الإسباني أندريس إنييستا ينهي حقبة تاريخية مع كرة القدم
قرر أندريس إنييستا لاعب وسط إسبانيا وبرشلونة السابق اعتزال كرة القدم بعد مسيرة مرصعة بالألقاب استمرت 24 عاما. وكان إنييستا (40 عاما) القلب النابض في خط وسط إسبانيا وبرشلونة خلال فترة من النجاح المتواصل للفريقين بين أواخر العقد الأول وأوائل العقد الثاني من القرن الـ21.
أعلن أسطورة برشلونة ومنتخب إسبانيا لكرة القدم أندريس إنييستا اعتزاله كرة القدم نهائيا بعمر 40 عاما بعد مسيرة حافلة في الملاعب مع ناديه والمنتخب الوطني.
وقال إنييستا خلال حدث أقيم في برشلونة بحضور الصحافيين “التواجد على أرضية الملعب انتهى. لكني لا أستطيع البقاء بعيدا عن كرة القدم، فهذه حياتي وستبقى كذلك. أستعد للحصول على شهادة في التدريب وبالتالي هذه هي الحقبة التالية بالنسبة إلي”. وتابع “سأحاول العودة للقيام بعمل كبير، لكن هذه المرة لن يكون الأمر بالركض وراء الكرة، لكن من مكان آخر”.
وأضاف متأثرا “لم أتصور أبدا أن يأتي هذا اليوم، لكن هذه الدموع التي ذرفناها هذه الأيام هي دموع الإثارة والفخر وليس الحزن. إنها دموع فتى من قرية صغيرة هي فوينتيالبيا (مسقط رأسه) كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم ونجح في ذلك بعد الكثير من الجهد والتضحيات، أنا فخور جدا بهذه الرحلة”. وضع إنييستا حدا لمسيرة حقق فيها جميع الألقاب الممكنة في ملاعب كرة القدم بعد أكثر من 16 عاما قضاها في صفوف برشلونة النادي الذي ترعرع في صفوفه وتدرج في فئاته العمرية، قبل أن يخوض 5 مواسم في صفوف فيسيل كوبي الياباني وموسما واحدا مع الإمارات الإماراتي.
حظي لاعب خط الوسط المهاجم، الذي يتمتع برؤية ثاقبة في الملعب بإشادة الجميع وقال عنه مدرب ميلان الشهير السابق أريغو ساكي “أندريس إنييستا هو أحد لاعبي كرة القدم النادرين جدا الذين كان أستاذا قبل أن يكون تلميذا. كان يعرف كل شيء بالفعل”.
أما زميله السابق النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي فاعتبر بأن إنييستا “هو أحد الزملاء الذين يملكون أكبر قدر من السحر في قدمه وقد استمتعت باللعب إلى جانبه”، وأضاف متوجها إلى اللاعب “الكرة ستفتقدك ونحن أيضا، أتمنى لك الأفضل دائما، أنت ظاهرة”.
وتدرب في أكاديمية “لا ماسيا”، المقر التدريبي الرسمي للنادي الكتالوني ويعتبر أحد أعظم اللاعبين في تاريخه. جسد إلى جانب تشافي هرنانديز وميسي، ميزة الاستحواذ على الكرة واللعب الجماعي على المستوى الأوروبي بين 2008 و2012 في ما كان يعرف بطريقة “تيكي تاكا”.
مسيرة مظفرة
إنييستا وضع حدا لمسيرة حقق فيها جميع الألقاب الممكنة في ملاعب كرة القدم بعد أكثر من 16 عاما قضاها في صفوف برشلونة
خاض بقميص البلاوغرانا 674 مباراة وفاز معه بـ32 لقبا، بينها دوري أبطال أوروبا 4 مرات والدوري الإسباني 9 مرات، وأثبت نفسه كلاعب رئيس في نجاح المنتخب الأسباني خلال الحقبة ذاتها من خلال التتويج بكأس أوروبا 2008 و2012 وكأس العالم 2010.
دخل إنييستا، الكتالوني قلوب جميع الإسبان بشكل نهائي في إحدى ليالي يوليو 2010 في جوهانسبورغ (جنوب أفريقيا)، عندما منح بلاده باكورة ألقابها في نهائيات كأس العالم من خلال لقطة باتت راسخة في الأذهان عندما سجل له هدف الفوز في الوقت الإضافي في مرمى هولندا.
بالإضافة إلى اللمسات الساحرة التي كان يتمتع بها “أعطى المجتمع مثالا لما يجب أن يكون عليه أي رياضي محترف”، كما يؤكد مدرب منتخب إسبانيا الحالي لويس دي لا فوينتي.
كان اللاعب الدولي الإسباني السابق (131 مباراة دولية) بدأ بالفعل في الاستعداد لمستقبله بعد الاعتزال النهائي وقد أنشأ “كرما من العنب من أجل استخراج النبيذ وأكاديمية كرة قدم”.
وعندما سئل عن إمكانية أن يصبح مدربا بعد الاعتزال قال “نعم، فكرة التدريب تروق لي كثيرا. وبالطبع أود العودة إلى برشلونة في مرحلة ما، لأنه نادي حياتي. سيكون شرفا لي أن أدربه في أحد الأيام”. في عام 2018 وخلال مباراته الأخيرة مع برشلونة، تلقى تحية حارة من أنصار النادي الكتالوني بـ”تيفو” ضخم “إنفينيت إنييستا” (إنييستا إلى ما لا نهاية) غطى جميع مدرجات ملعب كامب نو، قبل حفل مؤثر جدا يؤكد أن قصة الحب هذه لم تنه فصولا بعد.
إرث إنساني
من هدف الفوز بلقب كأس العالم 2010 إلى تمريراته الحاسمة في نهائيات دوري أبطال أوروبا، كانت مسيرة أندريس إنييستا، اللاعب الكتالوني، مليئة بلحظات رائعة جعلته حتى ينال تصفيق جماهير سانتياغو برنابيو، ملعب ريال مدريد.
وبلغ إنييستا قمة مسيرته عندما سجل الهدف الذي منح إسبانيا أول كأس عالم لها، وذلك في جوهانسبرغ أمام هولندا (1 – 0 بعد الوقت الإضافي). في الدقائق الأخيرة من نهائي متوتر، تغلب على الحارس مارتن ستيكلنبورغ بتسديدة قوية منحته مقعدا في قاعة مشاهير كرة القدم.
ولم يسجل “الرسام” الكثير من الأهداف خلال مسيرته الطويلة. لم يصل حتى إلى 100 هدف مع الأندية، و14 فقط في 131 مباراة دولية مع بلاده، لكن هدفه في ملعب ستامفورد بريدج كان تاريخيا. بينما كان برشلونة متأخرا ومُهددا بالإقصاء أمام تشيلسي الإنجليزي، وبعد أن أهدر الـ”بلوز” عدة فرص وحُرموا من ركلتي جزاء على الأقل، ضمِن إنييستا لبرشلونة مقعدا في النهائي بتسديدة من خارج المنطقة في اللحظات الأخيرة من مباراة نصف النهائي.
ولم يسجل إنييستا في واحدة من أكبر الانتصارات في تاريخ برشلونة على غريمه ريال مدريد، وهو الانتصار الساحق 5 – 0 أمام فريق المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو في 29 نوفمبر 2010. لم يسجل، لكنه قاد الأوركسترا الكتالونية الرائعة بجانب الأرجنتيني ليونيل ميسي وتشافي وسيرجيو بوسكيتس. قدم تمريرة حاسمة لتشافي، بينما أكمل بيدرو، دافيد فيا (هدفين) والفنزويلي جيفرين سواريس النتيجة.
“عبقري فوينتيالبيا”، بلدة إنييستا الصغيرة في لا مانتشا، قام بأداء أفضل حتى بعد خمس سنوات من الفوز التاريخي.
حدث ذلك في 21 نوفمبر 2015، في نفس ملعب ريال مدريد. انتهت المباراة بفوز برشلونة 4 – 0، وقد سجل هدفا بعد تمريرة رائعة من البرازيلي نيمار.
خرج من الملعب وسط تصفيق جزء كبير من جماهير ملعب سانتياغو برنابيو، وهو أمر نادر جدا بالنسبة للاعبي الخصم.
ترك إنييستا بصمات في ذاكرة عشاق كرة القدم بفضل لقطاته الرائعة، تمريراته البينية، الثنائيات والتسديدات الدقيقة. تمريراته الحاسمة في ثلاث من نهائيات دوري أبطال أوروبا التي فاز بها برشلونة توضح مساهمته الكبيرة في اللعبة.
قدّم هدفا للكاميروني صامويل إيتو في 2009، وهدفا لميسي في 2011، ومثله للكرواتي إيفان راكيتيتش في 2015. في آخر نهائي له، قال مدربه لويس إنريكي إن إنييستا يعتبر “إرثا إنسانيا”.