزت أركان نظام الجزائر المهترئ و اصابته بحالة من الإسهال و الهستريا الإعلامية….لكنها ( الزيارة ) تحمل رسائل بداية العد التنازلي لنهاية نزاع ينتمي لمرحلة الحرب الباردة..قاده بالوكالة القدافي القدافي و بومدين و آخرون..
لن نقول وصلنا لنهاية الطريق بل سنردد قول الملك محمد السادس…المغرب لا يتفاوض على صحراءه…وهي المعيار الواضح و البسيط الذي يقيس به المغرب صدق الصداقات و نجاعة الشراكات…فمرحبا بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في بلاد الشرفاء…هذا في الوقت الذي يقيم فيه النظام الجزائري خيمة العزاء و اللطم على طريقة أصدقاءهم في النظام الايراني…ماكرون بعد إنكار الأمة الجزائرية في تاريخ سابق… هاهو يصيبهم قي مقتل….
عبد الله بوصوف…