انتخابات دائرة المحيط تكشف وزن حزب بنكيران في المشهد المغربي
تمكن سعد بنمبارك مرشح حزب التجمع الوطني للأحرار في المغرب من التفوق في دائرة المحيط بالرباط، المعروفة بـ”دائرة الموت”، على مرشحي أحزاب المعارضة العدالة والتنمية، وفيدرالية اليسار، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتي شكلت صدمة للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبدالإله بنكيران، الذي دعا المغاربة أثناء الحملة الانتخابية للتصويت العقابي ضد حزب الأغلبية الحكومية.
واستنفر عبدالاله بنكيران كل جهده للتأثير في السكان خلال تجمع خطابي للعدالة والتنمية داعيا المواطنين إلى أن “تعتبروا هذه الانتخابات فرصة ليس فقط للتصويت على عضو العدالة والتنمية، وإنما فرصة لكي تبعثوا برسالة قاسية لحزب الأحرار تقولون من خلالها لم تعجبونا ولا تعجبنا سياستكم ولا رئيس حكومتكم ولا وزير العدل ولا نريد أن تستمروا في الحكومة”.
وعلى ضوء نتائج الانتخابات الجزئية التي أجريَت بدائرتيْ المحيط (الرباط) ومدينة الفقيه بن صالح، قال رئيس التجمع الوطني للأحرار ورئيس الحكومة، عزيز أخنوش، في كلمة ألقاها بمناسبة اللقاء الافتتاحي للدورة الخامسة لشبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار، الجمعة، بمدينة أغادير “من أراد أن يحصل على مقعد في البرلمان وينجح في الانتخابات فليكن متيقّناً أنه لن يفلح في ذلك، والدليل نتائج الانتخابات الجزئية التي أجريت خلال الفترة الأخيرة، التي حسمهما الحزب لصالحه في اقتراع الخميس 12 سبتمبر الجاري، فإنهم لا يتحصلون على شيء كما حصل في انتخابات سبتمبر 2021”.
وعلق عضو المكتب السياسي للحزب محمد أوجار على نتائج حزب العدالة والتنمية بأن “المغاربة من طردوكم من الحكم عبر الصناديق ووفق المنهجية الديمقراطية في انتخابات 2021، وعند كل انتخابات جزئية تأبى الصناديق إلا أن تعاقب المتاجرين بالدين”، لافتا إلى أن العدالة والتنمية “دبر 10 سنوات وقرر المغاربة معاقبته عبر صناديق الاقتراع”.
وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، أن “تمكن مرشح حزب التجمع الوطني للأحرار سعد بنمبارك من التفوق في دائرة المحيط بالرباط، مع تذيل حزب العدالة والتنمية أرقام التصويت رغم نزوله الشخصي إلى ساحة المعركة السياسية لكسب أصوات الناخبين بدعم مرشح حزبه، يؤكد أن الحزب أراد في هذه المحطة الخروج من صدمة الانتخابات التشريعية لسنة 2021، دون جدوى”.
وقال إن “بنكيران فشل في العودة إلى خطة اللعب على القضايا الاحتجاجية من طرف المعلمين والأطباء والمحامين والطلاب، إلى جانب مواضيع الغلاء والصعوبات التي رافقت الحكومة الحالية، كما اعتمد العزف على القضايا الخلافية أو المحظورة وقضايا الحريات الفردية، للعودة إلى الكتلة الناخبة الحاضنة له تاريخيًا في هذه المنطقة.
◄ هيئة الانتخابات رفضت أحكاما أصدرتها المحكمة الإدارية بإعادة ثلاثة مرشحين بارزين إلى السباق الرئاسي
ولفت لزرق إلى أن “هذه الانتخابات الجزئية محطة استفتاء على استمرار الثقة في الحكومة والمساندة لها، خاصة في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة نتيجة أزمة الغلاء التي تعرفها الفئات الاجتماعية، وبالنسبة إلى المواطن لازالت نظرته سلبية للعدالة والتنمية بعد ولايتين حكوميتين”.
وفي إشارة منه إلى مرشح الأغلبية قال بنكيران إن “مرشح حزب الأحرار لا وجود له في الشارع ولا يتواصل مع المواطنين وهو يقولون إنهم يقومون بالحملة الصامتة بمعنى أنهم يقومون بأشياء أخرى ومعتمدين على الأموال”، مضيفا أننا “كمواطنين لا يمكننا التأثير في القرار السياسي إلا عن طريق الانتخابات باعتبارنا تيارات سلمية وأحزابا سلمية ليس بأيدينا إلا المشاركة في الانتخابات”.
وتتميز دائرة الرباط المحيط بمشاركة قيادات بارزة من الأحزاب السياسية وتنافس حاد جعلها ترتبط بوسم “دائرة الموت” والتي شهدت، على إثر انتخابات 2016 فوز العدالة والتنمية بمقعدين بعدما حصل على المرتبة الأولى بنيله 44.16 في المئة من عدد الأصوات، قبل خسارته في استحقاقات 2021، التي عرفت ترشح سعدالدين العثماني الأمين العام للحزب حينها، والذي انهزم لصالح عبدالرحيم واسلم، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، واستمر في مقعده البرلماني إلى أن أعلنت المحكمة الدستورية، في يوليو الماضي، تجريده من عضويته في مجلس النواب على خلفية إدانته في قضية مالية.
وأثناء الحملة الانتخابية حاول حزب العدالة والتنمية صنع دراما سياسية بهدف إزاحة مرشح الحزب الحاكم في دائرة سبق وأن خسر فيها الأمين العام السابق سعدالدين العثماني، لكن الناخب المغربي في الدائرة الانتخابية لم يتجاوب وأبقى المقعد بيد مرشح الحزب الحاكم البديل.
وقال راشيد الطالبي العلمي، عضو المكتب السياسي لحزب الأحرار، خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الخامسة للجامعة الصيفية لشبيبة الأحرار، “إن الكلام، خبيثا كان أو جميلا، لا يدخل صندوق الاقتراع، ومن الآن، رَبحنا رهان انتخابات 2026، والدليل القاطع هو نتائجنا في الفقيه بن صالح وحي المحيط بالرباط، وبنكيران إذا لم يفهم نتائج الصناديق فكيف له أن يفهم تسيير البلاد؟”.
ولم تنته مراهنة بنكيران وحزبه على استثارة الناس من بوابة الغضب على الائتلاف الحاكم، بالفشل فقط، بل سيقف داخل العدالة والتنمية الآن من يقول مبكرا إن إستراتيجية استقطاب الناس بالإشارة إلى أخطاء الائتلاف الحاكم غير كافية لاستعادة الإسلاميين ولو جزء من مكانتهم.
وحاول العدالة والتنمية بقيادة بنكيران العودة إلى المشهد السياسي عبر الانتخابات الجزئية التي فشل في النجاح في أي منها وآخرها دائرة المحيط بالعاصمة الرباط، بعد فقدان الحزب صدارة المشهد عقب انتخابات 8 سبتمبر 2021، بعد ولايتين متتاليتين، ليقتصر رصيده داخل مجلس النواب على 13 نائبا، بعدما كان القوة الأبرز خلال الولاية السابقة بـ125 نائبا.