اللبنانيون أمام حسن نصرالله مختلف بعد إقراره بتلقي ضربة قاسية
أنقذ التصوير المبكر لخطبة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الجزء المتبقي من صورة القائد المتماسك في مواجهة ما أسماه “ضربة قاسية”، إذ صاحب بث الكلمة على جمهور الحزب استعراض جوي إسرائيلي فوق أجواء بيروت بث القلق في نفوس اللبنانيين الذين لم يستفيقوا بعد من صدمة الهجمة الإسرائيلية -والتي كانت على يومين- عبر تفجيرات أجهزة البيجر والووكي توكي اللاسلكية التي أدت إلى مقتل العشرات وإصابة الآلاف من الأشخاص.
وبدا نصرالله متأثرا وهو يتكلم إلى جمهوره وتبددت ملامح خيلاء عادة ما تصاحب كلماته، لكن كلمته المسجلة لم تقطع أثناء بثها كاحتراز أمني تحسبا لتحول تحليق الطائرات الإسرائيلية التي خرقت حاجز الصوت إلى غارات حقيقية.
وقال نصرالله “لا شكّ أننا تعرضنا لضربة كبيرة أمنيا وإنسانيا وغير مسبوقة في تاريخ لبنان”، وإن “العدو تجاوز بهذه العملية كل الضوابط والقوانين والخطوط الحمراء”.
حسن نصرالله بدا متأثرا وهو يتكلم إلى جمهوره وتبددت ملامح خيلاء عادة ما تصاحب كلامه في خطابات سابقة
وأضاف أن يومي الثلاثاء والأربعاء كانا “أياما ثقيلة ودامية وامتحانا كبيرا”، مشددا على أنّ “هذه الضربة الكبيرة والقوية وغير المسبوقة لم تسقطنا ولن تسقطنا”، وأن إسرائيل أرادت ضرب بنية حزب الله عبر قتل أكبر عدد من قادته وضرب نظام القيادة والسيطرة فيه “لكن لم يحصل أي ضعف في بنية المقاومة ولو للحظة واحدة”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ عمليات قصف واسعة في جنوب لبنان أثناء كلمة نصرالله فيما يعد إشارة واضحة إلى انطلاق مرحلة جديدة من الحرب بين الطرفين، وأن خيار توسيع الحرب أصبح أمرا واقعا بالنسبة إلى إسرائيل، وليس أفضل من حالة الارتباك التي خلفتها تفجيرات الثلاثاء والأربعاء داخل حزب الله للانطلاق في التصعيد.
وأغار الطيران الحربي الإسرائيلي على بلدات عدشيت والقصير وقبريخا وبني حيان ومركبا ورب ثلاثين والمجادل ومحرونة في جنوب لبنان. وقصفت المدفعية الإسرائيلية أطراف بلدة عيتا الشعب في جنوب لبنان.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الخميس إن إسرائيل دخلت مرحلة جديدة من الحرب مع حزب الله، وإنها ستواصل العمليات العسكرية ضده، رغم أن المرحلة الجديدة من القتال تتضمن مخاطر جسيمة.
وأضاف في بيان “في المرحلة الجديدة من الحرب هناك فرص كبيرة ولكن هناك مخاطر جمة أيضا. حزب الله يشعر بالملاحقة وسوف تستمر العمليات العسكرية”.
وتابع “هدفنا هو ضمان عودة سكان شمال إسرائيل إلى ديارهم بأمان. وبمرور الوقت، سيدفع حزب الله ثمنا متزايدا”.
وقُتل 37 شخصا على الأقل وأصيب أكثر من ثلاثة آلاف آخرين عندما انفجرت أجهزة الاتصالات اللاسلكية (بيجر) في بادئ الأمر ثم أجهزة أخرى (ووكي توكي) ضمن موجتين من الهجمات يومي الثلاثاء والأربعاء، ما أثار مخاوف من اقتراب حرب شاملة.
وتقصّد نصرالله تأجيل الجزم بكيفية تنفيذ الخطة التي تسببت في فوضى كبيرة لدى جمهور الحزب وقال إن التفاصيل الفنية لطبيعة المتفجرات وتلغيم الأجهزة وطريقة تفجيرها ستعلن لاحقا.
وقال إن حزبه “شكّل لجان تحقيق داخلية”، وتوصل إلى “نتائج شبه قطعية”، ومازال بحاجة “إلى بعض الوقت للتأكد من النتيجة… سواء من الشركة التي باعت التصنيع إلى النقل إلى الوصول إلى لبنان.. إلى لحظة التفجير”.
ولا يريد الحزب الكشف عن تفاصيل التحقيق خوفا من أن يهز ذلك الثقة داخل الحزب في كل ما يتعلق بقدراته العسكرية وعلاقاته ومدى قدرته على تأمين تحركات عناصره وقادته. كما يهز الثقة بإيران كشريك قادر على الوقوف إلى جانب الحزب في وضعه الصعب، ولا يتعامل معه فقط كواجهة تتحرك متى أراد.
ولجأ المسؤولون الإيرانيون كالعادة إلى التلويح بالرد القوي للدفاع عن حليفهم حزب الله. ونقلت وسائل إعلام رسمية عن قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي قوله لأمين عام جماعة حزب الله الخميس إن إسرائيل ستواجه “ردا ساحقا من محور المقاومة”، وذلك بعد تفجيرات أجهزة الاتصالات التي يستخدمها الحزب.
وقال سلامي في رسالته إلى نصرالله “لا شك أن مثل هذه الأعمال الإرهابية هي نتيجة يأس النظام الصهيوني (إسرائيل) وإخفاقاته المتتالية. وسيقابل هذا برد ساحق من محور المقاومة قريبا وسنشهد تدمير هذا النظام المجرم والمتعطش إلى الدماء”.
وفي أول رد من الولايات المتحدة قال بيان صادر عن وزارة الخارجية الأميركية إن “واشنطن ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل ضد الإرهابيين بمن في ذلك حزب الله ووكلاء إيران الآخرون”، وإن “الأولوية بالنسبة إلى أميركا لا تزال هي نفسها؛ تهدئة الوضع”.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنه لا يريد أن يرى إجراءات تصعيدية من أي طرف في المنطقة من شأنها أن تجعل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة أكثر صعوبة. وأضاف أنه يعتقد أن وقف إطلاق النار لا يزال ممكنا وضروريا.
وأعرب وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عن قلقه “العميق حيال تصاعد التوتر والضحايا المدنيين” في لبنان. وجدد دعوته مواطني بلاده إلى مغادرة لبنان، محذّرا من أن “الوضع قد يتدهور بشكل سريع” بعد الهجمات الأخيرة.