خطأ أم دعاية مضللة: تصريح تبون بشأن اقتصاد الجزائر يثير السخرية
عاد الرئيس عبدالمجيد تبون لإثارة الجدل على الشبكات الاجتماعية بتصريح غريب جعل فيه الاقتصاد الجزائري يحتل المرتبة الثالثة عالميا، في ما لم يعرف هل هي سقطة أم دعاية انتخابية كما هو حال شعار القوة الضاربة الذي يتهكم عليه الجزائريون على مواقع التواصل.
ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بتصريحات الرئيس عبدالمجيد تبون التي قال فيها إن “اقتصاد الجزائر أصبح هو الاقتصاد الثالث في العالم”؛ وهو ما شكل مادة للتندر والتهكم إذ اعتبر ناشطون أن جهل الرئيس بإمكانيات اقتصاد بلاده مصيبة في حين أن تزييفها عن معرفة مصيبة أكبر تشير إلى عدم إدراك الرئيس لتبعات هكذا تصريحات غير مسؤولة.
واستغرب البعض أن يضع تبون الاقتصاد الجزائري في منافسة مع اقتصاد الولايات المتحدة والصين متناسيا أو متجاهلا الدول الكبرى، وكل ذلك من أجل الدعاية الانتخابية التي تحمّله مسؤولية كبيرة في حال كانت هناك هيئة أو مؤسسة تراقب الحملة الانتخابية بنزاهة.
واعتبر محللون أن جزءا من الأزمة التي تعيشها الجزائر اليوم هي أزمة خطاب ونخب، إثر طغيان نوع معين من الخطاب بعيد كل البعد عن المشاغل اليومية للشعب الجزائري ويحاول تزوير الحقائق والأرقام لحجب حقيقة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المواطن الجزائري.
ولم يجد الكثيرون وسيلة للتعامل مع التصريح الغريب المنافي للمنطق سوى بالسخرية والتندر، وجاء في تعليق:
وتحاشت وسائل الإعلام الجزائرية الرسمية والخاصة نقل هذا التصريح؛ لما فيه من حرج للنظام، ولأنه يؤكد على أن رئيس البلاد يفتقر إلى الدقة في تصريحاته ويلجأ إلى الشطط في سبيل استثارة مشاعر الناخبين واستقطابهم.
ويرى متابعون أن الدعاية السياسية في الجزائر تقوم على الترويج لإنجازات غير موجودة والإدلاء بتصريحات بعيدة عن الواقع، في استخفاف واضح بعقول الناخبين، وهو ما جعل أغلب الجزائريين يفقدون الثقة بالسلطة الحاكمة وبالعملية السياسية ككل؛ لأن كل النخب والأحزاب لا تتحرك إلا ضمن المربع الذي يرسمه النظام.
ولجأ آخرون إلى تعداد إنجازات الجزائر الدبلوماسية في عهد الرئيس تبون والتي هي في الواقع إخفاقات وانعكاس لنجاح الدبلوماسية المغربية الاستثنائي وتقدمها في حصد الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء:
وقبل أيام من إسدال الستار على الدعاية الانتخابية في الجزائر حيث غلبت التعهدات الاجتماعية على خطابات المرشحين الثلاثة، وأنصارهم من خلفيات سياسية مختلفة، في مناخ تنافسي شابته شكاوى من “ظلم وتشويه سمعة” بحق المرشحَيْن المنافسين للرئيس المنتهية ولايته عبدالمجيد تبون، بعد أن وصفتهما وسائل إعلام بـ”الأرانب” في السباق الانتخابي، ورأت المعركة محسومة بشكل مسبق.
وانطلقت الحملة في 15 أغسطس الجاري، وتستمر حتى 3 سبتمبر المقبل، أي قبل 3 أيام من بدء الاقتراع.
وتنقل المرشحون الثلاثة، وهم عبد العالي حساني شريف مرشح حركة مجتمع السلم، ويوسف أوشيش مرشح جبهة القوى الاشتراكية، والمترشح الحر عبدالمجيد تبون، عبر مختلف محافظات البلاد في محاولة لإقناع المواطنين، وسط ميول واضح لصالح الرئيس الحالي، على الرغم من عدم ظهوره بشكل كبير على غرار منافسيه.
وفي وقت وصفت فيه وسائل إعلام محلية حساني وأوشيش بـ”الأرانب” في السباق الرئاسي، وصفهما رئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة بأنهما يتنافسان على المرتبة الثانية.
وبالنسبة إلى الإنجازات الاقتصادية التي يتحدث عنها الرئيس تبون، تؤكد التقارير الإخبارية أن الجزائر أكبر بلد في أفريقيا تزخر بموارد طبيعية هائلة، لكنها “لم تستطع بعدُ، الخروج من دائرة الدول الفقيرة” وفق تحليل أشار إلى هذه المفارقة بمقارنتها بجيرانها، تونس والمغرب.
وجاء في التحليل الذي نشره موقع “وورلد كرانش”، في يوليو الماضي أن ثروة الجزائر الهائلة من الموارد الطبيعية “لم تعد كافية لإخفاء تخلف اقتصاد البلاد عن الجيران المغاربيين، ومن المرجح أن تواجه صعوبات خطيرة حوالي عام 2028”.
ووفق ذات التحليل، سجلت الجزائر لأول مرة منذ استقلالها في عام 1962، أدنى مستوى للناتج المحلي الإجمالي للفرد ضمن البلدان المغاربية الثلاثة، وذلك خلال عام 2021 “قبل أن يرتفع مجددا بسبب ارتفاع استثنائي وجيز في أسعار المحروقات في العام التالي”.
وشهدت أسعار المحروقات ارتفاعا ملموسا بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022، إلى جانب خفض منظمة أوبك وأوبك + للإنتاج مرات عديدة خلال الأشهر الأخيرة.
وتشير بيانات البنك الدولي التي نقلها التحليل إلى أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الجزائري بلغ 3691 دولارا في عام 2021، مقارنة بـ 3807 دولارا لتونس و3795 دولارا للمغرب.
واستخرجت الجزائر التي تعتبر أكبر منتج للغاز الطبيعي في أفريقيا وثالث أكبر منتج للنفط، 101 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في عام 2021 وحوالي 900 ألف برميل من النفط يوميا في نفس العام، وهو ما يشكل 53 ضعفا من الغاز و24 ضعفا من النفط مقارنة بتونس، التي تعد مواردها الطبيعية المحدودة أكبر بكثير من المغرب أيضا، الذي لا يملك أي شيء تقريبا لكنه حقق إنجازات كبيرة على مستوى الاقتصاد.