الملك محمد السادس: المغرب انتقل من مقاربة رد الفعل إلى الأخذ بزمام المبادرة في قضية الصحراء
ألقى العاهل المغربي الملك محمد السادس الجمعة خطابا، في افتتاح الدورة التشريعية، ركز فيه على ملف الصحراء كنقطة مركزية في أجندة المملكة، مشيرا بالخصوص إلى أن المغرب، الذي حقق نجاحات كبيرة، قد انتقل من مقاربة رد الفعل إلى الأخذ بزمام المبادرة في قضية الصحراء المغربية.
وأكد الملك محمد السادس، في خطاب افتتاح السنة التشريعية الجديدة للبرلمان، أنه “منذ اعتلائي العرش، قلت إننا سنمر في قضية وحدتنا الترابية، من مرحلة التدبير، إلى مرحلة التغيير، داخليا وخارجيا، وفي كل أبعاد هذا الملف”. وقال “عملنا لسنوات، بكل عزم وتأن، وبرؤية واضحة، واستعملنا كل الوسائل والإمكانات المتاحة، للتعريف بعدالة موقف بلادنا، وبحقوقنا التاريخية والمشروعة في صحرائنا، وذلك رغم سياق دولي صعب ومعقد”.
وأشاد بموقف فرنسا التي اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء وبمبادرة الحكم الذاتي في إطار الوحدة الترابية المغربية، كأساس وحيد لحل هذا النزاع الإقليمي المفتعل، حاثا “كل المؤسسات والهيئات الوطنية، الرسمية والحزبية والمدنية، على تعزيز التنسيق بينها، بما يضفي النجاعة اللازمة على أدائها وتحركاتها”.
◙ الخطاب الملكي يعبر عن نجاح المغرب في الارتقاء بملف الصحراء المغربية إلى مستوى دولي ويكشف عن تعدد أصدقاء المغرب وداعمي مقاربة الحكم الذاتي
وجاء الخطاب الملكي ليعبر عن نجاح المغرب في الارتقاء بملف الصحراء المغربية إلى مستوى متقدم، حيث بات مثار اهتمام دولي، ودعمته دول مؤثرة عالميا مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، وكشف عن تعدد أصدقاء المغرب وداعمي مقاربة الحكم الذاتي الموسع كأرضية للحل.
وأكد الأكاديمي المغربي الخبير في العلاقات الدولية هشام معتضد أن الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس أمام البرلمان، وركز فيه بشكل رئيسي على قضية الصحراء، “يعكس عمق الرؤية الملكية في التركيز على المؤسسات الوطنية كمحور أساسي للدفاع عن السيادة الوطنية، وتأكيده أن قضية الصحراء ليست مجرد ملف دبلوماسي أو خارجي، بل هي مسألة وطنية تهمّ كافة الفاعلين السياسيين والمؤسسات التشريعية، ما يُشرك جميع مكونات الأمة في الدفاع عن هذه القضية المصيرية”.
واعتبر معتضد في تصريح لـه أن “الملك محمد السادس قدّم أجندة واضحة للدفاع عن سيادة المغرب على صحرائه من خلال إستراتيجية شاملة تجمع بين البعدين الداخلي والخارجي، بتشديده على ضرورة الانتقال إلى مرحلة المبادرة الدبلوماسية الفعّالة، بالاعتماد على التحركات الاستباقية والدعوة إلى إقامة تحالفات إستراتيجية مع القوى العالمية الكبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة، وأيضًا الدول الإقليمية في أفريقيا والعالم العربي”.
وأمام التطور الإيجابي الذي يشهده ملف الصحراء يؤكد العاهل المغربي على انتصاره للحق والشرعية، ويعترف بالحقوق التاريخية للمغرب، لاسيما أن الاعتراف الفرنسي صدر عن دولة كبرى، عضو دائم في مجلس الأمن، وفاعل مؤثر في الساحة الدولية، بالإضافة إلى أن فرنسا تعرف جيدا حقيقة هذا النزاع الإقليمي وخلفياته، كما أنه يأتي لدعم الجهود المبذولة داخل منظومة الأمم المتحدة، بهدف إرساء أسس مسار سياسي يفضي إلى حل نهائي لهذه القضية في إطار السيادة المغربية.وبموازاة ذلك تحظى مبادرة الحكم الذاتي بدعم واسع من طرف عدد متزايد من الدول من مختلف جهات العالم، ونذكر من بينها إسبانيا الصديقة، التي تعرف خبايا هذا الملف، بما يحمله موقفها من دلالات سياسية وتاريخية عميقة، إضافة إلى أغلبية دول الاتحاد الأوروبي.
واستحضر الملك محمد السادس مواقف الدول العربية والأفريقية، التي تساند بكل وضوح والتزام الوحدة الترابية للمملكة. وشدد على أن مسار التنمية، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تشهدها الصحراء المغربية يضع الأقاليم الجنوبية في قلب المبادرات القارية الإستراتيجية التي أطلقتها الرباط، “كمشروع أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا، ومبادرة الدول الأفريقية الأطلسية، إضافة إلى مبادرة تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي”.
ولفت العاهل المغربي إلى ضرورة الحيطة والحذر والتصدي لمناورات الخصوم، وأيضا وجوب تضافر كل المؤسسات والتنسيق بينها من أجل إضفاء النجاعة على أدائها في ملف الصحراء.
وأشار الملك محمد السادس إلى أنه يجب شرح أسس الموقف المغربي للدول القليلة التي ما زالت تسير ضد منطق الحق والتاريخ، والعمل على إقناعها بالحجج والأدلة القانونية والسياسية والتاريخية والروحية، التي تؤكد شرعية مغربية الصحراء، وهو ما يقتضي تضافر جهود كل المؤسسات والهيئات الوطنية وتعزيز التنسيق بينها بهدف كسب المزيد من الاعتراف بمغربية الصحراء.