المغرب شريك موثوق للأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار
تم إطلاق أول حوار إستراتيجي رفيع المستوى بين المغرب ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب الخميس بنيويورك، على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في إطار التزام المغرب بالمساهمة في الجهود الأممية متعددة الأطراف لمكافحة الإرهاب، وتنفيذا لتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس، لتعزيز التعاون مع الأمم المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، وخصوصا في أفريقيا.
وتعزيزا لمكانة المملكة بصفتها فاعلا رئيسيا في النهوض بالسلام والأمن الإقليمي في القارة، ترأس وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة ونائب الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف هذا الحوار الذي يعد مبادرة محورية ضمن الجهود المشتركة للمملكة والأمم المتحدة من أجل مكافحة الإرهاب في أفريقيا، والذي يمثل مرحلة هامة في دعم الشراكة الإستراتيجية بين الجانبين.
وخلال الدورة الأولى للحوار، انخرط الجانبان في تقييم التهديدات الإرهابية المتنامية في القارة الأفريقية، خاصة في منطقة الساحل، التي أضحت بؤرة عالمية للإرهاب، حيث أشاد بوريطة بالجهود المتواصلة التي يبذلها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب من أجل دعم الدول الأفريقية الأعضاء في التصدي للإرهاب والتطرف العنيف. وجدد تأكيد التزام المملكة الراسخ بالنهوض بالتعاون الإستراتيجي ومتعدد الأطراف، وفقا لمبادئ وقرارات الأمم المتحدة.
ويشكل هذا الحوار مرحلة جديدة في إطار تعميق التعاون بين المغرب ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وتعزيز قدرات أفريقيا في مجال التصدي للتهديدات الأمنية الناشئة. وفي هذا الصدد، يلتزم المغرب ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب باستكشاف شراكات مبتكرة مع الفاعلين الإقليميين والدوليين، بغية الاستجابة للتهديدات الأمنية الجديدة.
وأكد خالد الشرقاوي السموني، الأستاذ بكلية الحقوق بالرباط والمعهد العالي للإعلام والاتصال، أن “التعاون بين المغرب والأمم المتحدة إلى جانب مجموعة الدول الأفريقية هو السبيل الوحيد الممكن لمواجهة تهديد الإرهاب الذي لم يعد ممكنا التعامل معه حصريا وفق مقاربة وطنية، لأن المغرب راكم تجربة تحظى باعتراف دولي في محاربة الإرهاب والتطرف، ويمكنه القيام بدور جوهري وأساسي في تأمين واستقرار المنطقة.
وقال في تصريح لـه إنه “يتعين على الفاعلين المعنيين والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة، تطوير الرؤية الإستراتيجية للأمن، ووضع تدابير مؤسساتية وتنظيمية ومالية من أجل تحقيق الأهداف، من خلال الانكباب على التحديات الرئيسية التي يجب مواجهتها من بين المخاطر، والتهديدات المتعددة، التي تعرفها المنطقة”، معتبرا أن الأمم المتحدة “ستستفيد من أن المغرب كنموذج حقيقي رائد للتعاون جنوب – جنوب، يقوم على روابط متعددة الأبعاد مع البلدان الأفريقية في مختلف المجالات، ولاسيما في المجال الأمني”.
وتابع السموني “المغرب يدعم مقاربة للتعاون الشامل والمنسجم على المستوى القاري والدولي في مجال مكافحة الإرهاب ومحاربة التطرف العنيف، الذي يعد من بين التهديدات الأكثر خطورة للسلام والأمن والاستقرار، وكذلك للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه المنطقة من أفريقيا، التي تشكل حاليا تحديا جيوسياسيا رئيسيا بالنسبة إلى المغرب”.
ويواصل مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بالرباط، الذي تم إحداثه في 2021، الاضطلاع بدور مركزي في تقوية قدرات قوات الأمن الأفريقية من خلال برامج تكوينية خاصة، بشراكة مع هيئات ميثاق الأمم المتحدة العالمي لتنسيق مكافحة الإرهاب، إذ استفاد أكثر من 1500 عنصر ينتمون لـ30 دولة أفريقية من التكوين المندرج في إطار هذه الشراكة، كما تقوم المملكة البلد المضيف لهذا المكتب بدور أساسي في دعم هذه المبادرات بشكل فاعل، من خلال خبراته وموارده والتزامه الدائم بتعزيز الأمن أفريقيا ودوليا.
ترأس ناصر بوريطة هذا الحوار يشكل تعزيزا لمكانة المملكة بصفتها فاعلا رئيسيا في النهوض بالسلام والأمن الإقليمي في القارة
وسلطت وزارة الخارجية الأميركية في أبريل الماضي الضوء على الدور “الرائد” الذي يضطلع به المغرب في مجال مكافحة الإرهاب، مذكرة بأن المملكة عضو في الشراكة العابرة للصحراء لمحاربة الإرهاب منذ سنة 2005 وعضو مؤسس إلى جانب الولايات المتحدة للمنتدى العالمي لمحاربة الإرهاب.
من جهته أبرز مدير القضايا الشاملة بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج إسماعيل الشقوري أن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، أرسى إستراتيجية شاملة ومتعددة الأبعاد في مواجهة التهديد الإرهابي تُجسد مقاربة للحكومة والمجتمع ككل، مشددا على أن “المملكة منخرطة في مواصلة الحوار والتبادل، بروح الثقة والانفتاح والالتزام البناء، من أجل مواجهة مشتركة لهذا التهديد”.
ويركز المغرب على أربعة عناصر رئيسية لتعزيز القدرات المؤسسية، تهم وضع خطط وتدابير وموارد قوية للتصدي لمختلف أنواع التهديدات، وتبادل المعلومات الإستخباراتية بين الوكالات والمنظمات المعنية لتحديد التهديدات المحتملة واتخاذ الإجراءات المناسبة، فضلا عن التنسيق والتعاون اللذين يتطلبان تواصلا فعالا، وكذلك عمليات مشتركة لتحسين القدرة على الاستجابة الشاملة ومقاربات ملائمة لتعديل الإستراتيجيات من أجل استباق المخاطر والتحديات الناشئة.
وعلى المستوى الإقليمي، أطلق المغرب سنة 2022، بتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، “منصة مراكش لرؤساء وكالات الأمن ومكافحة الإرهاب الأفريقية”، كما احتضنت المملكة مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب من أجل التكوين في مجال مكافحة الإرهاب في أفريقيا، والذي يشكل آلية أساسية لتعزيز القدرات والمؤسسات بشكل فعال في مجال مكافحة الإرهاب في القارة.
وسجل فلاديمير فورونكوف أنه “لدينا تعاون طويل الأمد في بناء القدرات مع المغرب في مجالات مختلفة، لاسيما مكافحة تحركات الإرهابيين، وأمن وإدارة الحدود، والإرهاب المتعلق بأسلحة الدمار الشامل، والمعدات الكيمياوية والبيولوجية، والإشعاعية، والإرهاب النووي، والتدخل لمنع التطرف العنيف من خلال تمكين الشباب وتطوير إستراتيجية إقليمية عربية لمكافحة الإرهاب، وأتطلع إلى توسيع هذا التعاون ليشمل مجالات عملية أخرى”.