الاتحاد الأوروبي يعتبر مقترح دي ميستورا لتقسيم الصحراء غير واقعي
تتصاعد الأصوات الأوروبية الرافضة لمقترح المبعوث الأممي إلى الصحراء ستيفان دي مستورا والذي يعود لسنة 2002 ويقترح تقسيم الصحراء بين المغرب وجبهة بوليساريو إلى جنوب وشمال والذي رفض سابقا من قبل الرباط والجبهة الانفصالية على حد سواء.
وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي لوكالة “أوروبا بريس” “إن أي حل لقضية الصحراء يجب أن يكون عادلا وواقعيا وعمليا ودائما ومقبولا من كلا الطرفين، على أساس التسوية وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي”.
ويبدو أن المقترح الذي ولد ميتا يلقى معارضة شديدة من الاتحاد الأوروبي كونه يتجاهل واقعية المقترح المغربي المتعلق بمبادرة الحكم الذاتي والتي باتت تستقطب الكثير من التأييد الدولي وخاصة بأحقية المغرب في صحرائه.
ويؤكد تصريح المسؤول الاوروبي على ضرورة أن يكون الحل بالمنظور الاوروبي نتاج واقعية وأن يكون عمليا ودائما ومقبولا وهي خصائص لا توجد في مقترح دي ميستورا فيما يعتقد بشكل واسع أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية هي الإطار الأنسب لحل هذا النزاع المفتعل.
والمقترح مرفوض من المغاربة والذين طالب بعضهم بسحب الثقة من دي مستورا وكذلك مرفوض من الجبهة الانفصالية المدعومة من الجزائر والتي أدت نجاعة الدبلوماسية المغربية في حشرها في الزاوية واضعاف اطروحتها، لكن المقترح لا يحظى أيضا بتأييد خارجي ودولي وهو ما يثبته موقف الاتحاد الأوروبي الأخير ما يعني أن المبعوث الأممي أمام طريق مسدود وأن مقترحه ولد ميتا بالفعل.
وشدد المسؤول الأوروبي “على أهمية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي بالنسبة للاتحاد الأوروبي” حيث يشير هذا الموقف أن الجانب الأوروبي يعتبر مقترح دي ميستورا لا يشجع بتاتا على الاستقرار بل سيؤدي ربما الى حالة من التوتر خاصة وأن المغرب الحليف الاستراتيجي للغرب ولأوروبا سيعمل على الحفاظ على أمنه القومي وسيادته على ترابه لأن “ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم” في خطاب تاريخي حاسم للعاهل المغربي الملك محمد السادس في 2022.
وتعليقا على موقف الاتحاد الأوروبي قال جواد القسمي، باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية لموقع “هسبرس المغربي” “تصريحات مسؤولي الاتحاد الأوروبي تكاد تكون متطابقة حول مشكلة الصحراء، إذ تؤكد التزام الاتحاد بالعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، من خلال الدعوة إلى حل عادل وواقعي وعملي ومقبول من الطرفين وفقا لقرارات مجلس الأمن”.
وأضاف “مقترح دي مستورا نجده مرفوضا من الطرفين وبعيدا عن الواقعية، ولا يتماشى مع الدعم المتنامي للمبادرة المغربية للحكم الذاتي وتأييد المجتمع الدولي لرؤية المملكة المغربية لمستقبل الصحراء”.
وأكد أن “الاتحاد الأوروبي يسعى إلى الحفاظ على علاقاته الاقتصادية والسياسية الوثيقة مع المغرب، ويهمه الحفاظ على الاستقرار بجواره القريب؛ وهذا يجعل مبادرة الحكم الذاتي تبرز كحل يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة ومواقف الدول التي تدفع بالمسار الأممي لتسوية هذا الملف، الذي امتد لأكثر من خمسة عقود”.
وشرح القسمي مضمون خطاب المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي قائلا “تصريح المسؤول الأوروبي يُفهم منه رفض أي مقترح انفصالي، ولو لم يُذكر ذلك صراحة؛ لأنه يشير إلى ضرورة أن يكون الحل واقعيا وهو ما يمكن تفسيره بأنه رفض لأي حل قد يزعزع استقرار المنطقة أو يؤدي إلى تفاقم النزاع”.
وطالب بوليساريو وداعمته الجزائر بضرورة فهم واستخلاص الموقف الأوروبي قائلا “كل هذه الإشارات يجب على الجزائر أن تدركها، وتفهم أن مشروعها الانفصالي في الصحراء فشل فشلا ذريعا ولم يعد يجد من يدعمه وأن مستقبل المنطقة وشعوبها مرهون بتسوية هذا الملف تحت السيادة المغربية، من أجل إطلاق دينامية تنموية مغاربية حقيقية”.
من جانبه قال محمد عطيف، باحث في العلاقات الدولية لموقع ” هسبريس” أن “تصريح المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي يعكس رفض بروكسل لأي مقترح لتسوية ملف الصحراء خارج الشرعية الدولية والقانون الدولي”.
وأكد أن “المغرب شدد ومنذ طرحه لمبادرة الحكم الذاتي، أنه لا تفاوض على الصحراء خارج هذا الحل الذي تكرست مصداقيته بقرارات الأمم المتحدة، باعتباره يستجيب لمعايير الواقعية والعملية التي تنادي بها كل دول العالم” مضيفا ” المملكة المغربية حققت مجموعة من الإنجازات والتراكمات التي لم يعد بالإمكان معها الحديث عن أي حل خارج مشروع الحكم الذاتي. وعليه، فإن أي تداول لمقترحات أخرى يعد محاولة لصرف الانتباه عن تنامي الدعم الدولي لمغربية الصحراء، حتى داخل الفضاء الأوروبي نفسه”.
وقال ان “التوجه السائد اليوم في الاتحاد الأوروبي هو دعم مخطط الحكم الذاتي؛ وهو ما يتضح من خلال مواقف مجموعة من الدول، مثل إسبانيا وهولندا وفرنسا وألمانيا، التي تدعم المغرب في اتجاه الطي النهائي لهذا الملف الذي طال أمده” معتبرا أن ” أن “بروكسل تراهن على ضمان الاستقرار في جوارها الإقليمي. وعليه، فإن وجود أي كيان تقوده بوليساريو في المنطقة لا يمكن أن يخدم أجندة الاستقرار الأوروبية بأي شكل من الأشكال؛ وهذا ما يدركه الاتحاد الأوروبي جيدا”.
ولا يزال المغرب قادرا على فرض مقترحه باعتباره حلا واقعيا وذلك بعد النجاحات الدبلوماسية باعتراف دول مثل الولايات المتحدة واسبانيا وفرنسا بمغربية الصحراء وفشل اطروحات الانفصاليين وداعميهم في الجزائر.