أمام عزوف الجزائريين عن التصويت.. مرشح العسكر تبون يخرق الصمت الانتخابي
وسط أجواء من العزوف الشعبي عن التصويت، في انتخابات يعتبرها العديد من الجزائريين محسومة مسبقًا لصالح مرشح النظام، خرج الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون عن الصمت الانتخابي المفروض، داعيا الجزائريين إلى التصويت خلال إدلائه بصوته في يوم الاقتراع، السبت 7 شتنبر 2024. هذه الخطوة أثارت جدلاً واسعًا حول احترام قواعد العملية الديمقراطية ومدى صدقية هذه الانتخابات التي باتت في نظر شريحة كبيرة من الجزائريين مجرد واجهة لتكريس سيطرة النظام العسكري.
محاولة يائسة لرفع نسبة المشاركة
رغم أن الحملة الانتخابية توقفت رسميا يوم الثلاثاء 3 شتنبر، إلا أن المترشح عبد المجيد تبون استغل تغطية وسائل الإعلام لعملية تصويته لمواصلة دعوته الناخبين للمشاركة بكثافة في الانتخابات. هذه الخطوة تعكس قلقا واضحا من تدني نسبة المشاركة، حيث لم تتجاوز 5% حتى منتصف يوم الاقتراع، وفقا لما أعلنته السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
هذا الخرق العلني للصمت الانتخابي يشير إلى مدى الضغط الذي يشعر به النظام أمام عزوف الجماهير. فتبون، الذي يعتمد بشكل رئيسي على دعم المؤسسة العسكرية والأجهزة الخاضعة لها، يبدو أنه يدرك أن انخفاض نسبة المشاركة سيضعف شرعيته في حال إعادة انتخابه.
وعلى الرغم من أن النظام العسكري لجأ إلى عدة أساليب وآخرها منع كل ما من شأنه أن يشغل الناخبين عن التصويت خلال يوم الاقتراع، إلا أن تلك لم تجد نفعا أمام اللامبالاة الشعبية الواسعة تجاه الانتخابات.
عمي تبون والطوابير
خلال كلمته التي ألقاها أمام حشد من الصحفيين وعدسات الكاميرات، تعمد تبون أن يلتفت نحو اليمين قبل أن يقول: « آرى طابورا من الشباب قد جاء للتصويت »، معتبرا ذلك دليلا على دعم الجيل الجديد له. ثم واصل حملته الدعائية من خلال دعوة الناخبين إلى المشاركة بكثافة في التصويت من أجل « جزائر منتصرة »، وهو شعار حملته الانتخابية.
وجرت هاته الخرجة الإعلامية على « عمي تبون » انتقادات لاذعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين سخروا من تجاهله للواقع المعيشي المرير الذي يدفع العديد من الشباب الجزائريين إلى الهجرة غير الشرعية بحثًا عن حياة كريمة في الخارج.
وانهالت التعليقات الغاضبة من تبون، بين من يعيب عليه خرقه للصمت الانتخابي يوم الاقتراع، وبين من يلومه على الابتهاج بطابور الشباب المقبل على التصويت وتجاهله للطوابير الأخرى.. مؤكدين أن الطوابير الحقيقية التي تعبر عن الواقع الجزائري اليوم هي طوابير المهاجرين الذين يلقون بأنفسهم في البحر بحثا عن العيش الكريم المفقود في بلاد النفط والغاز، وليس طوابير المصوتين.
الإعلام يواصل التحيز
في ضرب صارخ لقواعد الحياد المهني، تولى الإعلام الرسمي الجزائري وعدد من الجرائد والصحف الموالية للمؤسسة العسكرية دورا كبيرا في تلميع صورة تبون خلال يوم الاقتراع.
فبالرغم من انتهاء الحملة الانتخابية، خصصت وسائل الإعلام تغطية واسعة لأنشطة مرشح النظام وأنصاره، متجاهلة بشكل واضح باقي المرشحين. هذه التغطية الموجهة جاءت في إطار مساعي النظام للتأثير على الناخبين، ومحاولة رفع نسبة المشاركة المتدنية التي تهدد بفضح ضعف شرعية النظام الحالي.
شرعية على المحك
هذا الخرق الواضح للصمت الانتخابي من قبل تبون ووسائل الإعلام الرسمية يعكس حالة من الارتباك داخل النظام في مواجهة عزوف الشعب عن المشاركة في العملية الانتخابية. فالشرعية الانتخابية التي يسعى النظام للحصول عليها باتت في مهب الريح، في ظل إحساس جماعي بأن الانتخابات لا تعكس تطلعات الشعب بقدر ما تخدم أجندة المؤسسة العسكرية.
ويبدو أن النظام الجزائري أمام امتحان صعب للحصول على شرعية حقيقية في ظل مقاطعة واسعة من قبل الناخبين، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول مستقبل الديمقراطية في الجزائر ومدى قدرة النظام على إعادة بناء الثقة مع المواطنين.