جزائريات ضحايا الاستغلال الجنسي بفرنسا

كما لا يمكننا أن نحجب عن الدائرة الباريسية الـ13 نسيجها السكاني الآسيوي، فلا يمكننا أيضا أن نتصور فضاءات باريس وهي خالية من بائعات الهوى الجزائريات اللواتي يمتهن في الظاهر والعلن دعارة الرصيف والبيوت ويتقاسمن مع الفرنسيات وغيرهن من ممتهنات البغاء الوافدات من أقطار أخرى دعارة الفنادق والمراقص التي تدر على شبكات الجنس الفرنسية والدولية ما يفوق عشرة مليارات أورو سنويا، حسب المكتب الفرنسي لردع التجارة الجنسية.

وتكفينا نظرة خاطفة على أماكن اللهو والمراقص الليلية، وأيضا على الحانات المغاربية المتواجدة بكثافة في الأحياء الباريسية المهمشة وفي الضواحي، لنقف على الحضور الكمي المكشوف للجزائريات من مختلف الأعمار اللواتي يتم التعرف عليهن بسرعة من خلال لهجتهن الجزائرية معجونة بلغة فرنسية شعبوية ركيكة. بعضهن جئن بواسطة عقود عمل كاذبة تشترط على المتعاقدات إسعاد الزبناء مقابل أجور تتراوح ما بين 1.300 إلى 1.600 أورو شهريا، والبعض من صنف الطالبات اللواتي يبعن أجسادهن إما بدافع الحاجة لتأمين ظروف الإقامة ومستلزمات الإطلالة الأنثوبة اللائقة، أو بدافع الإغراء والسير على منوال حياة الانفتاح الغربية. وفريق ثالث من من شابات الهجرة الجزائرية انسلخ بشكل إرادي عن أصوله الاجتماعية واختار البغاء والإباحية عن طواعية. وتمكن هذا الفريق من الانخراط في قلب المجتمع المضيف إلى حد أنه يتفادى بنات جلدته، ولا يتماهى إلا مع الوجه المتعفن للحضارة الغربية الذي يعرض الجسد الأنثوي كسلعة تجارية، ويتعامل معه عبر تسويقه في الوصلات الإشهارية والأغاني.

وامتهان الدعارة في أوساط الطالبات العربيات بشكل عام أضحى أمرا عاديا جدا في بلد يعتبر البغاء نشاطا مهنيا كباقي الأنشطة، ويذهب معظم مواطنيه إلى حد مطالبة الدولة بتقنينه، حجتهم في ذلك أن الدعارة موجودة في كل الأحوال وتنظيمها سيعود بالنفع على الحكومة من جهة، لأنها ستستفيد من أرباح ضريبية مهمة، ومن جهة أخرى على العاملات بقطاع الجنس اللواتي ستتم حمايتهن من أضرار  صحية واجتماعية حثيثة.

وتبدأ رحلة العذاب بالنسبة للمستقدمات بعقود، عند الوصول من الجزائر إلى العاصمة باريس، حيث يتحول حلم العيش الجميل إلى جحيم بمجرد اكتشافهن الخدعة، كما يؤكد ذلك موقع “جزاير بريس” استنادا إلى بحث أجرته مؤسسة “فورام” الجزائرية، وهي هيئة تعنى بالرقابة الصحية وتطوير البحث. فوسطاء البغاء الذين يتولون بأنفسهم مهمة الحصول على التأشيرات وتأمين نفقات الإقامة والسفر، يقومون باستدراجهن لا لدعارة المراقص والفنادق، وإنما لأحقر أنواع الدعارة وأشدها استهتارا بالكرامة: دعارة البيوت التي تستدعي من المُستقدمة ممارسة الجنس مع كمّ كبير من الزبناء وبأجور منحطة لا تتجاوز 10 أورو للزبون، يضيف الموقع، قبل أن يشرح كيف يلجأ هؤلاء الوسطاء بعد أن تضيق السلطات الخناق عليهم، إلى بعض السيارات القافلة أو حتى الشاحنات الصغيرة المختفية جنب الحدائق الغابوية بمداخل باريس.

ومن الحقائق الصادمة، يضيف الموقع، أن معدل عمر فئة المُهجّرات بعقود، يتراوح بين 15 و18 سنة وجميعهن قادمات من ولايات بعيدة عن الجزائر العاصمة، وهو تكتيك معروف لدى المتعهدين لتفادي التعرف عليهن أو تعريض حياتهن للخطر.

أما الدعارة الطلابية الجزائرية بباريس، فتنتصب على رأس قائمة البغاء الطلابي العربي والأوروبي وحتى الآسيوي، إذ تحولت بعد سنوات إلى حرفة عند معظمهن لكسب المزيد من المال أو للحصول على وثائق الإقامة بشكل دائم. وتعيش هذه الفئة التي ترفض اليوم العودة إلى وطنها، ضمن مناخين اثنين: بالنهار تجدها ميالة إلى التقوقع داخل بيوتها، حتى إذا أتى الليل، تأخذ وجهة المراقص العربية للبحث عن زبون ليلة تغتال بالقرب منه حالات الإحباط النهارية.

وتلجأ الطالبات اللواتي تحترفن البغاء بدافع المتعة والحصول على المال، تحت شعار الجسد ملك لصاحبه يفعل به ما يريد، إلى الملاهي الليلية العربية، وخاصة اللبنانية والمصرية المتكاثرة بباريس، حيث الأجواء مواتية لاقتياد الزبائن، بعد انتهاء ساعات السهر، لبعض الفنادق المجاورة التي يقارب سعر المبيت بها ال500 أورو.

وتسعى بائعات الهوى الفرنسيات إلى تنظيم أنفسهن نقابيا لمواجهة تدفق الطالبات الوافدات من البلدان العربية ومعظمهن من الجزائر ولبنان وسوريا حيث المنافسة وإن كانت في صالح الفرنسيات فيما يخص الأناقة وحسن الإطلالة، فإنها في غير صالحهن فيما يتعلق بالفتوة وصغر السن وأيضا قبول الطالبات بأسعار تقل كثيرا عن تسعيرة بنات البلد.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: