سفيرة كينية لأول مرة في المغرب لتحقيق التقارب الكامل بين البلدين
استقبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة بمقر الوزارة بالرباط، سفيرة كينيا الجديدة بالمغرب جيسيكا موثوني غاكينا، تجسيدا لقرار قيادة المغرب وكينيا تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. وقد تسلم رئيس الدبلوماسية المغربية من السفيرة الكينية نسخا من أوراق اعتمادها كسفيرة مفوضة فوق العادة لجمهورية كينيا، لدى العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وتم تعيين جيسيكا موتوني غاكينا، كأول سفيرة في تاريخ العلاقات بين المغرب وكينيا، وذلك بعدما حظيت بموافقة لجنة الدفاع والعلاقات الخارجية بالبرلمان الكيني بداية الشهر الجاري. وكان أعضاء مجلس الشيوخ الكيني قد طالبوا بإصلاح العلاقات الدبلوماسية بين بلادهم والمملكة المغربية، في ظل ما يعتبرونه تدهورًا في العلاقات بين البلدين، والإسراع بفتح سفارة كينية في العاصمة الرباط بالنظر إلى ما يُمكن أن تجنيه نيروبي من فوائد على العديد من الأصعدة بهذه الخطوة مع المغرب.
وأمام اختراق جديد للدبلوماسية المغربية لواحدة من الدول التي مازالت ضمن قائمة داعمي جبهة بوليساريو الانفصالية، أكد سفير المملكة المغربية المعتمد لدى جمهوريتي كينيا وجنوب السودان، عبدالرزاق لعسل، في تصريحات سابقة، أن “العلاقات الكينية – المغربية في تصاعد مستمر تقريبا منذ سنتين من الآن، حيث يوجد تبادل في الزيارات الرسمية، ولقاءات بين المسؤولين مع وجود مشاورات سياسية في العاصمة الرباط، ما يعني أن العلاقات في تصاعد مستمر، ولنا اطمئنان بأن العلاقات ستصل إلى مستويات جد متقدمة مستقبلا”.
وأكد هشام معتضد، الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية والإستراتيجية، أن “تعيين كينيا لأول سفيرة بالمغرب يؤشر على زيادة مستوى العلاقات الدبلوماسية بين الرباط ونيروبي والدفع بالعلاقات المغربية – الكينية إلى مستويات أفضل”.
وأوضح أن “التعيين الدبلوماسي الجديد على مستوى السفارة الكينية يعد نتيجة مواكبة دبلوماسية وسياسية حثيثة للرباط، تخدم تطوير مجالات التعاون الدبلوماسية والسياسية والأمنية مع هذا البلد، وتعززت مع رئاسة وليام روتو لكينيا، الذي أعطى إشارات إيجابية بخصوص التعاون الثنائي بين بلده والمغرب منذ وصوله إلى سدة الحكم، خاصة أن بلاده تعتبر من بين الدول القلائل التي مازالت تدعم بوليساريو”.
واعتبر معتضد، أن “التحركات الكينية تؤشر على وجود انفتاح من طرف القيادة الجديدة على النموذج المغربي، ودوره الإقليمي، وخاصة التطورات التي يشهدها المجال الاقتصادي، وما يمكن الاستفادة منه على المستوى الزراعي في قطاع الأسمدة”.
ومثل وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، الملك محمد السادس، في القمة الأفريقية حول الأسمدة وصحة التربة، التي جرت فعالياتها في العاصمة الكينية، نيروبي، بين 7 و9 مايو الفارط، التي هدفت إلى إبراز الدور الحاسم للأسمدة وصحة التربة في تحفيز تنمية زراعية أفريقية مستدامة، وذلك من أجل تحقيق التقارب الكامل مع المملكة المغربية، والدفع بالعلاقات الاقتصادية إلى مراحل متقدمة من التعاون.
وكان رئيس كينيا، قد أكد خلال حملته الانتخابية، وحتى بعد تنصبيه رئيسا لكينيا، على أنه سيعمل على خلق علاقات قوية مع المغرب، كما تعهد بضمان توفير أسمدة بأسعار أقل، مبرزا أن هدفه يتمثل في تحسين إنتاج الغذاء وضمان الأمن الغذائي على المدى الطويل، علاوة على خفض أسعار المواد الغذائية بشكل فوري، خاصة أن كينيا ترغب في تحقيق اكتفاء ذاتي من الأسمدة، والمغرب يُعتبر من أبرز البلدان في هذا المجال.
واستشهد السفير عبدالرزاق لعسل بقطاع السكن الاجتماعي حيث يمكن للمغرب أن يتقاسم تجربته الناجحة مع كينيا في هذا المجال، كما يمكن للمملكة أن تستفيد، بالمقابل، من الخبرة الكينية الواسعة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لاسيما في رقمنة القطاع البنكي .
وتأتي خطوة كينيا في إطار تحول في الديناميكية الدولية حول قضية الصحراء المغربية، نتيجة نهج دبلوماسي وعقيدة سياسية خارجية مؤسسة على الحوار البناء والتعاون المثمر، وهو ما مكن المملكة من إرساء علاقات شراكة متوازنة مع مختلف الأطراف داخل أفريقيا وخارجها عززت مكانتها كقوة إقليمية بأدوار كبيرة.
وتزامنا مع الزخم الذي تعرفه العلاقات الثنائية وفي إطار الدبلوماسية الموازية وتعزيز علاقات الشراكة والتعاون بين الجهات المغربية ونظيرتها الكينية، استقبل الخطاط ينجا رئيس جهة الداخلة – وادي الذهب وفد عن جهة كوالي من دولة كينيا، برئاسة فاطمة محمد أتشاني حاكمة جهة كوالي، في مايو الماضي، حيث لفت الخطاط إلى الدور الهام الذي تلعبه الجهة كبوابة للمغرب في أفريقيا جنوب الصحراء، وكذلك الآفاق المستقبلية الواعدة التي سيفتحها مشروع ميناء الداخلة الأطلسي للمنطقة ودول الساحل في إطار المبادرة الأطلسية التي أعلن عنها الملك محمد السادس.
وأكد أعضاء الوفد الكيني على أهمية العلاقات المشتركة بين المملكة المغربية وجمهورية كينيا، لاسيما مع تواجد عناصر مشتركة في المناخ والمؤهلات الاقتصادية والاجتماعية للجهتين، وما يمثله المغرب كموقع إستراتيجي وبوابة العالم على أفريقيا جنوب الصحراء.