حزب الله ينعى أمينه العام حسن نصرالله بعد ساعات من الصمت
نعى حزب الله اللبناني اليوم السبت أمينه العام حسن نصرالله الذي أعلنت إسرائيل عن اغتياله خلال غازة عنيفة استهدفت الجمعة الضاحية الجنوبية في بيروت، بعد ساعات طويلة من الصمت والتكتم.
وجاء في البيان “التحق سماحة السيد حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله برفاقه الشهداء العظام الخالدين الذين قاد مسيرتهم نحوًا من ثلاثين عاما”.
وأضاف البيان “نبارك لسماحة الأمين العام (..) نيله أرفع الأوسمة الإلهية، وسام الإمام الحسين عليه السلام، محقّقًا أغلى أمانيه (..) شهيدًا على طريق القدس وفلسطين”.
وتابع حزب الله “نعزي ونبارك برفاقه الشهداء الذين التحقوا بموكبه الطاهر والمقدس إثر الغارة الصهيونية الغادرة على الضاحية الجنوبية”.
وختم حزب الله في بيانه “إنّ قائدنا (..) ما زال بيننا بفكره وروحه وخطه ونهجه المقدس، وأنتم على عهد الوفاء والالتزام بالمقاومة والتضحية حتى الانتصار”.
ولم يعلن حزب الله في بيانه أسماء الآخرين الذين قتلوا مع نصرالله في الغارة التي خلفت ستة قتلى على الأقل وفق السلطات، وأدت إلى انهيار سبعة مبان وفق قناة المنار القريبة من حزب الله.
ولزم حزب الله الصمت لساعات طويلة قبل أن يعلن عن مصير أمينه العام بعد ظهر السبت.
وفي أعقاب إعلان حزب الله عن مقتل نصرالله، شاهد صحافيون في وكالة الصحافة الفرنسية نساء يبكين في الشارع، وأشخاصا يبكون وهم يقودون سياراتهم.
وسمع أشخاص يصرخون في الشارع بعد صدور بيان حزب الله، وآخرون يصرخون “الله أكبر”. وسمعت أصوات إطلاق النار في أنحاء العاصمة بيروت.
وشوهدت صحافية امرأة مع زوجها على دراجة نارية وهو يطلق النار في الهواء، مرددة “لا تصدقوهم، إنهم يكذبون، السيد بخير”.
وقال الجيش الإسرائيلي مع تأكيد الحزب إن مقتل نصرالله “يجعل العالم أكثر أمانا”.
وبدأت قناة المنار التابعة لحزب الله بث آيات من القرآن الكريم بعد إعلان الجماعة مقتل نصرالله.
ورثى الزعيم الشيعي في العراق مقتدى الصدر حسن نصرالله السبت عقب إعلان حزب الله مقتل أمينه العام.
وقال الصدر في بيان مقتضب “وداعا يا رفيق درب المقاومة والممانعة”، مضيفا “كفّيت ووفّيت (يا نصر الله).. عشت شامخا وذهبت شهيدا شامخا أنت ومن معك”.
وأعلنت الحكومة العراقية السبت “الحداد العام في جميع أنحاء العراق لثلاثة أيّام، تأبينا لاستشهاد الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله ورفاقه، في العدوان الصهيوني الآثم”.
وأكدت حركة حماس “ندين بأشدّ العبارات هذا العدوان الصهيونيّ الهمجيّ واستهداف مبانيَ سكنية (…) ونعدّ ذلك عملا إرهابيا جبانا، ومجزرة وجريمة نكراء، تُثبت مجددا دموية ووحشية هذا الاحتلال”.
أما إيران الداعم الرئيسي لحزب الله فاعتبرت أن نهج نصرالله سيتواصل، حيث قال الناطق باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني على منصة إكس “النهج المشرف الذي سار عليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله سيتواصل وسوف تتحقق تطلعاته بتحرير القدس الشريف”.
ومن المرجح أن يؤدي مقتل نصرالله إلى إضعاف حزبه وزعزعة استقرار البلاد، وسيعد انتصارا كبيرا لإسرائيل ضد إيران وحلفائها في المنطقة.
ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، السبت، اغتيال حسن نصر الله، يعد “من أهم عمليات الاغتيال في تاريخ إسرائيل”، متوعدا كل من يشن حربا على بلاده بـ”دفع ثمن باهظ”.
وأضاف غالانت في كلمة متلفزة هي الأولى له “نفذ الجيش الإسرائيلي بالأمس (الجمعة) واحدة من أهم عمليات الاغتيال في تاريخ دولة إسرائيل”.
وتابع “أنهى هذا العمل حسابا طويل الأمد مع كبير القتلة نصرالله، الملطخة يداه بدماء آلاف المدنيين والجنود” الإسرائيليين”.
وأوضح أن اغتيال نصرالله “ينضم إلى سلسلة العمليات الأخيرة التي يتردد صداها في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وترسل رسالة واضحة إلى أولئك الذين تصرفوا ضدنا والذين يفكرون في القيام بذلك الآن بأن من يبدأ حربا ضد دولة إسرائيل ويحاول الإضرار بمواطنيها سيدفع ثمنا باهظا للغاية”.
وأكمل وزير الدفاع الإسرائيلي “اليوم أيضا لم نتوقف، بل نواصل العمل وفقا لالتزامنا بتحقيق أهداف الحرب”.
وسرعان ما نقلت وسائل الإعلام الدولية، من “سي إن إن” إلى “نيويورك تايمز”، بما في ذلك “بي بي سي” المعلومات، وسلطت الضوء على حجم الحدث. وأشارت صحيفة “الغارديان” البريطانية على وجه الخصوص إلى أن “حسن نصر الله قاد حزب الله المدعوم من إيران لمدة 32 عامًا، مما جعله هدفًا عالي القيمة لإسرائيل”.
وتكشف هذه العملية أيضًا عن مدى تعقيد أجهزة المخابرات الإسرائيلية. وبحسب صحيفة “نيويورك تايمز”، نقلاً عن مصادر لم تسمها، فقد حددت وكالات الاستخبارات الإسرائيلية “مقتل حسن نصر الله مسبقًا، بناءً على حجم وعدد التفجيرات المستخدمة، بالإضافة إلى المعلومات التي تم جمعها من داخل المجموعة، سيكون رد فعل إيران والعالم العربي على هذا الحدث حاسما بالنسبة لمستقبل الصراع”.
وانتخب نصرالله البالغ من العمر 64 عاما، أمينا عاما للحزب في 1992 بعد اغتيال إسرائيل سلفه عباس الموسوي مع زوجته وطفله وأشخاص آخرين في غارة جوية في جنوب لبنان في فبراير من العام ذاته.
في عهده، طوّر حزب الله قدراته العسكرية بدعم رئيسي من طهران التي تمدّه بالمال والسلاح. وبات يمتلك أسلحة دقيقة متطورة يؤكد أنها قادرة على أن توجه ضربات موجعة لإسرائيل.
في أوساط مناصريه، يتمتع بهالة غير قابلة للمسّ. ينادونه بـ”السيّد” نسبة لنسبه المتحدّر من سلالة النبي محمد، أو “أبو هادي” نسبة لنجله الأكبر الذي قتل عام 1997 خلال معارك مع القوات الإسرائيلية التي كانت تحتل جنوب لبنان.
ومنذ العام 2006، تاريخ الحرب المدمّرة التي خاضها حزب الله مع إسرائيل، لم تتعدّ ظهورات حسن نصرالله علنا أصابع اليد الواحدة، مثل تلك التي فاجأ فيها الآلاف من أنصاره في العام 2011، خلال مسيرة عاشوراء في الضاحية الجنوبية لبيروت ومشى بينهم لدقائق قليلة، قبل أن يعود ليخطب فيهم عبر شاشة عملاقة ويقول إن حزبه “يزداد تسليحا وتدريبا يوما بعد يوم”، و”المقاومة ستبقى وتستمر” في وجه إسرائيل.
أعلن الجيش الإسرائيلي السبت أن الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله “قتل” في الغارة التي استهدفت الجمعة مقر قيادة الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية.
وشنّت اسرائيل غارات كثيفة خلال الليل على الضاحية الجنوبية لبيروت في أعنف موجة من الضربات تشهدها المنطقة منذ حزب يوليو 2006 بين حزب الله واسرائيل.