استراتيجية موفقة للمغرب بعد العفو عن مزارعي القنب الهندي..
خلّف العفو الملكي عن أشخاص مدانين أو متابعين أو مبحوث عنهم في قضايا متعلقة بزراعة القنب الهندي، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، ارتياحاً واسعاً لدى الرأي العام المغربي، خصوصاً وأنه يأتي بعد أيام قليلة من العفو الملكي عن صحافيين بمناسبة عيد العرش.
الخطوة الملكية هي نوع من المصالحة مع هذه الأرض التي لا تنتج غير هذه الزراعة، وأمل للسكان المحليين لبناء اقتصاد عادل ومهيكل وتحقيق ثورة إنمائية تراعي خصوصيات المنطقة وتحقق العدالة في التوزيع المتوازن للموارد والخدمات عبر مختلف المناطق الجغرافية في البلاد.
كما تشكل هذه الخطوة بداية لمرحلة جديدة تأتي في سياق تقنين الزراعة المشروعة للقنب الهندي لأغراض صناعية وصيدلانية وطبية، تجعل المملكة تطمح إلى أن تكون ضمن الدول الرائدة عالمياً في هذا المجال.
تقنين زراعة القنب الهندي والعفو عن مزارعيه سيعززان مشاركتهم في مشروع إنتاج القنب الهندي بشكل قانوني ويسهل اندماجهم من خلال تحقيق دخل محترم يضمن الكرامة ولقمة العيش.
المغرب كان دائماً متصالحاً مع نفسه ولا يجد أيّ حرج في توجيه النقد لنفسه، وإن كان أحياناً يبدو قاسياً، وهنا نستحضر تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة التي تصالح فيها المغرب مع ماضيه ومع سنوات الرصاص، بهدف المضي قدماً في بناء دولة الحق والقانون، وإن كانت تعترضها أحياناً رياح قوية.
◄ الموضوع شكل مطلباً ملحاً رفعته بعض الشخصيات السياسية ودعت إلى ضرورة التقنين والزراعة في إطار القانون، ليأتي العفو عن المزارعين الصغار في سياق التفاعل مع الديناميكية التي عرفتها زراعة القنب الهندي
وتبقى تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة خير مثال على أن المغرب بلد لا يقف عند عثراته وإنما يسعى إلى استخلاص الدروس من أجل تصحيح المسار ومواصلة الطريق.
وقد أثار العفو عن هؤلاء المزارعين نقاشاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي ينتظر فيه الجميع العفو عن معتقلي حراك الريف، بعد الخطوة الملكية بالعفو عن الص حافيين والمدونين، بمناسبة عيد العرش، وهي قفزة نوعية في المسار الحقوقي في مغرب ما بعد 2011.
غير أن تقنين زراعة القنب الهندي هو موضوع آخر نال حقه من النقاش الواسع، وأحياناً الحاد، بين الرافض لفكرة تقنينه والمدافع عن إخراج قانون ينظم زراعته لحماية صغار المزارعين، الحلقة الأضعف، من العواقب القانونية.
كما أن تقنين هذه الزراعة سيكون له دور كبير في إحداث قطيعة مع اقتصاد الريع وحماية الفلاح الصغير، الذي يجني إيرادات مالية بسيطة، رغم أنه هو الموجود في فوهة البركان، والمعرّض للملاحقات القضائية، التي تصل حد المتابعات الجنائية مما يؤدي إلى الحكم عليهم وحرمانهم من حريتهم، كما أن التقنين يأتي لمحاصرة الإنتاج والاستغلال غير المشروع للقنب الهندي.
لقد شكل الموضوع مطلباً ملحاً رفعته بعض الشخصيات السياسية ودعت إلى ضرورة التقنين والزراعة في إطار القانون، ليأتي العفو عن المزارعين الصغار في سياق التفاعل مع الديناميكية التي عرفتها زراعة القنب الهندي، بانتقالها من إطار الممنوعات إلى زراعة مؤطرة بالقانون، وخرجت من دائرة اقتصاد الريع إلى الاقتصاد المهيكل.
إن العفو الملكي هو بمثابة ضخ دماء جديدة في اقتصاد المنطقة ووضع إطار منظم ومهيكل لهذه الزراعة، ومصالحة مع الأرض.
إن الديناميكية التي يعرفها المغرب هذه السنة على مستوى حقوق الإنسان تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الدولة لا تتعامل بمنطق صغير وضيق وانتقامي، بقدر ما تستوعب المعارضين لها وتحاول أن تبني هامشاً كبيراً من الحرية، رغم المطبات والأمواج العاتية أحياناً.
وفي الأخير، نأمل أن تطوي الدولة ملف معتقلي حراك الريف نهائياً، وتفرج عمّا تبقى من نشطائه، من أجل خلق مناخ داخلي يسوده التفاؤل والارتياح، وبناء جبهة داخلية قوية.