المغرب يعتبر نفسه غير معني بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري
رفض المغرب قرار محكمة العدل الأوروبية إلغاء اتفاقيتين تجاريتين بين المغرب والاتحاد الأوروبي تتعلقان بالصيد البحري والزراعة، معلنا أنه لن يتعامل مع أي اتفاق لا يحترم وحدته الترابية، وطالب “المؤسسات الأوروبية، بما فيها المجلس والمفوضية والدول الأعضاء، باتخاذ التدابير اللازمة من أجل احترام التزاماتها الدولية”.
وفي رد رسمي أكدت وزارة الشؤون الخارجية المغربية أن الرباط تعتبر نفسها غير معنية بتاتا بقرار محكمة العدل الأوروبية الصادر بخصوص اتفاقيتي الزراعة والصيد البحري، مبرزة أن “المغرب ليس طرفا في هذه القضية، التي تهم الاتحاد الأوروبي من جهة، وبوليساريو المدعومة من قبل الجزائر من جهة أخرى. وبالتالي يعتبر نفسه غير معني بتاتا بهذا القرار”.
وتعليقا على القرار أشارت المفوضية الأوروبية إلى “الصداقة العميقة” و”التعاون القوي ومتعدّد الأوجه” بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، موضحة أنّ هذا التعاون “سيرتقي إلى مستوى أعلى في الأسابيع والأشهر المقبلة”، وهو ما يعني التمسك بالاتفاق القائم مع المغرب.
وأكدت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين والمسؤول عن السياسة الخارجية في الاتحاد جوزيب بوريل أن التكتل القاري “يعتزم الحفاظ على علاقاته الوثيقة مع المغرب ومواصلة تعزيزها في جميع مجالات هذه الشراكة، وفقا لمبدأ ‘العقد شريعة المتعاقدين’”.
وقال بيان الخارجية المغربية إن “مضمون القرار تشوبه العديد من العيوب القانونية الواضحة وأخطاء في الوقائع محل الشبهات”، وهو ما يشير إلى “جهل تام بحقائق الملف، إن لم يكن انحيازا سياسيا صارخا، حيث سمحت المحكمة لنفسها بتجاوز الهيئات الأممية المختصة ومعارضة مواقفها ومقارباتها الثابتة. من جهة أخرى، كانت المحكمة العليا البريطانية قد أبانت بخصوص حالة مشابهة تماما عن قدر أكبر من التبصر والحياد والإلمام القانوني”.
وأكد محمد الطيار، الباحث المغربي في الدراسات الأمنية والإستراتيجية، أن قرار المحكمة ذو طابع سياسي ولا علاقة له بالقانون بعدما بررت حكمها بعدم استشارة ما يسمى بالشعب الصحراوي، واعتبرت إقليم الصحراء المغربية بلدا منفصلا عن المغرب، دون أن تطرح كيف يمكن استشارة ما تسميه بـ”الشعب الصحراوي”، رغم أن للأقاليم الجنوبية ممثليها في المجالس المنتخبة ومؤسسات الدولة.
وأوضح الطيار في تصريح لـه أنه “كان من الأجدر أن تنتهج محكمة العدل الأوروبية طريق القضاء البريطاني الذي اعتبر بوليساريو غير معنية ولا يحق لها أصلا الترافع باسم الصحراء المغربية، كما كان عليها أن تستحضر التطورات التي شهدتها قضية الصحراء المغربية، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وغالبية الدول الأوروبية عبرت عن موقف إيجابي من سيادة المغرب على صحرائه”.
ويطالب المغرب الاتحاد الأوروبي بالعمل على صون شراكته مع المملكة المغربية، محملا الاتحاد بأجهزته ودوله الأعضاء المسؤولية الكاملة عن صون هذه الشراكة وحفظها من الاستفزازات والمناورات السياسية ولن تقبل المملكة إبرام أي اتفاق دولي يمس بالسيادة الوطنية أو يستثني الأقاليم الجنوبية من كامل التراب الوطني.
واعتبر الطيار أن قرار المحكمة شأن أوروبي داخلي وليس له أي تأثير على المكتسبات المتتالية التي حققها المغرب في ملف وحدته الترابية، وأن المتضررين هم الأوروبيون أنفسهم من مواطنيهم وسفنهم البحرية، مشددا على أن المغرب لا يقبل المساومة على سيادته الكاملة على كل ترابه، ولم يعد يسمح للدول الأوروبية بأن تبتزه أو تساومه من أجل توقيع اتفاقيات مجحفة لا تراعي مصالحه الوطنية.
وقالت محكمة العدل الأوروبية في بيان نشرته على موقعها الجمعة إن قرارها يقضي بإلغاء اتفاقيتي الاتحاد الأوروبي مع المغرب بشأن تعديل التفضيلات الجمركية والشراكة في مجال الصيد البحري، لأنهما تشملان منتجات من “إقليم الصحراء”. وأضافت المحكمة أن قرارها “نهائي وغير قابل للاستئناف”. يأتي هذا الحكم بعد قرار ابتدائي مشابه صدر في 29 سبتمبر 2021، عقب دعاوى تقدمت بها جبهة بوليساريو ضد الاتفاقيتين.
واستباقا لقرار محكمة العدل الأوروبية شرع المغرب خلال السنوات الأخيرة في الانفتاح على أسواق جديدة خارج الاتحاد الأوروبي، حيث أبرم اتفاقية للصيد البحري مع روسيا، تجدد بشكل دوري، ووقعت للمرة الثامنة وصوت البرلمان على آخرها في 2021 وتمتد لأربع سنوات، وتشمل الأقاليم الجنوبية.
وفي مارس الماضي أثار موقف إلغاء اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي قلق مهنيي الصيد البحري بإسبانيا، إذ أعرب مانويل فرنانديز رئيس اتحاديات الصيادين بالأندلس عن “تفاجئه” بهذا المقترح، فيما طالبت وزيرة الزراعة في الأندلس بدعم الصيادين المتضررين من عدم وجود الاتفاقية.
وأعربت وزيرة الزراعة والصيد والمياه والتنمية الريفية في حكومة الأندلس كارمن كريسبو عن قلقها من هذا الوضع قائلة “ما نريده هو ضمان اتفاق مع المغرب بشأن القوارب، خاصة في خليج قادس، التي تتأثر بهذا الوضع. وهذا القرار يؤثر علينا بشكل مباشر، وفي حال عدم التمكن من تجديد الاتفاقية من الأفضل التفاوض على اتفاقية جديدة”.