أجرى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة الاثنين في الرباط مباحثات مع وفد جنوب أفريقي يقوده نائب رئيس لجنة العلاقات الدولية بالمؤتمر الوطني الأفريقي أوبيد بابيلا، الذي دعا إلى تكثيف العلاقات الاقتصادية والتجارية بين بلاده والمغرب.
وجاءت زيارة الوفد الجنوب أفريقي بعد مباحثات مثمرة جرت بين راشيد الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب المغربي مع أنجيلا ثوكوزيلي ديديزا رئيسة الجمعية الوطنية لجنوب أفريقيا بجوهانسبورغ، في سبتمبر الماضي.
وكان الطالبي العلمي عبّر خلال اللقاء عن “استعداد المملكة لتطوير تعاون مثمر مع جنوب أفريقيا وتوسيعه ليشمل العديد من القطاعات الواعدة”.
وتعتبر جنوب أفريقيا أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للمغرب في القارة الأفريقية حيث بلغ إجمالي حجم التجارة بين البلدين أكثر من 634 مليون دولار في عام 2022.
وتفتح المباحثات في الرباط، التي ركزت على القضايا الاقتصادية والتاريخية بين البلدين، المجال للتقارب بين الرباط وبريتوريا سواء على المستوى الثنائي وعلى المستوى متعدد الأطراف ضمن مجموعة العمل الأفريقي، بعد سنوات من التوتر الدبلوماسي بسبب مساندة جنوب أفريقيا لجبهة بوليساريو الانفصالية.
وأشاد بابيلا بعودة المغرب إلى الدائرة الأفريقية، وهو الفضاء الذي يمكن للبلدين العمل معا في إطاره لرفع التحديات التي تواجه أفريقيا.
وأكد نوفل بوعمري المحلل السياسي المهتم بملف الصحراء المغربية، في تصريح لـ”العرب” أن المغرب منفتح على جنوب أفريقيا منذ سنوات في إطار المقاربة التي يعتمدها، والتي تستند على الدبلوماسية الاقتصادية وتعزيز الشراكات كمدخل للدبلوماسية السياسية، خاصة وأن جنوب أفريقيا تشهد حاليا تحولاً سياسياً أدى إلى إضعاف الأصوات والجناح الداعم للانفصاليين الذي أصيب بهزيمة سياسية وهو ما قوى من فرص التعاون الاقتصادي المغربي – الجنوب أفريقي.
ويمكن للتعاون الثنائي بين البلدين في المجال الاقتصادي أن يكون مخففا للأعباء السياسية والدفع نحو تصحيح وجهات النظر السياسية داخل الحزب الحاكم بجنوب أفريقيا في اتجاه التكامل والاندماج، بناء على المصالح العليا للبلدين.
وشكلت الدبلوماسية الاقتصادية للمغرب داخل أفريقيا دافعا مهما في تجاوز الخلافات السياسية مع العديد من البلدان الأفريقية التي كانت تدعم جبهة بوليساريو، ومن بينها نيجيريا التي اتخذت موقفا محايدا يميل إلى المغرب أكثر، بفضل الاستثمارات الثنائية بين الرباط وأبوجا وعلى رأسها أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا.
ولفت نوفل بوعمري في تصريحه أن جنوب أفريقيا اليوم تتابع الأدوار التي يقوم بها المغرب على الصعيد الأفريقي والدولي في ما يتعلق بالتنمية والاقتصاد ودعم المشاريع الكبرى ومنها المبادرة الأطلسية التي تعتبر جنوب أفريقيا رغم بعد المسافة معنية بها من حيث التكتل الاقتصادي والإمكانيات الكبيرة التي سيتيحها المغرب لدول الساحل ثم لغرب أفريقيا. وتشهد جنوب أفريقيا تحولا في علاقتها مع المغرب، وهو تحوّل هادئ تتم فيه إعادة بناء العلاقة على أسس من الثقة المتبادلة.
وفي الوقت الذي تتوالى فيه المواقف الداعمة لمقترح الحكم الذاتي المغربي، يحرص المغرب على إبقاء فرص التعاون مفتوحة على الرغم من الخلاف السياسي بسبب ملف الصحراء المغربية، كون التجارة بين البلدين تتطور حيث تحتل جنوب أفريقيا المرتبة الثانية في قائمة شركاء المملكة على الصعيد الأفريقي بعد مصر، وفق آخر معطيات مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية.
وفي الإطار ذاته عبر رئيس مجلس النواب المغربي خلال لقائه رئيسة برلمان بريتوريا “استعداد المملكة لتطوير تعاون مثمر مع جنوب أفريقيا وتوسيعه ليشمل العديد من القطاعات الواعدة”، مؤكدا أن “المغرب وجنوب أفريقيا بلدان لهما ثقل كبير في القارة الأفريقية، وينبغي بالتالي استثمار إمكانياتهما لتعزيز التعاون، خدمة لشعبيهما ولعموم القارة، وفق منظور تكاملي”.
وخلال اجتماعه مع وزير الخارجية المغربي أعاد نائب رئيس لجنة العلاقات الدولية بالمؤتمر الوطني الأفريقي التذكير بالدعم الذي قدمه المغرب لنضال جنوب أفريقيا من أجل نيل الاستقلال، مضيفا أن المملكة كانت من بين الدول الأولى التي زارها زعيم جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا سنة 1994 بعد استقلال بلاده من أجل التعبير عن شكره للشعب المغربي لمساهمته في تحرير جنوب أفريقيا واستكشاف سبل تعزيز العلاقات الثنائية.