الرئيس الجزائري يتهم المغاربة المقيمين بالجزائر بالتجسس لطردهم
في أول حديث له عن قرار بلاده إعادة العمل الفوري بنظام التأشيرات بالنسبة لكافة الرعايا الأجانب حاملي جوازات السفر المغربية، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إن “قرار فرض التأشيرة على المغاربة قرار سياسي وأمني في الوقت ذاته”، مشيرا إلى ما أسماه “وجود شكوك تفيد بدخول إسرائيليين إلى الجزائر باستخدام وثائق سفر مغربية”.
ولم يحسم تبون في حديثه حول الموضوع خلال لقاء له مع ممثلي وسائل الإعلام في بلاده، أمس السبت، إنْ كان الأمر يتعلق بجواسيس، إذ قال بالحرف الواحد: “ليسوا بالضرورة جواسيس ولكن واشْ يْجي يْديرْ عندك”، مدعيا أن قرار فرض التأشيرة على المغاربة هو “دفاع عن النفس”، منتقدا في الوقت ذاته الموقف الفرنسي المؤيد لمقترح الحكم الذاتي لحل ملف النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية.
وفي خضم حديثه، نفى رئيس الجزائر وجود نية لدى بلاده لطرد المغاربة المقيمين فوق التراب الجزائري، الذين وصفهم بـ”الأشقاء”، شريطة عدم الدخول في ما وصفها بـ”المتاهات”، في ما يبدو أنه تحذير مباشر للمغاربة هناك الذين يؤكد مهتمون أنهم باتوا محل شبهة كبيرة، معتبرين أن تصريحات عبد المجيد تبون ما هي إلا مقدمة لحملات ممنهجة ستطال المغاربة من خلال طرق ووسائل معروفة، أبرزها الاتهام بالتجسس والتخابر.
و في هذا الصدد، قال وليد كبير، صحافي جزائري معارض، إن “التبريرات التي قدمها عبد المجيد تبون لقرار فرض التأشيرات على المغاربة هي استمرار في الترويج لوجود مخطط خارجي لضرب الأمن القومي الجزائري، وهو المخطط ذاته الذي راهن عليه النظام وروج له بقوة قبيل الانتخابات الأخيرة من أجل دفع الناخبين إلى المشاركة والالتفاف على نسبة المقاطعة المرتفعة لهذه الانتخابات”.
وأضاف كبير، أن “هذه التصريحات فيها تلميح مباشر إلى أن كل مغربي يدخل الجزائر أو مقيم فيها هو محل شبهة وقد يتم محاكمته بتهمة التجسس لمجرد تواجده في أماكن عمومية أو التقاطه صورا في هذه الأماكن”، مبرزا أن “تصريحات تبون فندت بطريقة غير مباشرة الرواية التي رُوج لها فيما قبل بشأن تورط مغاربة في شبكات للتجسس، إذ أظهر أنه لا يملك أي معطيات حول هذا الأمر ويتحدث عن مجرد شكوك”.
وسجل الصحافي الجزائري ذاته أن “النظام الجزائري يروج لمخططات وهمية يقول إنها تستهدفه من المغرب وإسرائيل خدمة لأهداف داخلية”، مؤكدا في الوقت ذاته أن “إسرائيل لا تحتاج إلى جوازات سفر مغربية للتجسس على الجزائر في حين إن هناك تطبيقات إسرائيلية يستعملها معظم الجزائريين، ثم إن الجزائر ليست أبدا هدفا لإسرائيل مثلما يدعي هذا النظام”.
وعلاقة بتصريحات تبون حول الموقف الفرنسي من قضية الصحراء المغربية، أورد المتحدث أن “كلام الرئيس المعين تبون يؤكد أن النظام الجزائري لم يتخلص بعد من ارتباطه بفرنسا وعدائه التاريخي للمغرب، كما يؤكد أن تأييد باريس لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء كان ضربة قوية لهذا النظام ولموقفه الداعم للانفصال في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية”.
في السياق ذاته، قال شوقي بن زهرة، ناشط سياسي جزائري معارض، إن “القرار الجزائري بفرض التأشيرة على حاملي جوازات السفر المغربية هو قرار سياسي بالدرجة الأولى، لا ينطوي على أي أهداف أمنية مثلما ادعى الرئيس عبد المجيد تبون”، مضيفا أن “الدليل على ذلك هو أن هذا الأخير تحدث عن مجرد شكوك ولا يملك أي معطيات دقيقة حول تورط مغاربة في التجسس، ويتحدث بسوء نية مسبقة ومفترضة عن دخول المغاربة إلى الجزائر”.
وبين ابن زهرة، في تصريح له، أن “كلام تبون ينطوي على تحذير مباشر موجه إلى المغاربة المقيمين في الجزائر الذين وإن نفى إمكانية طردهم إلا أنه حذرهم من الدخول في ما أسماها المتاهات، وهو ما يعد مقدمة للتضييق على المغاربة المقيمين في الجزائر الذين يبدو أن النظام يطلب منهم العيش على هامش المجتمع الجزائري”.
وشدد على أن “النظام كان يريد أن يصعد معه المغرب وأن يلجأ هو الآخر إلى اتخاذ خطوات مماثلة من أجل شرعنة عملية استهداف المغاربة والزج بهم في السجون بتهم وهمية”، معتبرا أن “كل هذه التصريحات التي تجعل كل مغربي مقيم في الجزائر محل شبهة تجسس، ما هي إلا مقدمة لمواصلة حملات التضييق على المغاربة”.
وخلص شوقي بن زهرة إلى أن “عبد المجيد تبون استعمل كلاما منحطا وشعبويا في حديثه عن المغرب حين وصفه بالمخزن، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على تغلغل عقدة المغرب في العقل والخطاب السياسيين في الجزائر التي قال عنها تبون إنها عقلانية ولا تقول ما لا تفعل في حين إن كل سلوكه السياسي، خاصة في ما يتعلق بملف الصحراء، يؤكد عكس ذلك”.