المغرب يفتح الباب للصين للمشاركة في المبادرة الملكية الأطلسية

شكل منتدى التعاون الاقتصادي في دورته التاسعة بين الصين وأفريقيا فرصة لبحث سبل توسيع آفاق التعاون بين بكين والرباط، في ظل إيلاء الصين اهتماما خاصا بالقارة السمراء، والحضور المؤثر للمملكة المغربية داخل القاهرة  وتبنيها مقاربات عملية تصب في تحقيق التكامل في العلاقات بين الدول.

أعلن المغرب، الخميس، من العاصمة الصينية بكين، بمنتدى التعاون الاقتصادي في دورته التاسعة بين الصين وأفريقيا في الفترة ما بين 4 – 6 سبتمبر الجاري، عن فتح أبوابه للصين كي تكون طرفا في المبادرة الملكية الأطلسية التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس، من أجل تمكين دول منطقة الساحل من الوصول إلى المحيط الأطلسي، وذلك عبر ميناء الداخلة الجديد.

وخلال تمثيله الملك محمد السادس في القمة الصينية – الأفريقية، قال رئيس الحكومة عزيز أخنوش إن المملكة تبقى “مستعدة للمساهمة في إعطاء مضمون ملموس لمنتدى التعاون الصيني – الأفريقي، عبر تطوير آلياته وبرامجه ومبادراته في مختلف القطاعات”، موضحا أن ذلك سيتم في إطار المزيد من الانفتاح على التجربة الصينية الرائدة، خاصة أن أهداف هذا المنتدى تتقاطع مع مجموعة من المبادرات التي أطلقها الملك محمد السادس، والتي تعكس التزام المغرب بالسلام والاستقرار والتكامل الإقليمي والتنمية المستدامة في أفريقيا.

ومع تسارع حدوث تغييرات جيوسياسية عميقة في عالم أصبح متعدد الأقطاب، فإن العمل المشترك من قبيل تعزيز التعاون الصيني – الأفريقي ضروري لربح مختلف الرهانات، حيث تطرق رئيس الحكومة إلى المبادرة الملكية لتيسير وصول بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي التي تهدف إلى توفير وصول مباشر ومفيد أكثر إلى المحيط لبلدان الساحل، مما سيسهل التجارة والتبادلات الاقتصادية، بالإضافة إلى انفتاح المملكة على ورش إستراتيجية أخرى، وهي مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا – المغرب، موردا أنه “يهدف إلى إنشاء ممر طاقة إستراتيجي يعزز التعاون في مجال الطاقة وينشط النمو الاقتصادي في المنطقة”.

ويمثل مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا – المغرب الذي ستبلغ سعته حوالي 30 مليار متر مكعب، رافعة إستراتيجية للاندماج الإقليمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب أفريقيا، وهو ما دفع المغرب إلى فتح باب الانضمام إلى الصين على غرار دول أفريقية آخرها: ليبيريا وبنين وساحل العاج وغينيا في يونيو 2023، وقبل ذلك أعلنت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “سيداو” توقيع مُذكرة تفاهم مع المغرب ونيجيريا، لتأكيد الالتزام المشترك بتنفيذ المشروع، وقبلها انضمت موريتانيا والسنغال.

 

محمد الطيار: المبادرة الملكية الأطلسية تهدف إلى بناء التنمية المستدامة

وأكد سفير المغرب بالصين عبدالقادر الأنصاري في حوار مع وكالة “شينخوا” الصينية بمناسبة قمة منتدى التعاون الصيني – الأفريقي، أن العلاقات المغربية – الصينية تشهد تطورا ملحوظا على جميع الأصعدة، لاسيما في مجالات التعاون الاقتصادي والتبادل الثقافي، مسجلا أن الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، تهدف إلى تحقيق تنمية شاملة تخدم مصالح البلدين، مذكرا بأن المغرب، الذي يتمتع بموقع جيوستراتيجي مهم كبوابة لأفريقيا وجسر لأوروبا وطريق نحو القارة الأميركية، كان من أوائل البلدان التي وقعت مذكرة تفاهم بشأن هذه المبادرة.

وقال محمد الطيار، الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، في تصريحات لـه إن مبادرة الحزام والطريق الصينية تلتقي في جوهرها مع مجموع المبادرات التي أطلقها الملك محمد السادس والتي تخص أفريقيا بالأساس، كالمبادرة الملكية الأطلسية والتي تهدف إلى بناء التنمية المستدامة وفك العزلة عن دول الساحل الأفريقي عبر ميناء الداخلة الجديد وتسهيل التجارة والتبادلات الاقتصادية، ومشروع أنابيب الغاز نيجيريا – المغرب، الذي يهدف كذلك إلى إنشاء ممر طاقة إستراتيجي، من شأنه تعزيز التعاون في مجال الطاقة والرفع من مستويات النمو الاقتصادي في أفريقيا، وسيشكل فرصة للصين من أجل التموقع أكثر في أفريقيا في ظل التنافس الإستراتيجي بينها وبين الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة.

وشدد أخنوش على أن المملكة على قناعة بأن “الشراكة الإستراتيجية بين الصين والدول الأفريقية تشكل ركيزة قوية بالنسبة إلى قارتنا”، معتبرا أن الصين، ومن خلال دعمها لهذه المبادرات، لن تعمق شراكتها مع المغرب فحسب، بل ستلعب أيضا دورا حاسما في تعزيز الاستقرار الإقليمي والازدهار في أفريقيا، بما يتماشى مع مبادراتها العالمية، ومذكرا بزيارة الملك محمد السادس إلى جمهورية الصين الشعبية، في مايو 2016، التي تُوجت بإقامة علاقات الشراكة الإستراتيجية، التي تعكس مدى الإمكانات المتاحة بين البلدين، وتجسد الإرادة السياسية القوية والصادقة للبلدين في الإسراع ببلورة هذه الرؤية المشتركة على أرض الواقع.

وبخصوص منتدى التعاون الصيني – الأفريقي (فوكاك)، اعتبر السفير المغربي بالصين أن هذا الإطار يسعى إلى تعزيز التعاون في مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك في مجالات الأمن والسلام، حيث يتم وضع تصورات وإستراتيجيات تسهم في استتباب الاستقرار الضروري لتحقيق التنمية المستدامة في القارة الأفريقية، مسجلا أن الحكومة المغربية تسعى لإشراك الشركات الصينية في تنفيذ عدد من المشاريع المرتبطة باستضافة المغرب لكأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال.

ولفت محمد الطيار في تصريحاته لـه إلى أن دعوة المغرب للصين للمشاركة في مبادرات العاهل المغربي من شأنها كذلك تعزيز المبادرات الاقتصادية التي تقوم بها لتعزيز نفوذها وتحقيق أهدافها الجيوسياسية، لذلك فمن المرجح أن تنخرط الصين بقوة وتلبّي دعوة المغرب بحكم حجم المزايا الاقتصادية والإستراتيجية التي يمكن تحقيقها، كما أن مشاركة الصين في المشاريع التي جاءت بها مبادرات الملك محمد السادس في أفريقيا، تنسجم كذلك مع مخرجات زيارة العاهل المغربي إلى جمهورية الصين الشعبية في مايو 2016، والتي عرفت التوقيع على إقامة علاقات الشراكة الإستراتيجية بين الدولتين والتي من خلالها تم تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: