رأي قانوني بريطاني بأحقية حركة القبائل بالجزائر في استفتاء لتقرير المصير
أصدر محامون بارزون في المملكة المتحدة رأيا قانونيا يؤكد أهلية أكثر من 10 ملايين شخص من القبائل، الذين يعيشون داخل الحدود الجزائرية الحالية أو المنفيين اختياريا في الخارج، ليكونوا “شعبا” بموجب القانون الدولي. ويمثل هذا الاعتراف غير المسبوق، الذي مُنح لحركة تقرير مصير منطقة القبائل، خطوة مهمة إلى الأمام في إطار سعي شعب منطقة القبائل منذ فترة طويلة إلى تقرير مصيره.
وتصاعدت في السنوات الأخيرة، مطالب تدعو إلى استقلال منطقة القبائل ذات الغالبية الأمازيغية، والتي كانت عبر التاريخ منطقة شبه مستقلة عن باقي المناطق الجزائرية الحالية. وسبق وأن أعلن زعيم الحركة من أجل استقلال منطقة القبائل بالجزائر (الماك) فرحات مهني من أمام مقر الأمم المتحدة في نيويورك في أبريل الماضي، عن ولادة دولة القبائل، في خطوة لا تخلو من رمزية.
وكان مهني أسس في عام 2002 حركة تقرير مصير منطقة القبائل في باريس، ثم شكل لاحقا حكومة منفى مؤقتة بفرنسا ونصب نفسه رئيس دولة وقال مرارا إنه لا يعتبر نفسه جزائريا، مما دفع الجزائر إلى سحب الجنسية منه.
ورغم سعي النظام الجزائري لقمع أي دعوات في الداخل تحث على انفصال القبائل، إلا أن ذلك لم يزد المطالبين بحق تقرير المصير، إلا إصرارا على إيصال صوتهم. ويرى متابعون أن الرأي القانوني الصادر عن محامين بارزين من شأنه أن يشكل ضغطا إضافيا على النظام الجزائري، ويعزز موقف دعاة تقرير المصير في القبائل.
وصدر الرأي القانوني عن الأستاذ روبرت ماكوركوديل من شركة المحاماة “بريك كورت تشامبرز” والسيدة بينيلوبي نيفيل من شركة المحاماة البريطانية “إسيكس كورت تشامبرز”. ويخلص تحليلهما إلى أن “سكان منطقة القبائل هم ‘شعب’ بموجب القانون الدولي لذلك يصبح لهم الحق الإنساني في تقرير المصير بموجب القانون الدولي”.
ويعدّ هذا أول اعتراف قانوني مستقل بوضع شعب القبائل كمجموعة متميزة تتمتع بحق تقرير مصيرها بموجب القانون الدولي. ويوفر أساسا موثوقا وثابتا لادعاءات حركة القبائل ويمكن أن يؤثر على المناقشات المستقبلية في المنتديات القانونية والسياسية الدولية.
وجاء الاعتراف بحق شعب القبائل في تقرير مصيره في وقت حساس، حيث تواجه الجزائر تدقيقا دوليا متزايدا بسبب قمعها المستمر للفضاء المدني. وأبلغت منظمة العفو الدولية، خلال الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية التي تجري السبت، عن حملة قمع كبيرة تقوض حقوق الإنسان، بما يشمل الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات.
وأدخلت السلطات الجزائرية، خلال السنتين المنقضيتين، سلسلة من التعديلات القانونية التقييدية. وكان من أبرزها التغييرات على قانون العقوبات في أبريل 2024، التي خنقت الحريات أكثر. ودعت منظمة العفو الدولية إلى جانب منظمات أخرى السلطات الجزائرية إلى وضع حد لحملتها القمعية المستمرة، والإفراج فورا عن المعتقلين لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية، وضمان حماية حقوق الناس في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها في البلاد.
وقال أمجد يامين، نائب مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، لقد “شهدت الجزائر تقويضا مطردا لحقوق الإنسان في السنوات الأخيرة من خلال حلّ السلطات للأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقلة، إلى جانب تصاعد الاعتقالات والمحاكمات التعسفية باستخدام تهم الإرهاب الملفقة. ومن المثير للقلق أن هذا الواقع يظل قاتما قبيل انطلاق الانتخابات”.
ورحبت حركة تقرير مصير منطقة القبائل بالرأي القانوني الصادر من لندن باعتباره إقرارا تاريخيا لحق الشعب القبائلي في تقرير مصيره، وحثت المجتمع الدولي على دعم قضيتها. ودعت السلطات الجزائرية إلى احترام القانون الدولي، ووقف حملتها على المعارضة السياسية، وحماية الحقوق الأساسية التي يجب أن يتمتع بها جميع المواطنين.
واعتبر مهني أن “هذا الرأي القانوني ليس مجرد انتصار لشعب القبائل، ولكنه علامة بارزة في الكفاح العالمي من أجل حقوق الإنسان وتقرير المصير. ندعو المجتمع الدولي إلى الوقوف معنا ودعم حق شعب القبائل في تقرير مستقبله”.