أزمة المياه في الجزائر: النظام يواصل تعليق فشله على المغرب
فيديوعادت أسطوانة النظام الجزائري المشروخة لتدوي في الساحة الدولية من جديد، معيدة إلى الواجهة اتهامات موجهة إلى المغرب بالتسبب في أزمة المياه التي تخنق الجزائر. في تكرار لنظرية المؤامرة التي تلازم هذا النظام عند كل إخفاق داخلي، اتهم وزير الموارد المائية الجزائري، طه دربال، خلال الاجتماع العاشر للأطراف في اتفاقية حماية المجاري المائية العابرة للحدود، المغرب بالتأثير السلبي على الموارد المائية المشتركة بين البلدين. لكن هذه الادعاءات تثير السخرية أكثر مما تثير الاهتمام، إذ تأتي في سياق محاولات النظام الدائمة تصدير أزماته الداخلية وربطها بأطراف خارجية.
خلال الاجتماع المنعقد في العاصمة السلوفينية ليوبليانا يوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024، اتهم المسؤول الجزائري المغرب بالتسبب في « كوارث بيئية » بغرب الجزائر، مدعيا أن السدود المغربية تلوث المياه الواردة إلى سد « حمام بوغرارة » بولاية تلمسان وتسبب في تجفيف سد « جرف التربة ». كما زعم أن هذه الممارسات أدت إلى تدمير التنوع البيولوجي في الجنوب الغربي للجزائر.
هذه الاتهامات ليست جديدة على النظام الجزائري الذي اعتاد تحميل جاره المغربي مسؤولية أي إخفاق، حتى وإن كان غير منطقي، مثلما حدث سابقا عند اندلاع احتجاجات بسبب نقص المياه في ولاية تيارت. كما سبق أن ردد المسؤول نفسه، هذا الكلام ذاته، خلال مشاركته في المنتدى الدولي العاشر للمياه المنعقد في بالي بإندونيسيا، بيد أن المغرب يتعامل مع هاته الاتهامات بمنطق التجاهل لكونها غير منطقية وغير مبنية على أي أساس.
ومن الناحية العلمية، يدحض المختصون في علم الجغرافيا هذه المزاعم، مؤكدين أن المياه السطحية في المغرب تنبع من أراضيه، ولا توجد موارد مائية مشتركة بين البلدين الجارين. وبالتالي، فبدلا من كيل الاتهامات للمغرب، يجدر بحكام الجزائر البحث عن حلول جذرية لمشاكلها الداخلية.
إجهاد مائي وفوضى في استغلال الموارد
الحقيقة المؤلمة التي يواجهها النظام الجزائري هي أن أزمته المائية تعود إلى الاستغلال الفوضوي للمياه الجوفية والسطحية، والذي أدى إلى تلوث المياه وتدهور جودتها.
ورغم محاولات السلطات لاحتواء هذه الأزمة، تظل الجزائر من بين الدول الأكثر فقرا من حيث الموارد المائية. يعاني البلد من إجهاد مائي خطير، حيث تشير التقارير إلى أن حصة الفرد من المياه لا تتجاوز 295 متراً مكعباً سنوياً، وهو أقل بكثير من المستوى الذي تحدده المنظمات الصحية العالمية.
وبحسب «أطلس مخاطر قنوات المياه» التابع لمعهد الموارد العالمية، فإن الجزائر تواجه واحدا من أعلى مستويات الإجهاد المائي في العالم.
وتفاقم هذا الوضع بسبب النمو السكاني، التغيرات المناخية، وفترات الجفاف الطويلة التي تؤدي إلى شح المياه وتصاعد ظاهرة التصحر، غير أن النصيب الأكبر من المسؤولية يتحملها الفشل الذريع للسياسات المائية للحكومات المتعاقبة في بلاد النفط والغاز.
الأزمة أكبر من الاتهامات
في ضوء هذه الحقائق، تبدو اتهامات النظام الجزائري للمغرب محاولة بائسة للهروب من المسؤولية تجاه أزمة حقيقية تواجه البلاد. بدلا من الانخراط في حرب كلامية لا طائل منها، يحتاج نظام العسكر المستولي على الحكم منذ عقود في الجزائر إلى إيجاد حلول حقيقية لهذه الأزمة التي تهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.