المغرب يزيد من ميزانية الدفاع لتعزيز قدراته الدفاعية والتصنيع المحلي
عكس الاهتمام بالمجال العسكري عبر إبرام صفقات التسلح وزيادة موازنة الدفاع في قانون المالية الجديد بالمغرب، سعي المملكة المغربية لتعزيـــــز قدراتها الدفاعية ولعب دور قاري وإقليمي مهمّ في ظلّ الرهانات السياسية بالمنطقة.
خصص المغرب مبلغ 13 مليار دولار للصفقات العسكرية حيث ارتفعت ميزانية الدفاع في قانون مالية 2025 مقارنة بسنة 2024، إذ كانت تصل إلى 124 مليار درهم، وتهدف إلى تمويل صفقات تسلح مهمة، من بينها تحديث وتجديد المعدات العسكرية، بالإضافة إلى اقتناء تقنيات وأنظمة حديثة لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.
وصادق المجلس الوزاري، الذي ترأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس الجمعة بالرباط، على التوجهات العامة لمشروع قانون المالية برسم سنة 2025 على سبعة مشاريع مراسيم تهم المجال العسكري، وهو ما يعكس التزام المغرب بتعزيز قدراته الدفاعية للحفاظ على تفوقه الإقليمي في المجال الدفاعي، وتماشيًا مع التحولات الجيوسياسية في المنطقة.
وُيعتبر برنامج التحديث العسكري للمغرب جزًءا من إستراتيجية شاملة لتحسين البنية التحتية الدفاعية التي تتضمن صفقات شراء معدات متقدمة مثل الطائرات المقاتلة والدبابات وأنظمة الدفاع الجوي، وقد يكون من بينها احتمال اقتناء طائرات ”رافال“ الفرنسية، التي تمثل أحد أبرز الخيارات المطروحة لتعزيز القوة الجوية المغربية، فضلا عن مصادر أخرى محتملة للتسلح من شركاء دوليين مثل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والهند والصين وتركيا.
وتم تخصيص 8 مليار دولار، في الاجتماع لميزانية نفقات الموظفين والتسيير الوزاري، مع عزم المغرب على الرفع من أجور أفراد القوات المساعدة والوقاية المدنية والقوات المسلحة الملكية والدرك الملكي، حسب مشروعي مرسومين يتضمنان تفاصيل الزيادة حسب الفئات، في إطار العناية الخاصة التي يوليها الملك، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، للنهوض بالأوضاع الاجتماعية والمادية لهذه القوات، وذلك على غرار الزيادات المقررة لجميع الموظفين في إطار الحوار الاجتماعي.
وبلغت ميزانية المغرب المخصصة للدفاع في العام 2024 حوالي 12 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بالسنوات السابقة، حيث يعمل المغرب على تعزيز قدراته الدفاعية والعسكرية من خلال تحديث المعدات واقتناء أنظمة جديدة.
وبالنظر إلى الرهانات المنتظرة، يسعى المغرب إلى تعزيز البنية التحتية الدفاعية وتحديث القوات المسلحة، من خلال تطوير الصناعة الدفاعية وصناعة الطائرات المسيرة التي تقوم بمهمات الاستخبارات والهجمات المسلحة، كما يبرم صفقات عسكرية مترادفة سواء في شأن الدفاع أو الهجوم مع دول عدة من بينها أميركا وإسرائيل والبرازيل وتركيا وغيرها.
ويرى هشام معتضد الأكاديمي والباحث في الشؤون الإستراتيجية، أن “زيادة المغرب موازنة الدفاع ينسجم مع توجهاته الإستراتيجية بخصوص تحديث قطاعه العسكري، ومواكبة تنزيل خططه السياسية المتعلقة بدعم وتطوير صناعة الدفاع، خصوصا وأن الصناعة العسكرية المغربية باتت تشكل رافعة أساس في التموقع الجيوسياسي الذي اختاره المغرب في فضائه الإستراتيجي.
ولفت في تصريح لـه ، إلى أن “الزيادة في الميزانية للمرة الثانية بمبلغ مهم يتناسب مع التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة وفضاء الساحل والصحراء، مع رهان المملكة على مراقبة جميع الحدود البرية والبحرية لضبط الهجرة غير الشرعية”، مشيرا إلى أن ” زيادة موازنة الدفاع يعود إلى وعي أصحاب القرار في المغرب بارتفاع مختلف النفقات المرتبطة بشراء الأسلحة أو يرجع أيضًا لصيانة المعدات العسكرية ومواكبة التطورات اللازمة للدفاع والقطاع العسكري”.
وتابع معتضد، أن “المغرب انطلق في إعداد مخطط دفاعي فعال وطموح من أجل تحصين الأمن القومي، انطلاقًا من موقعة الجغرافي كجسر بين أوروبا وأفريقيا، وذلك بتنويع الشركاء وخلق بيئة حاضنة لصناعة عسكرية محلية، وذلك تحقيقا لتوازناته الإستراتيجية والزيادة من تنافسيته الإقليمية والدولية، وتعزيز الاستثمار المتزايد في قطاعه الدفاعي وتنشيط دورة الصناعة العسكرية محليًا”.
المغرب اعتمد في يوليو 2020 المرسوم التنفيذي للقانون بخصوص عتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة
وارتباطا بالاستمرار في المحافظة على الحجم المتزايد لمخصصات الانفاق العسكري المغربي خلال السنوات الخمس الأخيرة، ذهب معتضد، إلى أن “كل المؤشرات تدل على أن العالم يعيش مرحلة تحولات إستراتيجية كبرى، ومنطقة شمال أفريقيا والقارة السمراء التي تتأثر بالتحولات التي تعيشها الديناميكية الدولية، فالمغرب قام بتشخيص ما يجري وما هو مقبل عليه كثيرًا العالم خلال السنوات المقبلة، من منطلق التزامه بضبط وتطوير وتحديث قطاعه العسكري والاستثمار في بناء دفاعه الوطني وتقوية منظومته الحربية”.
واعتمد المغرب في يوليو من العام 2020 المرسوم التنفيذي للقانون بخصوص عتاد وتجهيزات الدفاع والأمن والأسلحة والذخيرة، وهو نص تشريعي محدث يعد الإطار الجديد لدعم وتطوير الأنشطة الصناعية المخصصة للدفاع في المغرب، وينص على تصنيف العتاد والتجهيزات والأسلحة والذخيرة والعتاد الدفاعي في العمليات العسكرية البرية أو البحرية أو الجوية أو الفضائية، فضًال عن تحديد كيفيات وشروط منح تراخيص التصنيع والتزامات الفاعلين في هذا المجال.
وفي السياق ذاته، أكد موقع “بولغاريان ميليتيري”، المتخصص في أخبار التسلح أن القوات المسلحة الملكية أبدت اهتماًما كبيًرا بطائرات النقل البرازيلية المتطورة، بعد التقييم الأولي الذي أجرته لهذه الطائرة في مارس الماضي، مشيًرا إلى أن ”اهتمام المغرب بهذه الطائرة العسكرية يأتي في إطار استعداد المملكة للتخلص التدريجي من أسطول طائرات النقل الأميركية من طراز ’لوكهيد سي130-‘ الذي يعتمد عليه المغرب منذ عقود”.
وذكر المصدر ذاته أن قدرات طائرة ”سي390- ميلينيوم“ تجعلها خياًرا جيًدا لجهود تحديث القوات المسلحة التي تقودها المملكة المغربية، معتبًرا أن ”المحادثات بين الحكومة المغربية وشركة ’إمبراير‘ الاقتصار فقط على شراء هذا النوع من الطائرات، بل تشمل أيًضا مختلف الجوانب المتعلقة بالتعاون الصناعي الدفاعي، إذ أن هناك دلائل قوية على إمكانية إجراء بعض عمليات التصنيع أو التجميع في المغرب، وهذا يتماشى مع إستراتيجية البرازيل لنقل التكنولوجيا وتوقيع صفقات الإنتاج المشترك مع أعمالها”.