رفض إشراك بوليساريو في منتدى الصين – أفريقيا ضرب لأطروحة الانفصال

رفضت الصين حضور جبهة بوليساريو إلى قمة الصين- أفريقيا، التي بدأت أعمالها الأربعاء، كما هو الحال مع منتدى إندونيسيا – أفريقيا الذي عقد في بالي يومي 2 و3 سبتمبر الجاري رغم محاولات الجزائر فرضها في الساعات الأخيرة من انطلاق المنتدى. ويكرس الرفض الصيني فشل سعي الجزائر وبوليساريو إلى التسويق للأطروحة الانفصالية في القمم الهامة.

وكانت الجزائر قد استبقت انعقاد القمة بإجراء اتصالات مع الجانب الصيني، وباستقبال وزير خارجيتها أحمد عطاف في 22 أغسطس الماضي سفير الصين في الجزائر، حيث أشار بيان لوزارة الخارجية الجزائرية إلى أن اللقاء “يندرج في إطار التحضير لمشاركة الجزائر في أشغال قمة منتدى التعاون الأفريقي – الصيني”، بيد أن سعي الجزائر إلى إقناع الجانب الصيني بإقحام بوليساريو في هذا الاجتماع باءت بالفشل، بعد أن حصرت الصين لائحة المشاركين في الدول الأعضاء بالأمم المتحدة.

وسبق للصين أن رفضت جميع المحاولات الجزائرية والجنوب أفريقية لدعوة جبهة بوليساريو إلى المنتديات، سواء تلك التي أقيمت في الصين أو في الدول الأفريقية، وهو ما يعكس موقف الصين الداعم للوحدة الترابية للمغرب واحترامها للقرارات الدولية ذات الصلة، واستمرار بكين في اتباع سياسة ثابتة تجاه قضية الصحراء المغربية، وهي سياسة تقوم على احترام الشرعية الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وأكد هشام معتضد، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإستراتيجية، في تصريحات لـه ، أن رفض تواجد بوليساريو بالمنتدى الصيني – الأفريقي وأيضا منتدى أندونيسيا – أفريقيا، اللذين تشارك فيهما دول الاتحاد الأفريقي، انتصار لجهود الدبلوماسية المغربية، ونتيجة للتغيرات السياسية الأخيرة داخل القارة الأفريقية والاعترافات المتتالية بسيادة المغرب على صحرائه والتي تشير إلى تحول في مواقف العديد من الدول تجاه بوليساريو، وأن على المغرب استغلال موقعه ودوره ونفوذه المتزايد داخل القارة للضغط من أجل إدراج مسألة طرد بوليساريو على جدول أعمال قمم الاتحاد الأفريقي.

وفي ظل عدم توفر بوليساريو على أي وضع قانوني لدى الأمم المتحدة، باعتراف من الأمين العام للأمم المتحدة نفسه، مع تزايد عدد الدول التي تعيد النظر في علاقاتها مع بوليساريو وتدعم سيادة المغرب على الصحراء، رجح هشام معتضد في تصريح لـ“العرب” تطور الموقف لصالح المغرب مع تصاعد الضغوط داخل الاتحاد الأفريقي لإعادة النظر في عضوية هذا التنظيم الانفصالي وعزله قاريا، ويمكن أن يتمثل السيناريو المستقبلي في تحرك دبلوماسي تقوده دول محورية بهدف تحقيق تعديل على الميثاق أو تفعيل آلية جديدة تسمح بطرد بوليساريو.

 

هشام معتضد: هناك حاجة إلى إعادة النظر في عضوية بوليساريو

ويمثل رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، العاهل المغربي الملك محمد السادس في قمة منتدى التعاون الصيني – الأفريقي التي تنعقد ببكين من 4 إلى 6 سبتمبر الجاري، مرفوقا بوزيري الخارجية والاستثمار والالتقائية، إلى جانب وفد من رجال الأعمال المغاربة برئاسة شكيب لعلج رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب.

وشكل الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني – الأفريقي فرصة أمام وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة للتباحث مع العديد من نظرائه، ودراسة سبل ووسائل تعزيز السلام والاستقرار والتنمية بالقارة الأفريقية من خلال تعاون جنوب – جنوب فعال، وكذلك من خلال التعاون الثلاثي مع الصين في إطار منتدى التعاون الصيني – الأفريقي، وذلك طبقا لتوجيهات الملك محمد السادس.

ويشكل منتدى التعاون الصيني – الأفريقي (فوكاك)، الذي يحتفل هذه السنة بالذكرى الرابعة والعشرين لتأسيسه، شراكة متميزة بين الصين والقارة الأفريقية، قائمة على المبادئ الأساسية للتضامن والتعاون واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية، وهو ما حدّ من ضغوط الجزائر لتمكين بوليساريو من الحضور، وقد وصف مراقبون ذلك بانتكاسة أخرى لداعمي الأطروحة الانفصالية.

وليست هذه المرة الأولى التي ترفض فيها بكين إشراك بوليساريو في منتدى الشراكة مع أفريقيا، فخلال احتضانها لأشغال هذا المنتدى في سبتمبر 2018، وجهت الصين الدعوة لكل أعضاء الاتحاد الأفريقي، باستثناء بوليساريو، رغم الضغوط التي مارستها الجزائر وجنوب أفريقيا، وهو الموقف الذي ينسجم مع سياسة الصين القائمة على احترام سيادة الدول ووحدة ترابها، والتي تتبنى موقفا محايدا من النزاع المفتعل حول الصحراء، والذي يقوم على دعم جهود الأمم المتحدة الرامية إلى إيجاد حل سياسي متوافق بشأنه لهذا النزاع الإقليمي.

وتضييقا على توظيف الجزائر مختلف المنتديات الإقليمية والدولية في الضغط لاستضافة بوليساريو في اجتماعاتها، نص مشروع قرار الاتحاد الأفريقي الجديد على حصر مشاركة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة فقط في المحافل الدولية الكبرى، التي تُشكل أهمية كبرى للقارة في المجالات الاقتصادية والسياسية، والتي يحضرها رؤساء الدول والحكومات، ما يعني استبعاد جبهة بوليساريو، ما دفع أحمد عطاف، وزير الخارجية الجزائري، إلى توجيه انتقادات لاذعة بسبب رفض العديد من الدول الأفريقية مشاركة جبهة بوليساريو في قمم الشراكة التي تجمع الاتحاد الأفريقي بعدد من الشركاء الدوليين، منهم الصين واليابان وإندونيسيا.

وفي السياق ذاته أفشل المغرب تسلل عناصر بوليساريو إلى اجتماع تحضيري لقمة “تيكاد” الأفريقية – اليابانية المقرر عقد نسختها الثامنة خلال السنة المقبلة، بعدما تمكن عناصر من الجبهة الانفصالية من ولوج قاعة الاجتماعات عبر استخدام جوازات سفر دبلوماسية جزائرية، وحضروا باعتبارهم ضمن شخصيات جزائرية دبلوماسية، وقد دفع ذلك اليابان إلى التصريح بأنها لا تعترف ببوليساريو وأنها غير مرغوب فيها في القمة المقبلة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: