طالبت أحزاب المعارضة بالبرلمان المغربي، بحضور مصطفى بايتاس الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إلى البرلمان من أجل تقديم توضيحات بخصوص الأحداث الأخيرة التي عرفتها مدينة الفنيدق.
وأوضح حزب التقدم والاشتراكية المعارض، أن “الرأي العام تابع، من خلال الإعلام الوطني ووسائل التواصل الاجتماعي، محاولاتٍ للإقدام على هجرة جماعية مكثفة وغير مشروعة نحو سبتة المحتلة، لمئات القاصرين والشباب إما من خلال السباحة أو عبر محاولات اقتحام “المعبر الحدودي”، وذلك إثر منشورات ومحتوياتٍ رقمية محرِّضَة على ذلك.
وشدد رشيد حموني رئيس فريق الحزب المعارض، في مجلس النواب، على أن الاجتماع من شأنه أن يتدارس “كيفيات تعامل سلطات بلادنا مع مثل هذه الأحداث، سواء على المستوى الاستباقي أو على صعيد المعالجة البعدية، سياسياً وتواصلياً وقانونياً وتنموياً وأمنياً”، مشيراً إلى أنه من المفترض أن “توجه السياسات العمومية لإخراج ملايين الشباب من وضعيات اجتماعية مقلقة.
فيما استنكر الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، المعارض، ما وصفه بـ”صمت الحكومة إزاء الأحداث الخطيرة”، التي وقعت بمحيط مدينة الفنيدق والمسيئة لصورة وطن في حجم المغرب بنموذجه التنموي المتميز وبرهاناته الإستراتيجية التي أسست لها بلادنا بفضل الرؤية الحكيمة للملك محمد السادس، داعيا مصطفى بايتاس، إلى كشف حقيقة ما وقع ويقع بمحيط المدينة.
ولاحظ أوزين غياب أي رد فعل من جانب الحكومة لا على مستوى التواصل ولا على مستوى المبادرة، تاركة الرأي العام الوطني فريسة لأخبار ومشاهد يتداخل فيها الزيف بالحقيقة، والواقع بالفبركة، حتى وصلت الأمور حد ترويج فيديوهات وصور تسيئ إلى الجهود النبيلة لمختلف القوات العمومية والسلطات الترابية وتستهدف نسف تضحياتها البطولية لحماية سمعة الوطن وحماية الأجيال الناشئة من أبنائه.
وأكد نوفل بوعمري، المحامي والمحلل السياسي، أنه “إلى جانب وزيري الداخلية والمكلف بالعلاقات مع البرلمان، لابد للبرلمان من استدعاء وزير الشباب ووزير الاقتصاد وباقي الوزراء الذين لهم علاقة بتدبير القطاعات الاجتماعية دون تمييز لمساءلتهم سياسيا عن الاختيارات الاجتماعية الموجهة للمناطق المهمشة والتي تعاني من مشاكل بنيوية، وعلى الحكومة أن تتحرك في الجانب الذي يهمها، وهو الجانب الاجتماعي، وأن تتحمل مسؤوليتها تجاه مختلف الأوضاع التي أدت لهذه المشاهد المؤسفة التي شاهدناها”.
وأوضح أن “الإعلان عن تدخل النيابة العامة في الموضوع يشير إلى أننا دولة مؤسسات قوية تتحرك وتقوم بواجبها القانوني لتطبيق القانون وسلطته التي تظل فوق كل السلط الأخرى، وأنه إذا ثبت أن تلك الصور حقيقية وأن هؤلاء القاصرين تعرضوا لتلك المعاملة المهينة، اللإنسانية والقاسية كما أشارت لذلك الصور، فإن النيابة العامة ستعتمد الإجراءات القانونية والقضائية في مواجهة كل من تورط في هذا الفعل”.
وأحبطت السلطات المغربية محاولة هجرة جماعية كبيرة نفذها آلاف الأشخاص في محاولة للوصول إلى مدينة سبتة المحتلة. وأسفرت العملية الأمنية المكثفة التي استمرت عدة أيام عن اعتقال أكثر من 4455 شخصا، بينهم آلاف المغاربة وعشرات القاصرين والأجانب.
السلطات المغربية أحبطت محاولة هجرة جماعية كبيرة نفذها آلاف الأشخاص في محاولة للوصول إلى مدينة سبتة المحتلة
وأكدت أحزاب المعارضة، أنه “راجت على مواقع التواصل الاجتماعي صورٌ قد تكون لها علاقة بالموضوع وتُجهَلُ لحد الآن حيثياتها، لكنها تلحق ضرراً بليغاً بسمعة بلادنا وبمجهوداتها على أكثر من صعيد”.
وأعلنت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بتطوان أنها أمرت بفتح تحقيق قضائي في صور ومقاطع مصورة تمّ تداولها مؤخراً على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي توثق بلباس السباحة يجلسون على الأرض أو قبالة حائط إسمنتي، بينما يظهر آخرون أمام حائط إسمنتي.
وأكدت النيابة العامة عبر بلاغ أصدره الوكيل العام أنه تم تكليف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالتحقيق في هذه الصور للتأكد من صحة الوقائع ودوافع نشرها، كما سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة فور انتهاء التحقيق، مع إعلام الرأي العام بنتائج البحث.
وأكدت المعارضة البرلمانية أن القوات العمومية تعاملت مع هذه الواقعة بيقظة وحكمة، مكنت من تطويق هذه الأزمة الخطيرة والتي لازالت تداعياتها ودوافعها.
وحمّلت فاطمة التامني النائبة عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، المعارضة، الحكومة المسؤولية في سؤال كتابي وجهته إلى رئيسها عزيز أخنوش، قائلة إن حكومته فشلت في تدبير معظم الأزمات، ولم تستطع ثني الشباب عن فكرة الرحيل، ولم تستطع تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية والحد من الإقصاء والتهميش.
وساءلت البرلمانية رئيس الحكومة عن جدوى سياسات عمومية لا تنعكس على المواطنات والمواطنين، وعن الإجراءات العاجلة التي سيتخذها لإنقاذ أولئك الشباب الذين اختاروا طريق الموت.