إعفاء الطاهر التوجكاني من منصبه كرئيس المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة بعد إخفاقات مهمة
بوشعيب البازي
علمت أخبارنا الجالية من مصادر مطلعة أن الملك محمد السادس أعفى، بصفته رئيسا للمجلس العلمي الأعلى، ما يخول له سلطة التعيين والإعفاء، السيد الطاهر التوجكاني رئيس المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، لأسباب لم يتم الإفصاح عنها بعد.
ويأتي إعفاء السيد الطاهر التوجكاني لعوامل مختلفة، لعل من بينها “سوء التسيير وضعف الأداء، فضلا عن العلاقة المتوترة مع مغاربة العالم و عدم إتقانه للغات أخرى غير العربية ” و كذا فشله في توحيد صف المسلمين بأوروبا ، و إنخراطه في العديد من الجمعيات و الفيدراليات الدينية مما شجع على التفرقة.
و يأتي إعفاء السيد الطاهر التوجكاني من منصبه في اللقاء الذي دعت اليه وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية حيث كان من المتوقع إعفاء رئيس المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، حيث تم تعيين السيد مصطفى شنضيض على رأس المحلس .
ويُذكر أن المجلس العلمي الأعلى يرأسه الملك محمد السادس، ويضم في عضويته سبعة وأربعين عضوا، وهم: وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وبعض كبار العلماء يعينون بصفة شخصية من لدن الملك، وعددهم خمسة عشر، ثم الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، ورؤساء المجالس العلمية، وعددهم ثلاثون شخصا.
البازي: “المغاربة العالم ” فضحوا قصور المجلس العلمي
وتعليقا على هذا الموضوع، قال الكاتب الصحفي بوشعيب البازي ، إن أسباب إعفاء السيد الطاهر التوجكاني في إطار عملية تأديب داخلية، بسبب عدم التفعيل الأنسب لميثاق العلماء، أو عدم مواكبة التوجيهات الداخلية للمجلس العلمي الأعلى، للرفع من المردودية”.
وأفاد البازي، أن “هذه الحركة الأخيرة تندرج في سياق عملية تقييم لمسار تجربة المجالس العلمية خلال السنتين الأخيرتين بالخصوص، وفي إطار رؤية جديدة لعمل هذه المجالس بسبب التعثرات الكثيرة التي لحقت أداءها خلال الفترة الماضية”.
ولفت المحلل ذاته إلى أنه “لو رجعنا إلى الوراء قليلا، للاحظنا كيف أن هذه المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة كان غائبا عن التحولات الكبرى التي مرت بها المملكة المغربية و كذا التطورات و الإلزامات التي واكبتها الجالية المغربية بالخارج، حيث لم نسمع للمجلس العلمي موقفا إلا حتى في الملفات الشائكة كالحلال و غيرها”.
وحتى في هذا الموقف، يضيف البازي، كان “المجلس يتوجه إلى طرفين: الدولة والنخبة السياسية، في حين لم نجد له حضورا فاعلا وسط الرأي العام، باعتبار هذا المجلس ركيزة أساسية في التأطير الديني للجالية، فكان هناك فراغ في الخطاب الديني في تلك المرحلة، ملأته الجماعات الإسلامية”.
وتابع الكاتب الصحفي بأن “ أمور الجالية كشفت أن هناك فجوة بين الخطاب الديني وبين الواقع الاجتماعي والسياسي في دول الاستقبال”، معزيا ذلك إلى أن “ما يسمى بإعادة هيكلة الحقل الديني ركز بشكل خاص على الوسائل والآليات فقط، مثل تكوين الأئمة والمرشدين وغير ذلك، لكنه أغفل مضمون الخطاب الديني الذي بقي خطابا تقليديا غير مواكب لمستجدات الأوضاع الاجتماعية والثقافية والإعلامية والأسرية في المهجر”.
وسجل البازي ملاحظة مفادها أن عبارة “الهيكلة” كلمة غير دقيقة في تسمية المسار الديني الذي أراد المغرب السير فيه منذ عام 2004، لأن الهيكلة توحي بأن الأمر يتعلق بمجرد أوضاع هيكلية داخل المؤسسات، أي بالمظهر الخارجي”، قبل أن يتساءل الباحث: لماذا “إعادة هيكلة الحقل الديني” وليس “إعادة صياغة الخطاب الديني”، وهل الأمر يتعلق بتخوف من مواجهة الخطاب الديني التقليدي السائد؟”.
نواقص الإعلام الديني للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة
وليست مشكلة الفجوة الحاصلة بين الخطاب الديني وبين الواقع الاجتماعي والسياسي بالمهجر، هي وحدها ما تعرقل أداء المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة لوظائفه الدينية كما ينبغي، فهناك أيضا مسألة الإعلام الديني بالنسبة للمجلس العلمي الأعلى والمجالس التابعة له”، وفق تحليل البازي.
وانتقد الكاتب الصحفي ذاته “كيف يتم الحديث عن تطبيق إستراتيجية لإعادة الهيكلة للمجال الديني بالمهجر، دون أن تكون مرفوقة بإستراتيجية إعلامية للتبليغ”، مسجلا ما اعتبره “غيابا فادحا للإعلام الديني عن مواكبة إرساء هاته الإستراتيجية.
وزاد البازي بأن هذا الغياب الإعلامي دليل آخر على غياب الرؤية لدى المسؤولين عن تدبير الملف الديني، لأن الأمر لا يتعلق بالجانب المالي، نظرا لحجم الإنفاق الذي خصص لإعادة هيكلة الحقل الديني منذ انطلاقه، بل يتعلق فقط بغياب الرؤية”.
واسترسل المتحدث بأن المبادرات التي تقوم بها وزارة الأوقاف، أو المجلس العلمي، مثل مجلتي “دعوة الحق” و”المجلس” هي مبادرات متقطعة من حيث الصدور، وتفتقر إلى العمق في طرح القضايا الدينية، بسبب عدم وجود الخبرات المختصة والأطر الإعلامية، ولا تزال غارقة في المعالجة التقليدية للمواضيع، بل إن “دعوة الحق” قبل ثلاثين عاما كانت أكثر عمقا وأكثر قربا من”دعوة الحق” التي تصدر اليوم” على حد قول البازي.
هذا الكاتب عن إعفاء الشيخ الطاهر التجكاني من رئاسة المجلس الأوروبي متناقض في كلامه : قال في البداية :
(لأسباب لم يتم الإفصاح عنها بعد). ثم أخذ يفصح عن أسبابٍ توهمها، وليس هناك أي اعتراف بالجميل والجهد الذي بذله فضيلة الشيخ الطاهر طيلة فترة رئاسته، وأنا أعرف الشيخ الطاهر عن قرب وأكرمني لله بالدراسة على يديه والاستفادة من مواعظه ودروسه وخطبه، وأعرفه قبل توليه هذا المنصب وبعده والجهود التي بذلها في أنحاء أوربا، وذكر من ضمن الأسباب المتوهمة أنه لا يحسن إلا العربية وهل يشترط لرئيس مجلس علماء الشريعة إتقان اللغات الأجنبية ؟ وهل علماء الشريعة لا يعرفون العربية؟ وهو معروف قبل تنصيبه أنه كان لا يتقن غير العربية، فلماذا تم تنصيبه إذن؟ وقد بذل جهداً في تعلم اللغة المحلية وهي النرلاندية لكن ظروفه لم تسمح له بإتقانها وهو يفهم الكثير منها، وقد قام بالعديد من الندوات في تكوين الأئمة والمرشدين، التقصير من طبيعة البشر ولكن لابد من الاعتراف بالفضل لأهله.