الركراكي يختبر اختيارات منتخب المغرب من بوابة أفريقيا الوسطى
يواجه المنتخب المغربي لكرة القدم منتخب أفريقيا الوسطي اليوم السبت ويوم الثلاثاء بمدينة وجدة، ضمن منافسات الجولتين الثالثة والرابعة من تصفيات كأس أفريقيا للأمم لكرة القدم المقرر إقامتها بالمغرب خلال الفترة من 21 ديسمبر 2025 إلى 18 يناير 2026.
وتقام المباراتان معا في مدينة وجدة لأول مرة منذ فترة طويلة اقتصر فيها تنظيم مباريات منتخب “أسود الأطلس” على المدن الرئيسية ذات الملاعب الكبيرة، لكن خيار الانتقال إلى شرق المملكة لم يكن خيارا فنيا أو تنظيميا بقدر ما يرجع لكون الملاعب الكبرى تخضع لإصلاحات شاملة في إطار التحضيرات لاستضافة منافسات كأس أمم أفريقيا المقبلة وكذا كأس العالم 2030 بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال. واعتبارا لكونه متأهلا سلفا بصفته البلد المنظم، فإن المنتخب المغربي تحكمه أولويات وأهداف أخرى ذات طابع فني في مجملها ينطلق من رؤية وتطلعات الاتحاد المغربي لكرة القدم الساعي إلى تحضير الخلف من اللاعبين الشباب للتحديات الكبرى القارية والدولية.
أهمية بالغة
في المقابل، تكتسي المباراة بأهمية بالغة بالنسبة إلى المنتخب الضيف الذي سيخوض اللقاءين معا على أرض منافسه مثل العديد من المنتخبات الأفريقية التي اضطرت لاستقبال منافسيها خارج أرضها وتحديدا في المغرب بسبب تشدد الاتحادين الأفريقي (كاف) والدولي (فيفا) لكرة القدم في المعايير المطلوب توفرها في الملاعب لاحتضان المباريات الدولية.
ويتصدر المغرب ترتيب المجموعة الثانية بست نقاط من فوزين في حين يحتل منتخب جنوب أفريقيا المركز الثالث بثلاث نقاط من فوز وهزيمة بالتساوي مع الغابون منافسه المباشر حتى الآن على البطاقة الوحيدة المتاحة عن هذه المجموعة.
والقائمة الأخيرة التي اختارها وليد الركراكي، المدير الفني للمنتخب المغربي، للمواجهتين زادت حدة الجدل بخصوص المعايير المعتمدة في اختيار اللاعبين الأنسب والرؤية التي تحكم توجهاته النهائية في اعتماد لاعبين دون آخرين. فإذا كان الرهان على جيل جديد من الشباب أمرا مستحبا في إطار فلسفة عمل لضمان الاستمرارية من خلال ضخ دماء جديدة في شرايين المنتخب المغربي، فإن التطبيق العملي لهذه الفلسفة أثار نقاشا واسعا في الأوساط الرياضية والإعلامية بالمغرب.
النقاد والجماهير يطالبون على حد سواء الركراكي بمراجعة خططه الفنية والتكتيكية بالاعتماد على أساليب اللعب الحديثة
فقد لقيت خيارات المدرب انتقادات واسعة بسبب تناقضه مع المبادئ التي سبق له أن أعلن تشبثه بها من خلال استدعاء لاعبين لا يحظون بالإجماع على أهليتهم الفنية مثل جمال حركاس، مدافع الوداد البيضاوي، وتهميش آخرين كزكرياء الواحدي الذي كان أحد أبرز نجوم المنتخب المغربي المتوج ببرونزية أولمبياد باريس الصيف الماضي مشكلا بديلا مثاليا لإنهاء المتاعب التي يعاني منها المنتخب في الجهة اليسرى من الدفاع.
ويشكل تحصين الدفاع أحد أكثر التحديات التي تقلق المدرب والجماهير على حد سواء بسبب الصعوبة في إيجاد بديل للعميد رومان سايس الذي كان يشكل مع نايف أكرد ثنائيا ناجحا يتمتع بالمرونة والصلابة.
ولا يبدو البديل عبدالكبير عبقار الخيار المناسب للعب إلى جانب أكرد نظرا إلى اختلاف أسلوب لعبهما وضعف الانسجام بينهما في المباريات الأخيرة.
في الشق الفني، يعاب على الركراكي أنه لم يتمكن حتى الآن من تشكيل هوية فنية بارزة للمنتخب المغربي بعد أكثر من عامين في منصبه الحالي من خلال استثمار القدرات الفنية الكبيرة لمجموعة من نجومه الذين يلعبون في كبار الأندية الأوروبية.
مراجعة الخطط
ويطالب النقاد والجماهير على حد سواء الركراكي بمراجعة خططه الفنية والتكتيكية بالاعتماد على أساليب اللعب الحديثة وتنويعها سعيا لفرض هويته في الملعب، لاسيما في مواجهة منافسين متواضعين وكذلك التخلي عن مبدأ التحفظ المبالغ فيه.
وباتت الخطط الفنية المحدودة للركراكي كتابا مفتوحا للمدربين والمنافسين في ظل العجز عن الاستغلال الأمثل لإمكانيات اللاعبين ومهاراتهم الفردية والجماعية وفق أسلوب يعتمد المرونة في مواجهة منتخبات أفريقية باتت تبالغ في التحفظ عند مواجهة المنتخب المغربي.
وتشكل مواجهة أفريقيا الوسطى اختبارا جديدا لخيارات مدرب الأسود الفنية والتكتيكية في إطار تحضيراته للمنافسة على لقب النسخة المقبلة من أمم أفريقيا.